إسبانيا تجدّد مراهنتها على دور المغرب في معالجة ملف الهجرة

ماموني

تراهن إسبانيا على أهمية دور المغرب في معالجة الملفات المشتركة وفي مقدمتها ظاهرة الهجرة غير النظامية، في محاولة لوقف تدفّق المهاجرين الذين يسعون إلى الوصول إلى أوروبا.

واعتبر وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، أنه لا يمكن تدبير مسألة الهجرة دون مساعدة المغرب.

وشدّد في تصريحات صحافية على أن العلاقة بين المغرب وإسبانيا “غنية بفضل شبكة من المصالح والجوانب المختلفة التي يتعين علينا تعزيزها”، لافتا إلى أنه “تم مؤخرا منع تسلل أكثر من ألف شخص عبر حدود سبتة ومليلية المحتلتين”.

ويحاول المهاجرون الوصول إلى البلدان الأوروبية، عبر اقتحام الأسيجة الحدودية التي تفصل الأراضي المغربية عن مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين للسيادة الإسبانية.

وأشاد ألباريس في مقابلة صحافية مع موقع “إلدياريو” الإسباني، بتعاون المغرب في “وقف تدفقات الهجرة ما يجعله شريكا استراتيجيا لإسبانيا وأوربا”، معتبرا أن “العلاقات الإسبانية – المغربية متينة ويجب تعزيزها”.

وأكد المحلل السياسي هشام معتضد أن “تصريحات ألباريس تترجم أن الأجهزة الإسبانية واعية تماما بأهمية التعاون الأمني والاستراتيجي مع جارتها الجنوبية خاصة وأن مدريد سياسيا في حاجة إلى الرباط أكثر من أي وقت مضى”.

هشام معتضد: الأجهزة الإسبانية واعية تماما بأهمية التعاون الأمني المغربي

وأضاف في تصريح لـه ، أن “المؤسسات المغربية تعتبر التعاون الإيجابي والبناء وحسن الجوار قيما أساسية وقناعات فكرية تؤطر عملها الدبلوماسي وسياستها الخارجية”، لافتا “على إسبانيا والاتحاد الأوروبي أن يتحليا بالشجاعة الكبيرة والمسؤولة للاعتراف بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها المغرب لتدبير هذا الملف المعقد من أجل كسب رهاناته”.

ويمثل المغرب ثاني أكبر دولة في القارة الأفريقية تتعاون في مجال الهجرة مع مدريد والاتحاد الأوروبي، بإجمالي مساعدات موجهة إلى دعم جهود محاربة الهجرة غير الشرعية تصل إلى 346 مليون يورو (394.69 مليون دولار)، 238 مليون منها (271 مليون دولار) تقريبا من صندوق الاتحاد الأوروبي الاستئماني، المخصص للطوارئ بقارة أفريقيا.

ويعد ملف الهجرة حجرا أساسيا في علاقة المغرب مع إسبانيا ومن خلالها الاتحاد الأوروبي، حيث تقوم المملكة بدور نشيط وفعال في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال التعاون بشأن مراقبة الحدود المشتركة مع إسبانيا وأوروبا، دون خضوعها لأي قرارات تعتبر مضرة بمصالحها الاستراتيجية.

وأكد صبري الحو الخبير في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء أن “المغرب فرض حضوره كرقم مهم في معادلة التوازن الماكرو – سياسي لإسبانيا وتأثيره في سياستها الداخلية في عدة مستويات منها الهجرة وتجاوز الدور الدركي للمغرب في تطويق كل ما يتهدد أوروبا”.

ولفت إلى أن “الرباط منخرطة مع إسبانيا في إطار نظام تعاقدي في إطار ثنائي ومتعدد الأطراف مع الاتحاد الأوروبي ككتلة تفاوضية قوية”.

وأثّر توتر العلاقات المغربية الإسبانية على الشراكة الاستراتجية بين الرباط والاتحاد الأوروبي بعد تدفق أكثر من عشرة آلاف مهاجر من المغرب إلى جيب سبتة في مايو الماضي، فضلا عن أزمة ترحيل مهاجرين قاصرين مغاربة من غير المرافقين، الذين عبروا إلى سبتة، وقبول المغرب بتنفيذ إرجاع هؤلاء عبر جماعات من خمسة عشر مهاجرا قاصرا في كل يوم عبر معبر تاراخال.

وشددت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية على أهمية الشراكة القوية مع المغرب، معتبرة أن المملكة تمثل ثاني أكبر دولة تحافظ على سياسة التعاون في مجال الهجرة مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي.

وتعمل إسبانيا على بناء “حدود ذكية” من شأنها أن تزود المراكز الحدودية التي تفصل بين مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين والمغرب بكاميرات التعرف على الوجوه بدل الأسلاك الشائكة الموضوعة في مجموعة من المعابر الحدودية منذ سنة 2005.

وخلص المحلل السياسي هشام معتضد، إلى أن الهجرة الجماعية التي عرفتها سبتة المحتلة في مايو الماضي، “تترجم الإشكالية الكبيرة التي تعيشها هذه المنطقة والتي تشهد بين الفينة والأخرى تدفقات كبيرة تحاول الرباط دائما تدبيرها من أجل منع تسلل المهاجرين غير النظاميين للمناطق غير المسموح بها قانونيا”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: