المغرب يرفض الاستغلال السياسي المرتبط بالهجرة في أفريقيا

ماموني

عبّرت السلطات المغربية عن رفضها لمحاولات التوظيف السياسي للهجرة غير النظامية، معتبرة إياها طبيعية، وسط دعوات لمعالجة الظاهرة بمقاربات جديدة ودراسات  متعمقة عن قارة أفريقيا، انطلاقا من الوقائع الملموسة، وبعيدا عن الاكتفاء بالجانب الأمني.

وتعزيزا للشراكة الأفريقية – الأوروبية، يصر المغرب على تبديد سوء فهم أوروبي حول ظاهرة الهجرة مقترحا عدم إسناد مفاتيح تدبيرها للمهربين.

وأكد تقرير العاهل المغربي الملك محمد السادس حول تتبع تفعيل المرصد الأفريقي للهجرة في المغرب، الذي تم تقديمه الأحد خلال الدورة الخامسة والثلاثين لقمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة بأديس أبابا، أن تدبير الهجرة لا ينبغي أن يقترن دوما بإدارة الطوارئ، بل يجب أن ينظر إليه بعين المسؤولية والتضامن وألا يظل حبيس المنظور الأمني البحت.

وشدد التقرير الذي قدمه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة على أن تقييد التحركات عبر الحدود ساهم في تفاقم تعرض المهاجرين للاتجار بالبشر، مما يعرضهم لخطر الاستغلال من قبل المجرمين والمهربين والمتاجرين، موردا أن القيود المفروضة على الحدود لم توقف عمليات العبور، بل كانت لها تداعيات على طرق الهجرة، مع ظهور طرق أخرى أكثر خطورة.

صبري الحو: المغرب عمل على توحيد السياسة الأفريقية للهجرة

وأبرز صبري الحو الخبير في القانون الدولي أن العاهل المغربي أعطى دائما المثال والنموذج ليؤكد أن المغرب بلد متأصل بمبادئ إنسانية ويتضامن مع أشقائه الأفارقة في السراء والضراء، مشيرا إلى “أن المجهودات التي يقوم بها المغرب ستظل راسخة في التاريخ وفي الذاكرة الأفريقية”.

وأضاف لـ”العرب” أن “المغرب عمل على توحيد السياسة الأفريقية في مجال الهجرة وجعلها عنصرا لخدمة القارة حيث يمكن قياس هذه السياسة على خطوة أخرى متعلقة بالتنمية البشرية”.

وافتتح المغرب في أكتوبر 2020 “المرصد الأفريقي للهجرة” بالرباط، الذي يهدف إلى جمع وتبادل البيانات والمعلومات حول هذه القضية بين البلدان الأفريقية لمساعدتها على اتخاذ القرارات.

وأكد بوريطة أنه يتعين الاعتراف بأن الأزمة ليست أزمة هجرة بل أزمة سياسية، والكف عن الإيهام بأن تلك السياسات ستتمكن يوما ما من الحد من تدفقات الهجرة.

ودعا المغرب الدول الأوروبية إلى التوقف عن إسناد مفاتيح تدبير الهجرة للمهربين من خلال إغلاق الطرق المشروعة للولوج إلى أوروبا، بنفس الطريقة التي يتعين فيها الاعتراف بأن الآفة ليست هي الهجرة، وإنما في تهريب البشر، الذي يشكل المصدر الثالث للمكاسب التي تتحصل عليها المنظمات الإجرامية.

وأبرز تقرير الملك محمد السادس أن الهجرة الأفريقية لا تمثل سوى 14 في المئة من إجمالي عدد المهاجرين الدوليين، وهو عدد أقل بكثير من مجموع المهاجرين الوافدين من القارات الأخرى، مؤكدا أن معظم المهاجرين ينتقلون داخل القارة الأفريقية وداخل مناطق انتمائهم، ولاسيما في غرب أفريقيا.

وميّز الحو بين مفهوم الهجرة غير الشرعية والهجرة غير النظامية، موضحا بأن “الهجرة واحدة، والمشكلة تكمن فقط في تسوية الوضعية الإدارية”.

وترفض الرباط مقترح أوروبا باختزال تدبير الهجرة في إقامة منصات وقواعد ومراكز لاستقبال المهاجرين.

وأكد بوريطة أن “تعزيز الشراكة الأفريقية – الأوروبية رهين بتبديد سوء الفهم حول ظاهرة الهجرة”، موردا أنه إذا كانت الهجرة تشكل رهانا مشتركا، فإن المصالح المرتبطة بها تظل في الغالب متناقضة.

Thumbnail

ويعتبر المغرب جزءا من النقاشات الإقليمية والدولية حول الهجرة، حيث قدم مساهمته في كل اللقاءات انطلاقا من المنتدى العالمي للهجرة والتنمية، والحوار الأوروبي – الأفريقي بشأن الهجرة والتنمية إلى اعتماد ميثاق مراكش.

وأشار الحو إلى أن “المغرب، الذي يعتمد سياسة إنسانية في مجال الهجرة، راكم مجموعة من الخبرات في إطار تعاونه مع مجموعة من الدول في إطار الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالتدبير التعاوني للهجرة”، معتبرا أن “المغرب تحول من بلد مصدر وعبور إلى بلد إقامة للمهاجرين”.

وسبق أن أثنى وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس على دور المغرب في وقف أدفاق الهجرة غير النظامية، مشيدا بتعاونه “الذي يجعله شريكا استراتيجيا لإسبانيا وأوروبا”، وهو نفس الشيء الذي عبر عنه وزير خارجية المجر عندما أكد أن “المغرب بلد محوري في محاربة الهجرة السرية، ونقدر الدور الذي يضطلع به في هذا المجال”.

ولفت بوريطة إلى أن تدبير الهجرة يجب أن يندرج في إطار تعاون لا يريد أن يكون غير متكافئ وذا اتجاه واحد، وجعلها نقطة قوة وليس نقطة ضعف للشراكة بين أوروبا وأفريقيا، مؤكدا “ضرورة الاعتراف بأن الهجرة لا تحتاج إلى استراتيجيات فورية، بل إلى إجراءات مبتكرة على المدى الطويل، تكون مرتبطة بالنهوض وتنظيم التنقل القانوني وليس فقط مسألة تدبير للحدود”.

وانتقد الحو “تملص مجموعة من الدول من الالتزامات التي جاء بها ميثاق مراكش، حيث رفضت التوقيع على بنوده ومن ثم عدم العمل بها في موضوع الهجرة، وهذا الرفض جاء نتيجة التهرب من مسؤولية الالتزامات”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: