وحيد خليلوزيتش مدرّب عنيد يقود منتخب المغرب بفلسفة كروية قديمة

ماموني

يشهد الذين احتكوا بمدرب المنتخب المغربي البوسني وحيد خليلوزيتش من لاعبين وفنيين أنه جدي وصارم في العمل وفي خططه التكتيكية، وما يهمه ليس الاسم أو النجومية بل الالتزام، وهو ما جعله يتخلى عن حكيم زياش في نهائيات كأس أفريقيا بالكاميرون، رغم مؤهلاته الكبيرة، قرار اعتبره متابعون والجمهور عنادا كانت نتيجته الإقصاء من التظاهرة، وسيكون اللقاء أمام الكونغو الديمقراطية في مباراتي الدور الفاصل من التصفيات المؤهلة لكأس العالم طوق نجاة وحيدا لخليلوزيتش من أجل الاستمرار في قيادة المنتخب المغربي، واختبار طموحه وعزيمته للذهاب مع هذا المنتخب بعيدا في كل المسابقات الرياضية.

سيرة حافلة

سيرته الذاتية كانت موضوع ثلاثة كتب متوفرة حاليا إلى جانب فيلم من إخراج فرنسي، حيث كان خليلوزيتش ضحية الحرب الأهلية في بلده البوسنة في العام 1992. أفقدته تلك الحرب كل ما يملك فجمع شتاته وانتقل بصعوبة إلى فرنسا باحثا عن بداية أخرى وتعويض نفسي ومادي عما واجهه سابقا بعد فقدانه مصدر رزقه الذي كان مطعماً في مدينة “موستار”.

• كفاءة خليلوزيتش الأكاديمية لم تتوافق، حسب الكثيرين، مع مفاجآت غير متوقعة (في التكتيك والخطط الهجومية أو الدفاعية أو اللعب المفتوح) تربك لاعب المنتخب قبل الخصم

حصل خليلوزيتش على شهادة في الدراسات الاحترافية في كرة القدم من أحد المعاهد الرياضية المختصة في كرة القدم بفرنسا، وكانت تلك البطاقة هي التي أهلته لإعادة الاعتبار لحياته الاجتماعية والمهنية. لكن كفاءته الأكاديمية لم تتوافق، حسب الكثير من المتابعين، مع مفاجآته غير المتوقعة في التكتيك والخطط الهجومية أو الدفاعية أو اللعب المفتوح، وأثبتت أنها غير ذات جدوى على مستوى النتيجة لأنها تربك لاعب المنتخب قبل الخصم.

اختيار خليلوزيتش مدربا للمنتخب المغربي تم بالاعتماد على عدة معايير، منها معرفته بالقارة الأفريقية وأيضا لتجربته مع منتخبات أخرى، وقبل المنتخب المغربي خاض وحيد تجارب احترافية مع الرجاء البيضاوي وفي تركيا رفقة ترابزون سبور، ومع فريق ليل، وبوفي، وباريس سان جيرمان ورين، ومع اتحاد جدة، وفي كرواتيا رفقة موستار ودينامو زغرب، بالإضافة إلى إشرافه على منتخب كوت ديفوار.

الذي أغرى الجامعة المغربية بالتعاقد مع خليلوزيتش هو حصوله على كأس رابطة أبطال أفريقيا والبطولة المغربية مع فريق الرجاء البيضاوي عامي 1997 و1998 وتمكّنه من الوصول إلى نهائي كأس السوبر الأفريقية مع الفريق ذاته في تلك الفترة، وبعدها وصل مع رين الفرنسي إلى كأس رابطة أبطال أوروبا في أول موسم له. وتقديرا لعطاءاته توج بلقب أحسن مدرب في فرنسا لعام 2001، وقد جلب إلى باريس سان جيرمان كأس فرنسا عام 2004 مع مركز الوصافة في البطولة، كما أشرف على تدريب محاربي الصحراء من 2011 إلى 2014، ونجح في تأهيل الجزائر للمرة الرابعة إلى نهائيات كأس العالم التي جرت بالبرازيل، حيث كان هذا المنتخب ممثل العرب الوحيد للمرة الثانية بعد مونديال 2010 بجنوب أفريقيا.

• غضب الجمهور المغربي ينصبّ على تجاهل خليلوزيتش لإمكانيات لاعبيه

وبعد عودته من مصر قرر خليلوزيتش عقد ندوة صحافية للحديث عن أسباب إخفاقه في تجاوز عتبة دور ربع النهائي بعد خسارة المغرب أمام نظيره المصري بنتيجة هدفين لواحد، وعن مستقبله على رأس المنتخب، وستكون فرصة للحديث عن مستقبله سواء بتأكيد بقائه أو المغادرة، وأيضا ما ينتظره الجمهور المغربي، وسيكرر ما قاله في وقت سابق “رغم أن الانتقادات التي أتلقاها من لدن الإعلام ومن الجماهير إلا أنني أحترم ذلك، بسبب غيرة المغاربة على منتخبهم”.

منتخب يحتاج إلى الكثير

غضب الجمهور المغربي كان منصباً على طريقة اللعب التي يتبناها خليلوزيتش، بالنظر إلى إمكانيات اللاعبين الذين يتوفر عليهم، حيث يصر على سياسة التحفظ وتقييد خط الوسط، أما قلب الدفاع فقد عجز خليلوزيتش عن إيجاد حل جذري له، والنتيجة كانت متواضعة فنيا، ولهذا تم تحميله مسؤولية تراجع أداء الفريق بسبب إهمال الإمكانيات الفردية لأبرز اللاعبين الذين يتميزون ضمن أنديتهم في أوروبا.

وعكست نهائيات كأس أمم أفريقيا في الكاميرون المستوى العام للمنتخب المغربي ومستوى الانسجام ومدى القابلية لتفجير الإمكانيات الفردية داخل الفريق الوطني، وهو ما يقلق الشارع الكروي المغربي قبل انطلاق تصفيات كأس العالم، إذ سيخوض المنتخب المغربي مباراتين ضد الكونغو الديمقراطية لتحديد المتأهل منهما لنهائيات كأس العالم المزمع إقامتها في قطر نهاية العام الحالي.

ورغم أنه يفصلنا شهران عن المباراتين الفاصلتين للتأهل لكأس العالم هناك مطالبات بإقالة المدرب والتعاقد مع مدرب آخر لضمان تأهل المغاربة إلى تصفيات كأس العالم، لكن هناك من يفضل الإبقاء على المدرب الحالي ومساندة منتخبنا بشكل أقوى خوفًا من ضياع تلك الفرصة، غير أن تصريحات خليلوزيتش جاءت صادمة لجماهيره عندما أكد أن المنتخب غير جاهز للتأهل إلى كأس العالم، ولذلك ينتظرنا عمل كبير لتحسين الأداء الجماعي وخاصة الفاعلية أمام المرمى.

عناد غير مبرر

كرسالة موجهة إلى الجمهور والقائمين على الرياضة في المغرب عبر النجم سفيان بوفال عن خيبة أمل الجمهور التي لا تقل أهمية عن خيبة أمل المنتخب، وأضاف “لأنني أعرف مدى ارتباطكم بالمنتخب وبلدنا، فقد حان الوقت لكي نركز أكثر على المواعيد القادمة من أجل مواصلة تطوير مستوى هذه المجموعة التي تستحق الانتصار”.

وإذا تم الاتفاق على استمرار خليلوزيتش إلى ما بعد تأهل المنتخب لتصفيات كأس العالم سيكون لزاما عليه البحث عن حل بعدما تأكد من أن سفيان بوفال وسفيان شاكلا لن يخوضا مباراتيْ الكونغو الديمقراطية الفاصلتين والمؤهلتين لنهائات كأس العالم التي ستحتضنها دولة قطر.

• المطالبات بإقالة خليلوزيتش والتعاقد مع مدرب آخر تتزايد لضمان تأهل المغاربة إلى تصفيات كأس العالم

الكل متفق على مساعدة المنتخب الوطني على طي صفحة إخفاقه في “الكان” والتركيز على المباراتين الفاصلتين والمهمتين أمام المنتخب الكونغولي، لأجل العبور إلى نهائي المونديال، وقد تجرأ المدرب البوسني على القول إن تحقيق هذا الرهان ليس بالأمر الصعب خاصة مع تواجد مجموعة واعية بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقها.

الأهداف التي تم الاتفاق عليها مع المدرب تتمثل في التأهل إلى نصف نهائي كأس أفريقيا، والتأهل إلى نهائيات كأس العالم، والفوز بلقب كأس أفريقيا للأمم لسنة 2023، والملاحظ أن البند الأول لم يتم تحقيقه وبقي البند الثاني من الاتفاق، لهذا ستكون الأيام القليلة المقبلة حاسمة بخصوص مصير خليلوزيتش، فإما الاستمرار مدربا للمنتخب المغربي أو الاستغناء عنه. وقد كان فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، واضحا عندما أكد أن عدم تحقيق هذه الأهداف سيخول للمغرب إلغاء العقد الذي يجمعه بخليلوزيتش.

ماذا حقق هذا المدرب في مسيرته؟ سؤال يكرره متابعون ومحللون، فاختياراته كانت سببًا في فقدان المنتخب لمصدر قوته، بعدما استبعد حكيم زياش لاعب تشلسي الإنجليزي، ونصير مزراوي لاعب أياكس الهولندي، إضافة إلى تهميشه لعدد من اللاعبين المميزين خلال مشوار المغرب بالبطولة الأفريقية.

• ثلاثة كتب، إلى جانب فيلم من إخراج فرنسي، تدور حول حياة خليلوزيتش بعد أن عُرف كضحية لحرب البوسنة التي أفقدته كل ما يملك فجمع شتاته وانتقل بصعوبة إلى فرنسا باحثا عن بداية أخرى

إصراره على تجاهل أسماء مجربة قاريا وأوروبيا غير مفهوم لدى غالبية المتتبعين، والعناد هو الذي جعل المدرب لا يشرك زياش في الفريق، لكن خليلوزيتش يبرر ذلك بأن تصرفات اللاعب لا تليق بالمنتخب الوطني، وخاصة عدم انضباطه وعدم التزامه بحضور التدريبات وتنفيذ توجيهات المدرب، وهو لم يقبل بهذا السلوك على اعتبار أن المنتخب “فوق كل اعتبار”. لكن بعد الإقصاء دعا عدد من الشخصيات الرياضية خليلوزيتش إلى إعادة زياش إلى التشكيلة نظرا للحاجة إليه.

عناد هذا المدرب ليس جديدا، فهناك من يتذكر أنه عندما كان يدرب فريق ليل الفرنسي كان اللاعب المغربي بصير في قمة مستواه، وكان خليلوزيتش لا يدخله إلى الملعب إلا في الدقائق العشر الأخيرة، ومع ذلك كان يحقق الفارق ويسجل أو يشارك في تسجيل هدف، لكن على المستوى العام ساهم خليلوزيتش في انتشال الفريق المهدد بالهبوط إلى دوري الدرجة الثالثة، وصعد به إلى الدوري الفرنسي بدرجته الأولى، حتى احتل المركز الثالث وشارك في دوري أبطال أوروبا.

ويقارن الكثير من المتابعين للشأن الرياضي إنجازات خليلوزيتش بما حققه المنتخب المغربي مع المدرب السابق هيرفي رونار، فهم يرون أن الفريق كان منسجما وقويا واستطاع المغرب أن يطيح بقوة كوت ديفوار ويكسر عقدة الكاميرون وتونس، وجابه منتخبات البرتغال وإسبانيا، أما خليلوزيتش فهو مدرب بفلسفة كروية قديمة لا تواكب التطور الحالي.

وقبل عام من الآن قال خليلوزيتش إن مهمته هي تحقيق النتائج الجيدة، وهذا ما سيسعد الجمهور المغربي التواق إلى مشاهدة منتخب قوي، لكن بعد النتائج الأخيرة يعتقد بعض المتابعين أن القرار الأقرب هو الاستغناء عن خدمات خليلوزيتش، سواء خلال الفترة الحالية أو عقب مباراتي الكونغو الديمقراطية بالجولة الحاسمة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم في مارس المقبل، وهناك من اشتكوا من تعامله القاسي خلال البطولة، مشيرين إلى أن سلوكه تسبب في حدوث الكثير من المشكلات دون داعٍ.

• إصرار خليلوزيتش على تهميش لاعبين مغاربة مجربين قاريا وأوروبيا غير مفهوم

• اختيار خليلوزيتش مدربا للمنتخب المغربي تم بالاعتماد على عدة معايير، منها معرفته بالقارة الأفريقية وأيضا لتجربته مع منتخبات أخرى

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: