ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية يعقّد مسؤولية الحكومة في المغرب

ماموني

تصطدم الحكومة المغربية بقيادة عزيز أخنوش بملفات اجتماعية حارقة تستدعي البحث عن حلول عاجلة، وتتعلق أساسا بارتفاع أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية، وسط انتقادات لاذعة من أحزاب المعارضة المعبرة عن قلقها من تردي الأوضاع، والسياسة التي تنتهجها الحكومة في التعاطي مع الأزمة.

تجد الحكومة المغربية، نفسها أمام تحدي معالجة أزمة ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية، كملف حساس يرتبط بالقدرة الشرائية للمغاربة، وبينما فسّرت الحكومة تلك الزيادات بالارتفاع الصاروخي في أسعار النفط والغاز الطبيعي على المستوى الدولي، تتهم المعارضة والنقابات الحكومة بالتقصير في حلحلة الملف الاجتماعي.

وأكد خالد العلمي الهوير، نائب الكاتب العام للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن “هناك موجة غلاء غير مسبوقة يعرفها المغرب خلال الفترة الأخيرة، مع ارتفاع أسعار المحروقات، ما يؤثر بشكل قوي على العديد من الخدمات والمواد الاستهلاكية وبالتالي يضرب القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين وهو ما نبهت له نقابتنا بالاحتجاج الأحد الماضي”.

وأوضح الهوير في تصريح لـه ، أن “عدم تدخل الحكومة لحماية القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع نسبة البطالة وملامح الجفاف كلها مؤشرات تنذر باحتقان اجتماعي”، مشيرا إلى أن “ما يهمنا هو الاستقرار ولهذا فالحكومة مطالبة بمبادرات وإجراءات اجتماعية، لأننا أكدنا أنه لا بدّ من مواجهة الأزمات والصدمات ببناء الدولة الاجتماعية ومعالجة كل الأنظمة التي تخلق التفاوت”.

وأبدت أحزاب المعارضة قلقها إزاء نهج الحكومة لسياسة التبرير بخصوص المنحى المقلق لارتفاع أسعار المحروقات ومعظم المواد الاستهلاكية الأساسية، وعدم مبادرتها باستعمال صلاحياتها في التدخل الناجع لضبط الأسعار وتخفيف تأثير تقلبات السوق الدولية، بغاية حماية القدرة الشرائية لعموم المواطنات والمواطنين، وخاصة الفئات الضعيفة.

خالد العلمي الهوير: عدم تدخل الحكومة لحماية القدرة الشرائية ينذر باحتقان اجتماعي

وأكد القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي المعارض شقران إمام، أن “ارتفاع أسعار المحروقات وعدد من المواد الاستهلاكية مع ندرة سقوط الأمطار بما ينبئ بسنة جافة وقاسية، يستدعي من الحكومة التفكير في حلول مستعجلة للحيلولة دون تفاقم الأوضاع لدى شرائح واسعة داخل المجتمع وخصوصا القرويين”.

وأضاف ، أن “على الحكومة العمل على إعداد قانون مالي تعديلي يأخذ بعين الاعتبار تغير عدد من الفرضيات المتعلقة بأسعار المحروقات وتوقعات الموسم الفلاحي وغيرها، والحكومة مطالبة بالتعاطي الشفاف مع وضعية تستدعي تعبئة وطنية”.

وقال محمد أوجار، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، إنه “علينا القول بشجاعة إننا نواجه ظروفا مناخية صعبة، وإن الجفاف صعب وأسعار النفط وصلت إلى مستويات ترهق ميزانيتنا العامة وجائحة كورونا ما زالت تؤثر على اقتصادنا”.

وأكد محمد أوجار في لقاء حزبي، أن “فريق الحزب داخل الحكومة له القدرة على التخطيط ووضع استراتيجيات محكمة للتخفيف من هذه التداعيات ومواجهتها بل وجعلها فرصة لانطلاقة تنموية جديدة”.

وأوضحت أحزاب المعارضة التقدم والاشتراكية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والحركة، أن الحكومة مدعوة إلى بلورة برنامج استعجالي للتخفيف من آثار هذه الآفة، ومراجعة اختيارات وتوجهات السياسة المالية في هذه الأزمة، لدعم الفئات المتضررة.

ودفاعا عن إنجازاتها، أكدت الحكومة المغربية على مجموعة من القرارات منها إدماج 11 مليون مغربي في منظومة الحماية الاجتماعية، وإطلاق برنامج “أوراش” لتشغيل مئتين وخمسين ألف مغربية ومغربي، وإعداد برنامج “الفرصة” لتمكين الشباب من قروض شرف لتمويل مشاريع ذاتية، وإطلاق إصلاح حقيقي وشجاع في قطاعي التعليم والصحة وفتح الحوار الاجتماعي مع النقابات لإنجاح هذه الخطوة، في وقت كانت الحكومات السابقة تتعثر أشهرا لتعد برنامجها وتمرر أول قانون للمالية وتتفق على ميثاق للأغلبية.

وأكد خالد العلمي الهوير، “أن نقابته تقدمت بمقترحات قوانين بمجلس المستشارين من أجل تقنين سوق المحروقات وعدم ترك المواطن أمام تغول شركات التوزيع التي تستفيد من أرباح خيالية على حساب معاناة المواطن فضلا عن إعادة تشغيل المصفاة الوحيدة بالمغرب، شركة سامير”.

شقران إمام: الحكومة مطالبة بإعداد قانون مالي تعديلي لأسعار المحروقات

وأشار لحسن السعدي البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، أن “الحكومة واجهت منذ تنصيبها مجموعة من الصعوبات، ورثتها عن التدبير الكارثي للسنوات العشر الأخيرة، وتداعيات جائحة كورونا والانكماش الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق العالمية وارتفاع تكاليف النقل الدولي، والجفاف”.

وفضلا عن انتقادات لحكومة أخنوش في معالجة الملفات الاجتماعية الراهنة من طرف أحزاب المعارضة والنقابات، انتقل الموضوع إلى وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة تذكر بحملة المقاطعة التي استهدفت شركة عزيز أخنوش للمحروقات “أفريقيا” سنة 2018 عندما كان عضوا في الحكومة كوزير للزراعة والصيد البحري.

وعلق البرلماني لحسن السعدي بأن “الحكومة والحزب مستمران في جهود إخراج البلاد من الأزمة بأقل الخسائر، رغم الضربات والحملات الممنهجة والممولة من داخل المغرب وخارجه، ورغم التحامل وبلاغات الليل”.

ويرى مراقبون أنه لا بد على الحكومة من قطع الطريق أمام أي جهة حتى لا يتم استغلال أزمة المحروقات وأسعار المواد الغذائية وشحّ الأمطار لتأليب الرأي العام على الأحزاب التي تدير الشأن الحكومي.

وتعليقا على هذا التطور يعتقد شقران إمام، في تصريحه ، أن “جميع الفاعلين بما في ذلك المعارضة يجب عليهم التعاطي بواقعية وتغليب المصلحة العامة، ذلك أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في ظل ما سبق وكذلك تداعيات الجائحة يقتضي كثيرا من المسؤولية وعدم الانسياق وراء الخيارات السهلة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: