الحكومة المغربية تتجه إلى إرساء تهدئة اجتماعية

مجدي فاطمة الزهراء

يعكس الاتفاق الذي وقعته الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش مع نقابات التعليم الخمس الأكثر تمثيلا الثلاثاء سعيا من السلطات لإرساء تهدئة اجتماعية، وهي محاولة أيضا لاستكمال مسار إصلاح المنظومة التعليمية خاصة في ظل الانتقادات التي تواجهها الحكومة من قبل أحزاب المعارضة لحصيلة عملها في الـ100 يوم الأولى لها.

يُشكل توقيع الحكومة المغربية برئاسة عزيز أخنوش على اتفاق مع نقابات التعليم الخمس الأكثر تمثيلا خطوة نحو إرساء تهدئة اجتماعية وسياسية خاصة بعد مرور 100 يوم على تولي أخنوش وفريقه الحكم وسط انتقادات من المعارضة.

جاء التوقيع بعد عدة إضرابات شنها المعلمون والأساتذة في العام الماضي حيث بدت حكومة أخنوش وكأنها تسعى لتلافي أخطاء الحكومة السابقة برئاسة سعدالدين العثماني.

تهدئة اجتماعية

شريفة لموير: الاتفاق خطوة مهمة في مسار إصلاح المنظومة التعليمية

تبذل الحكومة المغربية الجديدة جهودا من أجل إرساء تهدئة اجتماعية تمكنها من تنزيل وعودها الانتخابية على أرض الواقع.

وقالت رئاسة الحكومة في بيان نشرته الثلاثاء إن “التوقيع على هذا الاتفاق الهام يأتي تتويجا لسلسلة من جلسات الحوار القطاعي، التي حظِيت بعناية خاصّة من لدن الحكومة، في سياق تنفيذها لالتزاماتها ذات البعد الاجتماعي، وانسجاما مع رغبتها في جعل الحوار الاجتماعي آلية أساسية لتحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للموظفين، وكذا في ترسيخ الدور التمثيلي للشركاء الاجتماعيين وتقوية الديمقراطية التشاركية”.

وأضاف البلاغ أن “أطوار الحوار القطاعي اتسمت بنقاش مسؤول وبناء، وبانخراط إيجابي من لدن جميع الأطراف، قطاعات حكومية وفرقاءَ اجتماعيين، وفق منهجية مبنية على الإنصات، والمسؤولية، والثقة المتبادلة، والانتظام في جلسات الحوار. واتفق الجانبان على مراجعة النظام الأساسي الحالي لموظفي وزارة التربية الوطنية، وإحداث نظام أساسي محفز وموحد يشمل جميع فئات المنظومة التربوية، وتسوية مجموعة من الملفات المطلبية ذات الأولوية. ويتعلق الأمر بملفات أطر الإدارة التربوية، والمستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي، وأساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي المكلفين خارج سلكهم الأصلي، وأطر التدريس الحاصلين على شهادات عليا، وأطر التدريس الحاصلين على شهادة الدكتوراه”.

وتابع أن “الجانبين اتفقا أيضا على برمجة تدارس الملفات المطلبية الأخرى المطروحة من طرف النقابات الخمس الأكثر تمثيلية، ومواصلة الحوار بشأن ملف الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. وشدد البلاغ على أن من شأن هذا الاتفاق أن يساهم في ترسيخ ومأسسة الحوار القطاعي المسؤول والبناء بين الأطراف الموقّعة عليه، وفي استتباب السلم الاجتماعي بالمنظومة التربوية، إلى جانب تكريسه للدور المحوري للنقابات التعليمية كشريك أساسي في مسار الإصلاح التربوي. وقد عبرت الحكومة بهذه المناسبة عن أملها في أن يفتح هذا الاتفاق أفقا جديدا في مسار التعبئة الشاملة لنساء ورجال التعليم في أوراش النهوض بالمدرسة العمومية، بما يستجيبُ لانتظارات المواطنات والمواطنين في إرساء مدرسة عمومية ذات جودة، تضمنُ الارتقاء الاجتماعي، وتحقّق الإنصاف وتكافؤ الفرص، وتسمح بتكوين وتأهيل المتعلمات والمتعلمين لكي يُسهموا بفعالية في تنمية وازدهار بلدهم”.

واعتبرت الباحثة في العلوم السياسية شريفة لموير أن “ما سيسفر عنه هذا الاتفاق هو ما سيعكس حدوث حالة انفراج مرتقبة أو تكريس حالة أزمة اجتماعية”.

وأوضحت لموير في تصريح لـه ، أن “مباشرة التعامل واللقاءات في هذه الفترة بعد 100 يوم من عمر الحكومة المغربية هي بادرة لحس المسؤولية تجاه قطاع مهم كالتعليم، لكن من جهة ثانية تبقى آمال هذا الاتفاق رهينة بما ستثمر عنه مع النقابات”.

ويأتي ذلك في وقت ما انفكت فيه الأحزاب المعارضة تنتقد حصيلة الحكومة في الـ100 يوم الأولى لحكمها حيث قالت الأمانة العامة لحزب جبهة القوى الديمقراطية إنها منشغلة جدا “بما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لأوسع الشرائح الاجتماعية نتيجة التدبير الحكومي الضعيف والمفتقد للإرادة السياسية والجرأة اللازمة إزاء عدد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية الحارقة”.

إصلاح التعليم

من شأن الاتفاق الذي أمضاه وزير التربية شكيب بنموسى مع نقابات التعليم أن يُفضي لاستكمال عملية الإصلاح التربوي

من شأن الاتفاق الذي أمضاه وزير التربية المغربي شكيب بنموسى مع نقابات التعليم الثلاثاء أن يُفضي إلى القيام بعملية إصلاح تربوي خاصة بعد التحركات الاحتجاجية التي قام بها المعلمون والموظفون في هذا القطاع.

وسبق للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن شكل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في إطار مأسسة اهتمام الدولة بالمجال التعليمي في العام 2014 وتمت مباشرة عملية الإصلاح.

وقالت لموير إن “الاتفاق المرحلي الذي جمع الحكومة بنقابات التعليم العالي يعتبر خطوة مهمة في مسار إصلاح المنظومة التعليمية التي أصبحت تعرف اختلالات كبيرة، خاصة أن الاتفاق سلط الضوء على ملفات ظلت معلقة طيلة سنوات وعلى رأسها ملف الأساتذة أطر الأكاديميات”.

وأوضحت أن “عدم تركيز الجانب الحكومي على ملفات أخرى وإحاطة الاتفاق المرحلي بكل ملفات التعليم هي مؤشر مطمئن حول طريقة تعاطي الحكومة مع هذا القطاع المهم الذي عرف تدهورا زاد من شرخ عدم ثقة المواطن في التعليم العمومي”.

ويأتي ذلك في وقت دقت فيه العديد من الأرقام ناقوس الخطر بشأن مؤشرات تُشكل تهديدا جديا لعملية تطوير التعليم في المملكة حيث كشفت دراسة صدرت في ديسمبر الماضي ضعفا كبيرا في مستوى استيعاب التلاميذ لدروس اللغات والرياضيات على الخصوص.

وأضافت الدراسة الصادرة عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن 9 في المئة فقط من تلامذة المستوى الإعدادي في التعليم العمومي (الحكومي) يستوعبون مجمل اللغتين والفرنسية والرياضيات، مقابل مستويات أفضل نسبيا لتلامذة التعليم الخصوصي.

وكذلك الشأن بالنسبة إلى تلامذة المرحلة الابتدائية في التعليم العمومي حيث ظهرت مستويات استيعاب متدنية في اللغة العربية (42 في المئة) والفرنسية (27 في المئة) والرياضيات (24 في المئة) مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه المعدلات أكثر تدنيا في الأرياف مقارنة بالمدن.

وتوصلت الدراسة إلى أن هذه “الأزمة تشكل تهديدا جديا لتطور منظومة التربية”، مشيرة إلى أن المدرسة العمومية “أصبحت آلة لإعادة إنتاج التفاوتات داخل المجتمع”، وإلى أن الإصلاحات المتتالية لهذا القطاع “لم يكن لها مفعول إيجابي”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: