الغموض يكتنف مصير القمة العربية المنتظرة بالجزائر
رمطان لعمامرة يفشل في إقناع القادة العرب بالحضور النوعي.
لا يزال الغموض يكتنف الاستحقاق الدبلوماسي المتمثل في تنظيم القمة العربية، الذي تراهن عليه الجزائر للعودة إلى المشهد الإقليمي وتحقيق أهداف داخلية وخارجية، حيث فشلت الدبلوماسية الجزائرية إلى حدّ الآن في إقناع الرأي العربي الرسمي حول الحضور النوعي، والملفات التي ستتم مناقشتها في القمة المرتقبة.
تضاربت التصريحات بشأن موعد انعقاد القمة العربية المنتظرة بالجزائر، بين نفي تحديد الموعد والتأجيل الصادر عن الخارجية الجزائرية، وبين التأجيل المعلن عنه من طرف مساعد الأمين العام للجامعة العربية، وبين تصريح سابق للرئيس تبون حول انعقادها في شهر مارس المقبل.
ونفت الخارجية الجزائرية أن يكون قد تم تحديد موعد سابق لانعقاد القمة العربية، وهو ما تناقض مع تصريح سابق للرئيس عبدالمجيد تبون، لوسائل إعلام محلية بأن القمة المذكورة ستنعقد خلال شهر مارس القادم، مما يضفي حالة من التخبط على الموقف الرسمي للبلاد.
ويبدو أن المعلومات التي تم تداولها في دوائر دبلوماسية وإعلامية عربية، حول تأجيل الموعد إلى أجل غير مسمى، يكون قد أربك الجزائر، ولذلك بادرت وزارة الخارجية إلى نفي تحديد موعد مسبق للقمة، حتى يقال إنه تم تأجيله.
وبات الاستحقاق الدبلوماسي الذي كانت تراهن عليه الجزائر، لتحقيق أهداف داخلية وإقليمية، يتحول تدريجيا إلى عبء عليها، في ظل فشلها في إقناع الرأي العربي الرسمي حول الحضور النوعي، والملفات التي ستتمّ مناقشتها، فقد كانت الدبلوماسية الجزائرية تراهن على القمة، للعودة إلى المشهد الإقليمي، وتسويقه لدى الرأي العام المحلي على أنه إنجاز جديد للسلطة.
ويظهر أن الجولات المكوكية التي قادها وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، إلى عدة عواصم عربية، لم تحقق المساعي التي كانت ترمي إليها بلاده، خاصة في ظل غياب توافق مسبق حول عدة قضايا وملفات، على غرار الأزمة الدبلوماسية مع المغرب، والتطبيع مع إسرائيل وعودة سوريا إلى الجامعة العربية.
الجولات التي قادها وزير الخارجية الجزائري إلى عدة عواصم عربية، لم تحقق المساعي التي كانت ترمي إليها بلاده
ولم توفق الجزائر إلى حدّ الآن في إقناع الطرف المصري على مساعدتها في عقد القمة العربية في موعدها المعتاد، وحتى الزيارة التي كان ينوي الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، القيام بها إلى القاهرة دخلت في خانة المجهول، وهو ما يكرس فرضية التأجيل التي تحدث عنها مساعد الأمين العام للجماعة العربية حسام زكي.
وذكرت وزارة الخارجية، بأن رئيس الدبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة “التقى سفراء البلدان العربية المعتمدين بالجزائر، في إطار لقاء تشاوري يندرج ضمن اللقاءات الدورية مع مختلف مجموعات السلك الدبلوماسي”.
وشدد بيان الخارجية، على أنه “خلافا للمغالطات التي يتم تداولها هنا وهناك تحت عنوان تأجيل موعد القمة، في حين أن تاريخ التئامها لم يتحدد أصلا ولم يتخذ أي قرار بشأنه بعد، وأنه وفقا للإجراءات المعمول بها في إطار المنظومة العربية، يعتزم رئيس الجمهورية طرح موعد يجمع بين الرمزية الوطنية التاريخية والبعد القومي العربي ويكرس قيم النضال المشترك والتضامن العربي”.
وأضاف “هذا التاريخ الذي ينتظر اعتماده من قبل مجلس الوزراء العرب، في دورته العادية المرتقبة شهر مارس المقبل، بمبادرة الجزائر وتأييد الأمانة العامة للجامعة، من شأنه أن يسمح أيضا باستكمال مسلسل المسار التحضيري الجوهري والموضوعي بما يسمح بتحقيق مخرجات سياسية تعزز مصداقية ونجاعة العمل العربي المشترك”.
غير أن اللافت أن البيان يتنافى مع تصريح سابق للرئيس تبون لوسائل إعلام محلية، بأن “القمة العربية ستنعقد في شهر مارس المقبل”، الأمر الذي يضفي حالة من التخبط في الموقف الرسمي للبلاد، ويوحي إلى بروز معوقات قد تنسف آمال السلطات الجزائرية في احتضان قمة إقليمية، يمكن توظيفها في إقناع الرأي العام المحلي بإنجاز حققته السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون.
وأعرب رمطان لعمامرة في لقائه مع السفراء العرب، عن “التزام الرئيس عبدالمجيد تبون، بمواصلة عملية التشاور والتنسيق مع أشقائه قادة الدول العربية وبمعية قيادة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، تكملة للاتصالات المباشرة التي تجمعه دوريا مع العديد من نظرائه العرب وكذا تلك التي تتم عبر مبعوثه الخاص”.
وأضاف “الأهداف المتوخاة من هذا المسار الذي استهلته الجزائر وفق مقاربة تشاركية، تتمثل خصوصا في التوصّل إلى صيغ توافقية حول أبرز المواضيع التي ستطرح أمام القمة العربية المقبلة، بما في ذلك تحديد التاريخ المناسب لعقدها”.
ويبدو أن الأزمة الجزائرية المغربية، قد ألقت بظلالها على مسار تحضير القمة المذكورة، خاصة في ظل قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وعدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى التمثيل المغربي، لاسيما وأن الرباط تلقت دعما صريحا من دول الخليج العربي في ما يتعلق بمسألة النزاع في إقليم الصحراء.
وكانت الجزائر قد رفضت أي وساطة بينها وبين المغرب، ردا على مساعي بادرت بها كل من المملكة العربية السعودية والكويت، وهو ما اعتبر عائقا في طريق عقد قمة عربية للتشاور حول القضايا والملفات المطروحة، وركزت الجزائر في هذا الشأن على حوار فلسطيني – فلسطيني يجري حاليا على أراضيها وعلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
وكانت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة، قد وصفت ظروف التحضير للقمة بـ”المأزق”، حيث أعلن مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية حسام زكي عقب زيارته للجزائر، بأن القمة “لن تعقد قبل شهر رمضان الذي سيحل على الأمة الإسلامية مطلع أبريل، ما يعني عقدها في أواخر شهر مايو أو مطلع شهر جوان المقبلين، وأنه سيتم الإعلان عن موعد القمة خلال اجتماع وزراء خارجية الدول العربية المقرر عقده في مقر الأمانة العامة بالقاهرة في التاسع من مارس المقبل”، ولم يشر إلى ما تردده وزارة الخارجية الجزائرية، حول اعتزام تبون اقتراح موعد رمزي.
وقالت إنه “خلال مباحثات بين الجزائر والأمانة العامة للجامعة، اتضحت الرغبة في عدم استضافة القمة بشكلها الراهن، وهو ما أدى إلى التوافق على تأجيل موعد انعقادها بشكل مبدئي، على أمل حل بعض الأزمات”، وهو ما لم تتم الإشارة إليه في بيان الخارجية الجزائرية، لكن مصادر دبلوماسية لم تستبعد استعانة الجزائر بمصر، كان من أجل تحويل القمة من عاصمتها إلى القاهرة.