غوتيريش يحذر من بقاء مشكلة الصحراء المغربية دون حل

ماموني

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه “حان الوقت كي يفهم أطراف النزاع في الصحراء المغربية الحاجة إلى الحوار والسعي نحو الحل، وليس فقط إلى الإبقاء على عملية لا نهاية لها”، وجاء ذلك عقب انتهاء جولة مبعوثه الخاص ستيفان دي ميستورا إلى المنطقة.

وقال غوتيريش في تصريح أدلى به مساء الجمعة إنه “يأمل في أن تتطور العملية السياسية مرة أخرى”، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ”مشكلة مستمرة منذ عقود عدة في منطقة من العالم نرى فيها مشاكل أمنية خطيرة جدا”.

ويرى مراقبون أن الجزائر هي المعنية بهذه الدعوة في ظل رفضها العودة إلى طاولة المفاوضات بالرغم من دعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية.

محمد لكريني: دعوة غوتيريش رسالة يحمّل فيها المسؤولية للجزائر

واعتبر محمد لكريني أستاذ القانون والعلاقات الدولية في تصريح لـ”العرب” أن “هذه الدعوة من قبل غوتيريش لاستئناف المباحثات حول قضية الصحراء المغربية، هي رسالة مباشرة يحمّل فيها المسؤولية للجزائر باعتبارها طرفا معنيا بهذا النزاع، خصوصا وأن قرارات مجلس الأمن وتقارير الأمين العام الأممي تشير إلى هذا الأمر، فضلا عن الدعم اللامشروط الذي تقدمه الجزائر لجبهة البوليساريو”.

وجاء تصريح غوتيريش بعد جولة مبعوثه الخاص الجديد إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا إلى المنطقة حيث زار خلالها كلا من المغرب ومخيمات تندوف ونواكشوط وأخيرا الجزائر، حيث اطلع على وجهات نظر أطراف النزاع حول الصحراء المغربية.

وأكد المبعوث الجزائري المكلف بملف الصحراء عمار بلاني للمبعوث الأممي “ضرورة البدء فور توفر الظروف المواتية لذلك في مفاوضات مباشرة وبحسن نية وخاصة دون شروط مسبقة بين طرفي النزاع، بمعنى جبهة البوليساريو والمغرب كما هو معرّف في لوائح مجلس الأمن الدولي”، حسب ما جاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية.

وترفض الجزائر والبوليساريو الجلوس إلى طاولة المباحثات، وقد سبق للأمين العام للأمم المتحدة أن دعا في أكتوبر الماضي الجزائر إلى العودة إلى مكانها حول المائدة المستديرة فور استئناف المسلسل السياسي بهدف التوصل إلى حل سياسي دائم ومتوافق بشأنه لقضية الصحراء المغربية، وذلك بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التي تمت المصادقة عليها منذ سنة 2018.

ودشن دي ميستورا جولته الأولى في المنطقة في الثالث عشر من يناير من المغرب الذي كرر له موقفه بضرورة “استئناف العملية السياسية تحت الرعاية الحصرية” للأمم المتحدة من أجل “التوصل إلى حل سياسي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفي إطار مسلسل الموائد المستديرة، وبحضور الأطراف الأربعة” المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا.

وأعلنت الجزائر “رفضا رسميا لا رجعة فيه” للعودة إلى طاولة المحادثات بصيغة الموائد المستديرة. وفضلا عن المسؤولية الكاملة للجزائر في ملف الصحراء المغربية، تمت الإشارة إلى دورها الرئيسي في قضية الصحراء المغربية أربع عشرة مرة على الأقل في التقرير السنوي الذي وضعه غوتيريش أمام أنظار مجلس الأمن.

وعبّر محمد لكريني عن اعتقاده أن “الجزائر ستشارك في الموائد المستديرة المقبلة بعد جولة المبعوث الأممي الجديد إلى المنطقة، لأنها تعتبر طرفا معنيا بهذا النزاع الذي عمّر طويلا وكانت تكلفته كبيرة على المنطقة”.

وعكس ما تحاول الجزائر الترويج له فإن قرار مجلس الأمن الأخير 2602 يشير إلى الجزائر بوصفها طرفا في هذا النزاع ما يجعلها معنية بالانخراط في العملية السياسية الأممية تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة من أجل تسوية قضية الصحراء المغربية.

ودعا مجلس الأمن الجزائر وباقي الأطراف إلى المساهمة الفعلية في نهاية المسلسل السياسي، كما تكرس هذه القرارات على غرار تلك التي صادق عليها مجلس الأمن منذ سنة 2007 مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها حلا جديا وذا مصداقية للنزاع حول قضية الصحراء المغربية.

دي ميستورا يؤكد على ضرورة استئناف العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي

واللافت أن يربط الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تصريحه الأخير ملف الصحراء بارتفاع منسوب الإرهاب في منطقة الساحل، حيث أكد أن “الإرهاب ينتشر في منطقة الساحل، ومن مصلحة الجميع حل مشكلة الصحراء نهائيا”.

ويشير مراقبون إلى أنه من المؤكد أن الأمم المتحدة تملك معطيات عن تسرب الفكر المتطرف إلى مخيمات تندوف، ومن المحتمل أن تشكل تهديدا على المنطقة واستقرارها، خصوصا مع نجاح المغرب في جعل منطقة شمال أفريقيا بمنأى عن تسرب العناصر الإرهابية نحوها، لاسيما من المنطقة العازلة في الصحراء المغربية.

وفي هذا الصدد شدد هشام معتضد الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية في تصريح لـه ، ان على “وجود حسابات جيوستراتيجية وتطورات أمنية في المنطقة ساهمت في التعجيل بإصدار الموقف الأميركي المعترف بسيادة المغرب على صحرائه، خاصة تلك المرتبطة بتنامي دعم الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء تتطلب تشديد المراقبة ورفع حالة التأهب على مستوى هذه المنطقة لما تشكله من مرتع خصب للعديد من التحركات المشبوهة للكثير من التنظيمات والميليشيات”.

وتم رصد التداخل بين انفصاليي البوليساريو والمجموعات الإرهابية وبات قائما بحسب مصادر أمنية، حيث أكد حبوب الشرقاوي مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن صفوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد باتت تضم “أزيد من 100 انفصالي من جبهة البوليساريو”، مشددا على أن هناك “تأطيرا داخل مخيمات تندوف وتلقينا عقائديا يقوم به أئمة المخيمات”.

وأوضح المسؤول الأمني المغربي أن هذا “المعطى الثابت يحيل على انخراط عناصر من جبهة البوليساريو في المجموعات الإرهابية المصغرة، أو داخل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أو في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: