خلال الأيام الفائتة لاحظت بعض انصار البوليساريو يشبهون معاناة أطفال المخيمات الصحراوية بمحنة الطفل ريان. و لم أشأ الخوض في السياسة حينها و المقام مقام تضامن. بل تمنيت لو أعلنت جبهة البوليساريو عن هدنة تضامنا مع محنة الصبي ريان و عائلته، و تعبيرا عن نبل الانسان الصحراوي الذي تدعي الجبهة تمثيله. و لم يحصل مع الاسف رغم أني أعرف ان كل الصحراويين الحقيقيين تألموا لما أصاب ريان. و في المخيمات من جهر بالدعاء له واعلان تضامنه مع أسرته. كما ظهر بعض المزايدين ممتهني التشويش يرددون اسطوانة مشروخة لطالما تشدق بها الكثير ممن يناصرون البوليساريو جهلا منهم، بأن سبب معاناة أطفال و نساء المخيمات هو المغرب. فدعونا نفكك هذه الأحجية:
1- هل الصحراويين أكثر في المغرب أم المخيمات؟.
الصحراويون بمفهوم البوليساريو (صحراويو تحديد الهوية و الاحصاء الاسباني) عددهم أكثر في الأقاليم الصحراوية التي يصفها هؤلاء ب”المحتلة” من طرف المغرب. و هذا يفترض أن عدد الأطفال الصحراويين في المغرب أكثر من عدد الأطفال الصحراويين في المخيمات.
في المدن الصحراوية حيث يعيش هؤلاء الاطفال يوجد من المدارس و المستشفيات و أماكن الترفيه أكثر مما يوجد في المخيمات أضعافا مضاعفة. و لا يوجد تمييز سلبي في الاقاليم الصحراوية للأطفال الصحراويين عن غيرهم من أطفال المغرب. و فوق ذلك جميع المجالس المسؤولة عن تسيير الشأن العام في الأقاليم الصحراوية أعضاءها و مسؤوليها صحراويين. و هم من يحددون المشروعات التنموية و مجالات صرف الميزانيات و ليست جهات خارجة عن الإقليم.
و هنا أطرح سؤالا على المسترزقين بمعاناة أطفال المخيمات الصحراوية و لا أقول المدافعين عنهم لأن حجتهم ضاحضة: هل ظروف عيش الاطفال الصحراويين تحت ما يسمونه “الإحتلال المغربي” أسوأ من ظروف الأطفال في الرباط أو الجزائر أو تونس او القاهرة و لا أقول المخيمات أو مدن الصحراء الكبرى في الجوار حيث لا وجه للمقارنة ؟.
2- حجة التشريد: لم يسجل تاريخ نزاع الصحراء ان المغرب طرد عائلة من منزلها أو صادر أرضها أو أبعد صحراويا قسرا عن الصحراء عدا امرأة واحدة في نهاية 2009 أبعدت لمدة شهر ثم عادت إالى منزلها. و هنا أذكر أن البوليساريو أبعدتني عن أطفالي بعد تلك الحادثة بسنة (2010) و رغم مرور أزيد من 11 سنة ما زلت أعيش في المنفى ولم تصحح البوليساريو خطأها تجاهي وتجاه أسرتي.
و في المقابل سجل تاريخ النزاع ان جبهة البوليساريو اختطفت و هجرت آلاف الصحراويين و كانت عائلتي من ضمن أكبر مجموعة تم اختطافها من السمارة (اكتوبر 1979) و تهجيرها الى المخيمات قدرت البوليساريو عددها ب 750 شخص أغلبيتهم أطفال و نساء و شيوخ. ناهيك عمن اختطفوا و هجرو من الطنطان و لبيرات في نفس الفترة. و من الارياف المجاورة للمخيمات الذين تشهد دائرة “اجريفية” بمخيم الداخلة التي تشكلت منهم على مأساتهم كما تشهد دائرة “تنيكير” بنفس المخيم على مأساة الاسر التي اختطفت و هجرت معنا من السمارة.
3- من الذي يطيل محنة أطفال المخيمات ؟: علمنا أن عدد الاطفال الصحراويين في المغرب أكثر من المخيمات. و انهم لا يتعرضون لأي شكل من أشكال التمييز السلبي. و انهم يتنشئون في بيئة ملائمة.
سنضيف إليها أن المغرب لا يمنع و لا يعيق عودة مقاتلي البوليساريو الى وطنهم وأحرى الاطفال و النساء. بل يطالب بفك أسرهم وتمكينهم من كافة حقوقهم. ولم نسمع يوما مسؤولا في البوليساريو ولا من يدعون الدفاع عن حقوق الانسان الصحراوي ولا النشطاء الاعلاميين الذين يتبنون طرح البوليساريو يطالب او يدعوا إلى عودة اللاجيين الصحراويين الى وطنهم و خاصة الاطفال والنساء و الشيوخ.
و في الوقت الذي يدعوا فيه المغرب الى عودة صحراوي المخيمات الى وطنهم، تعتبر جبهة البوليساريو عودتهم جريمة خيانة يعاقب عليها قانونها.
4- الخطأ الشائع عند غالبية انصار الجبهة هو اعتقادهم ان الصحراويين يوجدون في المخيمات فقط. او هم من يرفعون علم البوليساريو. والارقام الموجودة عند البوليساريو والمغرب والامم المتحدة لعدد من تعترف بهم جبهة البوليساريو بأنهم يشكلون الشعب الصحراوي الذي تطالب له بتقرير المصير تؤكد أن أغلبهم في المغرب. و بالمناسبة فلائحتهم بالأسماء و أماكن التواجد يوم تحديد الهوية في التسعينات موجودة حتى عندي أنا. و صورة الصفحة التي تضم أفراد عائلتي مرفقة بهذا المنشور.. و اسمي هو الرابع في اللائحة بعد والدي والمرحومة والدتي وأخي الأكبر
و قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ.