تداولت تقارير جزائرية فشل محاولة الناشطة السياسية المعارضة أميرة بوراوي في مغامرة الهجرة السرية نحو إيطاليا بعد الإبلاغ عنها، لتنضاف بذلك إلى عدد من الناشطين الذين اختاروا الهجرة غير الشرعية للإفلات من ملاحقات سلطات بلادهم، ولو أن الأمر لم يعد يقتصر على هؤلاء فقط، فقد سبق لعناصر خفر السواحل أن أفشلت محاولة لقاضية حاولت الهجرة السرية، بعدما حامت حولها شبهات فساد.
وتعتبر الطبيبة والناشطة السياسية أميرة بوراوي، أحد الوجوه النسوية المعارضة للسلطة، حيث كانت طيلة احتجاجات الحراك الشعبي في طليعة الصفوف المتظاهرة، كما لم تخف شراستها تجاه التيارات الإسلامية والمحافظة، لاسيما تلك التي تحسب على المعسكر الموالي للسلطة.
وأفادت مصادر محلية بأن أميرة بوراوي حاولت ركوب أحد قوارب الهجرة السرية من مدينة ساحلية بشرق البلاد، على أمل الوصول إلى السواحل الإيطالية، غير أن بلاغا لعنصر من عناصر تنظيم الهجرة غير الشرعية، كان وراء فشل مغامرتها.
وسبق للناشطة المذكورة أن سجنت على ذمة التحقيق خلال احتجاجات الحراك الشعبي، قبل أن تستفيد من عفو رئاسي أصدره عبدالمجيد تبون، كما لوحقت قضائيا في تهم أخرى وجهت لها خلالها تهم إهانة رئيس الجمهورية وهيئة نظامية، إلى جانب الازدراء بالدين، والإساءة للإسلام ولرسوله.
وصدر في حقها حكم قضائي بالسجن لمدة عامين، مما حرمها من السفر إلى الخارج بطرق شرعية، ومنعت في إحدى السفرات من ركوب طائرة متوجهة إلى فرنسا، رغم الدعوة التي كانت بحوزتها لحضور نشاط علمي ببارس.
الناشطة السياسية المعارضة أميرة بوراوي سجنت خلال احتجاجات الحراك الشعبي قبل أن تستفيد من عفو رئاسي
وتعتبر بوراوي من الوجوه المخضرمة في معارضة النظام السياسي القائم في الجزائر، فقد كانت في طليعة الشخصيات التي أسست حركة “بركات” (كفى)، التي عارضت الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، ووقفت ضد مشروع ترشحه لولاية رئاسية خامسة، كانت منتظرة في رئاسيات 2019، قبل أن يسقط تحت ضغط الحراك الشعبي.
وفيما لم تتسن معرفة مصير الناشطة المذكورة، التي قد تلاحق مجددا بتهمة محاولة الهجرة السرية، فإن حالتها ستنضاف إلى العديد من الحالات التي كان أبطالها ناشطين سياسيين معارضين، فروا من بلادهم عبر قوارب الهجرة السرية، بسبب الملاحقات المستمرة لهم من طرف السلطة.
ويعد الناشط إبراهيم دواجي نموذجا حيا للظاهرة المذكورة، فقد بذل كل ما يملك من أموال وسيارة من أجل تأمين هجرة سرية أوصلته إلى التراب الإسباني، حيث يكون قد تقدم بطلب لجوء سياسي، أما الناشط الآخر إبراهيم لعلامي فقد فشل في محاولته، وقد تمت استعادته من طرف الأمن الجزائري، ليقضي عقوبة سجن بتهم أخرى.
وصارت الهجرة السرية ملاذ الآلاف من الجزائريين من مختلف الأعمار ومن الجنسين، خاصة الشباب وبعض القصر، وحتى عائلات، قبل أن ينضاف إليهم ناشطون سياسيون معارضون، لم يبق أمامهم أي خيار إلا الهجرة غير الشرعية للإفلات من ملاحقات السلطات الأمنية والسجون.
ولجأ حتى ضالعون آخرون في قضايا فساد إلى قوارب الهجرة السرية، كما هو الشأن لقاضية في إحدى محاكم غرب البلاد، فبعدما حامت حولها شكوك فساد مالي ورشوة، قررت الهجرة سرا، لكن محاولتها باءت بالفشل لأن عناصر خفر السواحل تفطنت للمحاولة.
وكانت رياضية وبطلة قارية من مدينة وهران، قد نجت بأعجوبة من محاولة هجرة، بعدما انقلب القارب بركابه في عرض البحر، وصرّحت بأنها قامت بذلك من أجل الذهاب للعلاج، بعدما تنكر لها الجميع في محافظتها وفي الوصاية الرياضية التي تتبع لها.
وتحولت السواحل الغربية والشرقية للبلاد إلى فضاء لنشاط شبكات الهجرة السرية، في ظل العدد المتزايد للراغبين في الهروب من بلادهم، حيث أعلنت السلطات الإسبانية خلال الصائفة الماضية عن استقبال نحو خمسة آلاف مهاجر جزائري بطرق غير شرعية خلال شهر واحد فقط، وتساءلت صحيفة إسبانية بالبنط العريض “ماذا يحدث في الجزائر؟”.
وحسب تقارير محلية، فإن الهجرة السرية باتت النشاط الأكثر تحقيقا للربح، في ظل تزايد أعداد الرغبين في الهجرة، ودخول إمكانيات لوجستية في التهجير توفر الوقت والسلامة، لكنها بأثمان باهظة، تقدر تكفلتها بنحو 15 ألف دولار، ولم تستبعد تلك التقارير وجود لوبيات قوية تؤطر وتهيمن على النشاط.