الجزائر تراهن على إنجاح القمة العربية لتجاوز عزلتها الدبلوماسية

حنان الفاتحي

تراهن الجزائر على إنجاح القمة العربية المرتقبة في شهر مارس المقبل، عبر التكثيف من اتصالاتها الدبلوماسية لضمان حضور عربي رفيع ونوعي، وتأكيد ثقلها في المجموعة العربية، خصوصا في ظل الأزمة المتفاقمة بينها وبين المغرب، فضلا عن توظيفاتها السياسية داخليا للجم الأصوات المعارضة للسلطة.

كثفت الجزائر من وتيرة اتصالاتها الدبلوماسية في محيطها العربي، أملا في إقناع القادة العرب بالحضور إلى القمة العربية في مارس القادم، وفتح أبواب تشاور مسبق من أجل التوصل إلى أجندة مبكرة، بغية تجاوز الخلافات والمطبات التي تعترض العمل العربي المشترك، خاصة في ظل الأزمة المتفاقمة بين الجزائر والمغرب، وإعلان دول الخليج العربي عن دعمها لمقاربة الرباط في حل أزمة الصحراء.

ويقوم وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بجولة مكوكية إلى عدد من العواصم العربية، لبحث وإقناع قادة الدول العربية بالحضور الرفيع المستوى إلى القمة العربية التي ستحتضنها بلاده خلال شهر مارس المقبل، حيث زار عددا من العواصم الخليجية على غرار الرياض وأبوظبي والقاهرة لاطلاع حكوماتها على رغبة الجزائر في تكريس الحدث الدبلوماسي من أجل لملمة الخلافات العربية – العربية، وتحقيق إجماع مبكر على مخارج بعض الملفات الثقيلة على غرار القضية الفلسطينية وعودة سوريا إلى الجامعة العربية.

وتسعى الجزائر لإنجاح القمة العربية خاصة في ظل الأزمة الدبلوماسية المتفاقمة بينها وبين المغرب، فضلا عن توظيفاتها السياسية داخليا للجم الأصوات المعارضة للسلطة، التي تتهمها بالفشل في إدارة التوازنات الإقليمية والدولية، خاصة بعد أن رجحت الكفة العربية لصالح الرباط، بعد إعلان دول الخليج عن دعم المقاربة المغربية في حل أزمة الصحراء.

الدبلوماسية الجزائرية تعول كثيرا على الدور المصري لضمان الحضور الرفيع للقمة لكي لا تظهر في موقف البلد الضعيف

وتعول الدبلوماسية الجزائرية كثيرا على الدور المصري في إنجاح الاستحقاق القادم، لاسيما في مسألة ضمان الحضور الرفيع للقمة، لكي لا تظهر في موقف البلد الضعيف، وتكرار سيناريو القمة الأخيرة التي احتضنتها موريتانيا.

وإذ يسود المشهد العربي انطباع بأنه لا اعتراض على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، فإن باقي الملفات تبقى محل خلاف، خاصة في مسألة التطبيع العربي – الإسرائيلي، والخلاف الثنائي بين الجزائر والرباط، ففيما تعتبر الجزائر نفسها قاطرة مجموعة الممانعة، باتت موجة التطبيع تتوسع تدريجيا، بعد تأكيده مع المغرب، يتم تداول معلومات عن اتصالات إسرائيلية – ليبية تمهيدا لإعلان تطبيع بين الطرفين.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد التقى الأحد بنظيره الجزائري لعمامرة بالقاهرة، حسب ما ورد في تدوينة على الفيسبوك للخارجية جاء فيها أن “الوزير شكري يستقبل حاليا الوزير لعمامرة لبحث سُبل تعزيز مختلف أطر التعاون الثنائي في إطار العلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين، فضلا عن مناقشة القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك”.

كما بحث لعمامرة مع وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان المستجدات الإقليمية والدولية، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية أن “الشيخ عبدالله بن زايد التقى في قصر الإمارات بأبوظبي الوزير لعمامرة حيث بحثا العلاقات والتعاون المشترك بين الإمارات والجزائر وسبل تعزيزها وتنميتها في مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما”.

وأضافت “ناقش الطرفان الأوضاع في المنطقة وعددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك بالإضافة إلى المستجدات الإقليمية والدولية، كما بحث الجانبان خلال اللقاء الجهود العالمية المبذولة لاحتواء تداعيات جائحة فايروس كورونا المستجد والمضي قدما في مسار التعافي من آثارها على مختلف الأصعدة”.

وتحاول الجزائر تجاوز فتور علاقاتها في الآونة الأخيرة مع دول الخليج العربي بسبب موقف الأخيرة من النزاع القائم في إقليم الصحراء، بتكثيف نشاطها الدبلوماسي لإقناع قادة الدول الخليجية بالحضور إلى القمة، وإعادة المبادرة العربية لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، لكن ذلك يصطدم بقطع الجزائر في وقت سابق الطريق أمام جميع المساعي العربية، خاصة السعودية والكويتية من أجل احتواء الخلاف مع المغرب، ورفضها المطلق لأي وساطة في هذا الملف.

Thumbnail

وذكرت مصادر دبلوماسية أن الجزائر تكون قد أبلغت شرطها للرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، خلال زيارته الأخيرة للجزائر، والمتمثل في فسخ الاتفاقيات المبرمة بين الرباط وتل أبيب، مقابل عودة العلاقات الطبيعية بين الطرفين (الجزائر والمغرب)، كما لا تستبعد نفس المصادر أن تكون قد أبلغت إسرائيل رسائل لم يكشف عن فحواها، بواسطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لما زار الجزائر، وعبر مصر لما زار قائد أركان الجيش الجنرال سعيد شنقريحة القاهرة خلال الأسابيع الماضية.

وباشرت الجزائر مشروع المصالحة الفلسطينية بالالتقاء الأحادي مع مختلف الفصائل من أجل تذليل المشاكل العالقة بينها، حيث وصل إلى الأراضي الجزائرية وفد حركة فتح الفلسطينية السبت بدعوة من الرئاسة الجزائرية.

وذكر مصدر دبلوماسي فلسطيني أن “وفد حركة فتح يترأسه عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية للحركة عزام الأحمد، ويضم عضوي اللجنة المركزية محمد المدني ودلال سلامة ونائب أمين سر المجلس الثوري للحركة فايز أبوعيطة”.

ولفت إلى أن الوفد سيباشر مشاوراته مع المسؤولين الجزائريين لبحث سُبل إنجاح الحوار الوطني، وإتمام المصالحة الفلسطينية.

كما أعلنت حركة حماس أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية “تلقى من السفير الجزائري في قطر دعوة باسم الدولة الجزائرية لزيارة وفد من قيادة الحركة للجزائر”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: