ضبابية سياسة حكومة أخنوش تزيد من معدلات الفقر بالمغرب

بوشعيب البازي

بدأت تداعيات السنوات العشر الأخيرة التي شهد فيها المغرب مرحلة انتقالية بعد دستور2011 تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. وتعدّ الأزمة التي تعصف بالبلد المتوسطي نتيجة منتظرة لفشل سياسات الحكومات المتعاقبة تضاف إليها تداعيات جائحة كورونا، حيث دفعت هذه الأوضاع المغاربة إلى دائرة الفقر، فيما تبدو حكومة أخنوش أمام تحدّ صعب يفرض عليها معالجة الأزمة الراهنة والالتزام بإصلاحات اقتصادية يفرضها المانحون الدوليون.

بروكسيل- زادت ضبابية السياسات الحكومية في المغرب من معدلات الفقر في البلاد، فيما حالت الصراعات السياسية والأزمة الاقتصادية الخانقة دون احتواء هذه الظاهرة التي توسّعت رقعتها بشكل مقلق قبل الجائحة وبعدها.

وكشف تقرير جديد للبنك الدولي أن مازال الانتعاش الاقتصادي غير متجانس، إذ مازالت بعض القطاعات مثل السياحة تتأثر بشدة بالصدمات، ومازالت المخاطر الوبائية والمالية الكلية واضحة، مع المؤشرات الاجتماعية التي لم تعد بعد إلى مستوى ما قبل الجائحة.

و في ظل استمرار التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا كوفيد -19 التي لم تزد إلا في تعميق جراح الفقراء بالمغرب، إذ ارتفع عددهم الى مستويات عليا، حيث كشفت جائحة كورونا عن حقائق الوضع الاجتماعي بالمغرب وكشفت عن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الصدد، أكد بوشعيب البازي ،مدير النشر لجريدة أخبارنا الجالية، أن جائحة كورونا، هي أحدث المخاطر المباشرة التي تهدد جهود الحد من الفقر، لأنها كارثة اقتصادية عالمية لا تزال تأثيراتها السلبية آخذة في الانتشار، وما لم تتخذ بلدان العالم تدابير مناسبة للتصدي لها، فإن التأثيرات التراكمية لهذه الجائحة وتداعياتها الاقتصادية، والصراعات المسلحة، وتغير المناخ، ستتمخض عنها تكاليف بشرية واقتصادية هائلة لفترة طويلة في المستقبل.

وحسب البازي فإنه وفق منظمة الأمم المتحدة، فإن مؤشر الفقر عالميا هو أقل من (1 ,90)، وإذ تخطى المواطن هذا الرقم كمدخول يومي لا يعتبر فقيرا، لكن يضيف أن هذا الرقم لا يمكن مقارنته مع الدرهم المغربي، لأن الدولار يرتفع تارة وأخرى ينخفض. ويخلد المغرب اليوم العالمي للفقر على وقع ارتفاع ملحوظ في نسبة الفقر لدى السكان، حيث تضاعف معدل الفقر في المغرب بمقدار 7 مرات أثناء الحجر الصحي، وحالة الطوارئ الصحية وانتقلت نسبة الفقر من 17.1 في المائة عام 2019 إلى 19,87 في المائة في عام 2020، وظلت الأمور على حالها سنة 2021 بسبب تداعيات جائحة كورونا، وقيود حالة الطوارئ الصحية، حسب تعبير متحدثنا.

بوشعيب البازي : مدير النشر لجريدة أخبارنا الجالية

 

تحديات صعبة

يرى الخبراء أن استراتيجية البلاد في محاربة مختلف أوجه الفقر غير واضحة وتتسم بالضبابية فضلا عن تشتتها، ما ساهم في تفاقم معدلات الفقر.

كما تعتمد السياسات الحكومية خاصة على المساعدة المالية الظرفية ولا تستهدف أسباب الفقر الحقيقية، في الوقت الذي انخرطت فيه النخب الحاكمة في المعارك السياسية ولم تول اهتماما بالظاهرة أو تقدم حلولا واقعية لمعالجتها.

ورغم وضع العديد من البرامج، فما زال أكثر من 30 في المائة من المغاربة يرزحون تحت خط الفقر.

تشكل مقاومة الفقر تحديا أمام حكومة أخنوش الجديدة، حيث يترقب الشارع  تحقيق برنامج الحكومة ومدى قدرتها على تحسين أوضاعهم المعيشية، وعدم الاكتفاء بسياسة الوعود والمماطلة كما فعلت الحكومات السابقة.

وتفاقم الغضب من الركود الاقتصادي بسبب الوباء، حيث اندلعت احتجاجات اجتماعية تنديدا بتواصل البطالة وغلاء المعيشة وسط عجز حكومي تام في العام الماضي.

وعلى الرغم من إطلاق كل حكومة بمجرد تنصيبها وعودا بمحاربة الفقر، لا يبدي المغاربة ثقة في جدية الخطط الحكومية ويصنفونها في إطار التصريحات الشعبوية لإخماد غضب الشارع توجّسا من توسّع رقعة الاحتجاجات المناهضة لأدائها. في حين يلاحظ الخبراء أن اعتماد المغرب على ذات المنوال التنموي الذي كان من أبرز أسباب مظاهرات 20 فبراير، من منابع الخلل الحقيقية.

وستشكل عودة الاحتجاجات بمثابة اختبار لحكومة أخنوش، التي ستجد نفسها بين مطرقة الضغوط الاجتماعية وسندان الإصلاحات الاقتصادية القاسية التي يطالب بها المانحون الدوليون.

ويريد المانحون من المغرب أن تطلق سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية ذات مصداقية من المحتمل أن تشمل الدعم وكتلة رواتب القطاع العام والشركات المملوكة للدولة التي تتكبد خسائر، من أجل كبح العجز والديون، لكن الشارع سيتحمّل وحده وطأة هذه الإصلاحات التي يرفضها بشدة.

وأشار بوشعيب البازي ” أن “الحكومة غائبة تماما في الملفات الاجتماعية القاهرة مثل مسألة الهجرة غير النظامية، والفقر والتنمية و ايجاد حلول لمغاربة العالم وغيرها”.

وبين أنه سيقع تقييم الحكومة وفق برنامجها والخطوط العريضة التي ستقترحها.

وتابع بالقول “على ضوء برنامج الحكومة سنقيّمها ونتفاعل معها.. إذا اهتمت الحكومة بالبعد الاجتماعي سيتم تقييم أدائها بشكل إيجابي”.

صعوبات خانقة

لا يبدي خبراء الاقتصاد تفاؤلا بشأن قدرة حكومة أخنوش على مواجهة الفقر، حيث يواجه اقتصاد البلاد صعوبات حادة منذ 2011 ويتوقع أن يستمر النمو بمعدل أقل من 3% في هذه السنة ، فيما لا يزال معدل البطالة يقارب 13% رغم استحداث 405 آلاف فرصة عمل في الربع الثاني من هذا العام، وفق مصادر عمومية. أما معدل التضخم فيتوقع أن يستقر على 1.2% هذا العام و1.6% العام المقبل.في المئة خلال السنوات العشر الأخيرة. كما ارتفعت نسبة التضخم إلى 6 في المئة وزادت الأزمة الصحية من تفاقم الوضع في البلاد.

ومن المتوقع أن تنخفض التحويلات المالية من المغاربة في الخارج إلى 87 مليار درهم في 2021 و82.7 مليار درهم في 2022، نتيجة غضب الجالية المغربية من القرارات العشوائية للحكومة و لعدم التواصل معها في القضايا الشائكة و التعامل معها كبقرة حلوب بدلا من مواطنين يساهمون في الاقتصاد الوطني .

عجز الميزان التجاري

لكن الواردات ما زالت أعلى من الصادرات على الرغم من زيادة في مبيعات الفوسفات والسيارات. وقال البنك إن العجز في ميزان المعاملات الجارية سيرتفع إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، من 1.5% العام الماضي.

وأضاف أن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي ستبلغ 345.1 مليار درهم (38 مليار دولار)، وهو ما يغطي سبعة أشهر من الواردات. وقال البنك المركزي أيضا إن عجز الموازنة سيتراجع من 7.6% في 2020 إلى 7.3% في 2021 وإلى 6.8% في 2022.

وفي تقديره فإن السياسات الحكومية تواجه العديد من الصعوبات والمشكلات، منها الفجوة المالية في علاقة بموازنة الدولة لبقية العام الجاري وإعداد موازنة العام القادم في ظل شحّ الموارد الخارجية.

وسبق أن حذّر البنك المركزي من أن تمويل عجز الموازنة ينطوي على مخاطر اقتصادية، بما في ذلك زيادة التضخم وانخفاض احتياطياته من النقد الأجنبي وتراجع قيمة العملة المحلية.

وفيما تعني مقاومة الفقر بالضرورة تحسين الدخل المتوسط للفرد، فإن البازي يرى أنها مهمة صعبة بالنسبة إلى الحكومة الجديدة، لأنها مقبلة على تمويل نفقات الدولة عبر التمويل المباشر من البنك المركزي وهذا سيؤدي بدوره إلى تضخم مالي، وتوقع البازي زيادة في الأسعار في الفترة القادمة.

واستنتج أن الحكومة ستواجه معضلة كبيرة وهي تنامي معدلات الفقر، إن لم تعتمد سياسات اقتصادية تحدّ من التضخم.

ويخلص الخبراء والمتابعون إلى أن السياسات الحكومية طيلة عقد من الزمن قادت إلى تفاقم الفقر والتفاوت الاجتماعي في البلاد.

ولاحظ هؤلاء أن التفاوت الاجتماعي في المغرب أصبح يشهد تفاقما كبيرا، وذلك على مستوى كل القطاعات خاصة الحساسة منها مثل الصحة والتعليم، بينما ضاعف الوباء من متاعب الأسر المغربية وعمق متاعبهم المالية، ونجم عن الجائحة في نهاية المطاف ارتفاع في مؤشر الفقر وسط سياسات مالية فاشلة.

وأوضحت التقارير، أن وضع المديونية في البلاد من أسوأ الأوضاع على الإطلاق، لأسباب عديدة منها سوء التصرف وضعف الحوكمة، وهو ما يجلب للمغرب التبعية والفقر عوض تطوير الإنتاج وخلق الثروة وغياب التخطيط وضعف الرقابة على إنجاز المشاريع.

واعتبر التقارير أن المشكلة ليست في اللجوء إلى الاقتراض في حدّ ذاته، حيث إن الاقتراض الخارجي أصبح، في العالم بأسره وخاصة الدول ذات الاقتصاد الضعيف، “شر لا بد منه” لتلبية احتياجات تمويل الاقتصاد، ولتعبئة التمويلات من أجل النهوض بالاستثمارات، في ظل غياب موارد ذاتية كافية، لكن المشكلة في توظيف تلك القروض تكمن في مدى تحقق المشاريع التي تمّ الاقتراض من أجلها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: