المغاربة العالقين في الخارج يقررون تنظيم وقفات إحتجاجية أمام القنصليات المغربية للمطالبة بالعودة إلى بلادهم
فاطمة الزهراء مجدي
قرّر عدد من المغاربة العالقين في الخارج جراء تفشي وباء كورونا تنظيم وقفة احتجاجية، الاثنين المقبل إبتداءا من الساعة العاشرة صباحا ، أمام القنصليات المغربية في الخارج للمطالبة بالعودة إلى بلادهم، ما يحرج الحكومة المغربية المرتبكة في تسوية هذا الملف.
وقال تجمع المغاربة العالقين في بلدان العالم في بيان لهم إن قرار الاحتجاج جاء “بعد شهرين من الصبر دون أن تحدد الحكومة المغربية، أي تاريخ للشروع في ترحيلنا، و تجاهل حقوقنا كمغاربة “.
وطالب العالقون من مجلس النواب، بصفته مؤسسة لها حق الرقابة على العمل الحكومي، أن يمارس صلاحياته لحثّ الحكومة المغربية على تحمل مسؤولياتها وترحيل العالقين في أقرب وقت.
وقال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش في حديث تلفزيوني أن قرار فتح الحدود من عدمه، سيتم اتخاذه في اللحظات الأخيرة كي تتمكن الحكومة من معرفة الحالة الوبائية للبلاد. وقال رئيس الحكومة إن قرار الإغلاق الساري المفعول منذ ال 29 من نوفمبر المنصرم، كان صائبا لأنه تعلق بمتحور لم يكن معروفا، لكن الوضع اختلف الآن بعدما تبين أنه لا يؤثر بشكل كبير على المرضى. كما أقر أخنوش، من جهة، بصعوبة الوضع على القطاع السياحي وتمنى أن يشهد انفراجة، ومن جهة أخرى، بمعاناة المغاربة المقيمين في الخارج ممن يريدون السفر إلى المغرب.
إنّ عودة المغاربة العالقين في الخارج مرهون بقرار فتح الحدود، مشيرا إلى أن وزارة الشؤون الخارجية والمغاربة المقيمين بالخارج تكلفت بـ5700 منهم، أي ما يمثل 25 في المئة، من خلال 155 مركزا وخلية في مختلف سفارات وقنصليات المملكة.
وعلق الصحفي بوشعيب البازي على تصريحات أخنوش بالقول “رئيس الحكومة فشل مرة أخرى في الإجابة عن أحد أهم الأسئلة، المتعلقة بمتى وكيف ستكون عودة المغاربة العالقين بالخارج”، مشيرا إلى أن “هؤلاء يحتاجون ونحتاج جميعا لمعلومة تحيي الأمل وتخفف الضغط النفسي الرهيب الذي يعيشونه”.
وتابع البازي “مضى أكثر من 50 يوما منذ تفعيل القرار لإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية من و الى المغرب في وجه بعض المواطنين ، لكن لا وجود لرؤية حول تواريخ عملية العودة، وليس هناك معلومة حول الاستراتيجية المعتزمة لتنظيم عملية العودة والأولويات”.
هذا و قد صرح الطيب حمضي، في حديث لمونت كارلو الدولية، “الآن، بات السؤال يُطرح حول الجدوى الصحية من الحفاظ على الحدود مغلقة. من الناحية الوبائية الصرفة، نلاحظ أن متحور أوميكرون هو السائد المطلق في المغرب، وأن جميع جهات المغرب فيها انتشار جماعي للفيروس. ولحد الساعة 10 في المائة من الأَسِرة المخصصة لفيروس كورونا في الإنعاش فقط هي المشغولة، والضغط لا يوجد سوى في جهة الدار البيضاء، وبالتالي المنظومة الصحية المغربية لديها فائض كبير ويمكنها تحمل هذه الموجة”.
ويضيف الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، أن الإشكال في المغرب اليوم، غير مرتبط بفتح الحدود، وإنما بموجود أعداد كبيرة من المواطنين ممن لا يلتزمون بالإجراءات الوقائية ولا بالاحتياطات، ومنهم من لا يلتزم حتى بالعزل الصحي. ويضيف حمضي: “وهنا يطرح سؤال هام من الناحية الوبائية: هل هؤلاء هم من يشكلون خطرا على تطور الوضعية الصحية في المغرب؟ أو مواطنون مغاربة في الخارج أو سياحا أجانب سيدخلون للمغرب ولديهم التلقيح الكامل وشهادة الفحص السلبية؟ من الناحية العلمية والوبائية فتح الحدود بالشروط الصحية من فحص وتلقيح، لا يشكل أي خطر إضافي مقارنة مع انتشار الفيروس في المغرب ووجود عدد من السلوكات التي تؤدي إلى تفشيه”.
خسائر على أكثر من واجهة
رغم أن السلطات المغربية خصصت رحلات جوية من عدد من الدول لإجلاء المغاربة العالقين في الخارج، إلا أن الكثير منهم لا يزال ينتظر العودة إلى بلاده، كما يعاني المقيمون منهم في دول المهجر الأمرين وهم ينتظرون فتح الحدود وسط توقعات وإشاعات تؤخر الموعد أو تقربه، ما يشكل ضغطا نفسيا كبيرا عليهم ينضاف لذاك الذي يتسبب فيه الوضع في ظل الجائحة. كما يعاني من فقدوا منهم، أحد الأقرباء وهم في الخارج، من عدم إمكانية السفر لأجل إلقاء النظرة الأخيرة عليهم، ولا يتمكن من توفي منهم في الخارج من العودة الأخيرة ليرقد بسلام في بلاده.
بدوره تضرر اقتصاد البلاد بشكل كبير جراء عمليات الإغلاق وخاصة قطاعات الاستثمار والتجارة والسياحة. فالقطاع السياحي، مثلا، تأثر بشكل كبير من إغلاق الحدود، إذ عول المهنيون على أعياد رأس السنة كي يحقق قطاعهم بعض الانتعاش خاصة بعد الركود الكبير الذي شهده خلال ما يناهز عامين. وحسب معطيات رسمية، فقد انخفضت مداخيل القطاع إجمالاً بمعدل 65 بالمئة (نحو 7,5 ملايين دولار) بين عامي 2019 و2020. كما انهارت عدد ليالي المبيت في الفنادق من 25,2 مليون ليلة العام 2019 إلى سبعة ملايين فقط في العام الموالي. واضطرت العديد من الشركات والمؤسسات الفندقية وغيرها إلى التخفيض من عدد العمال عبر توقيفهم بشكل مؤقت أو تسريحهم. وقد أطلقت الحكومة مخططا استعجاليا لدعم القطاع السياحي بقيمة ملياري درهم، إلا أن ذلك لا يعد كافيا بالنظر إلى حجم الخسائر، ما يدفع العاملين في القطاع إلى المطالبة بفتح الحدود للحيلولة دون انهياره ولإنقاذ آلاف الأسر التي تعيش من مداخيله.
وتسبب تعليق جميع الرحلات الجوية وإغلاق الحدود من قبل جميع الدول لمحاصرة فايروس كورونا، في بقاء الآلاف من المغاربة في عدد من دول العالم أغلبهم يواجهون أوضاعا صعبة رغم تدخل القنصليات والسفارات المغربية.
وقال رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية إن “الحديث عن عدم وجود خطة لإجلاء العالقين اعتراف بالإفلاس الحكومي”.