أفادت جبهة البوليساريو الانفصالية بأنها لا تتوقع الكثير من زيارة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى مخيمات تندوف، معتبرة إياها زيارة تواصل لا تخدم أطروحتها بشأن ملف الصحراء المغربية.
وأطلق ممثل جبهة البوليساريو في نيويورك سيدي محمد عمار تصريحات قلل فيها من مهمة المبعوث الأممي، قائلا إن “الجبهة لن تكون في موقع التفاوض مع ستيفان دي ميستورا، وسنبلغه بكل وضوح موقفنا من العملية السلمية ومن آفاقها، ولو أننا لا نتوقع الكثير بحكم أنها أول زيارة، وهي زيارة تواصلية”.
ورغم ما صرح به محمد عمار، فإن زميله ممثل البوليساريو بالجزائر عبدالقادر الطالب عمر عبر عن موقف آخر يؤكد فيه أن مطالبة الجبهة “بالرجوع إلى الوضع السابق ووقف إطلاق النار أمر مرفوض”، متوقعا عدم التنازل عن نقطة الاستفتاء التي تجاوزتها قرارات مجلس الأمن.
وشدد الطالب عمر على ضرورة تبني مقاربة جديدة مبنية على أساس حل سياسي قائم على إجراء الاستفتاء وحق البوليساريو في تقرير المصير، كما جدد التأكيد على أن مطالبة الجبهة بالرجوع إلى الوضع السابق ووقف إطلاق النار دون مقابل “أمر مرفوض”.
وأفاد صبري الحو الخبير في القانون الدولي أن البوليساريو تخلت منذ مدة عن المشاركة في العملية السياسية، وأعلنتها وبلغت الأمم المتحدة بذلك، وهي لا تملك سوى الاستجابة لقرار مجلس الأمن، وأن وضعها لشروط من قبيل تحديد موعد للاستفتاء، أو عودة الوضع في معبر الكركرات إلى ما قبل الثالث عشر من نوفمبر 2020 هي مجرد أوهام ومسكنات داخلية تسوقها لسكان المخيمات.
وأضاف في تصريح لـه، أن “البوليساريو لا تملك قرار التعبير عن أي رأي أو قرار إلا وفق ما تمليه عليها الجزائر”، مشددا على أن الجبهة انتهت إلى الأبد، وهو ما أقر به أحد قادتها، وأن الصيغة الآن منصبة حول طريقة إعلان التفكيك والنهاية، هل سيكون دبلوماسيا وسياسيا، أو انتحارا عسكريا.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن القيادية بالجبهة الانفصالية عزت إبراهيم بابيه أن “زيارة دي ميستورا إلى المنطقة لا تختلف عن زيارة أسلافه، في ظل عدم اتخاذ الأمم المتحدة لإجراءات جدية وتقاعس مجلس الأمن”، مشيرة إلى “أننا لا ننتظر أن يأتي دي ميستورا بحل للقضية”.
وفي المقابل عبر المغرب أنه ملتزم بالتشبث بمواقفه السابقة واستئناف العملية السياسية تحت الرعاية الحصرية لهيئة الأمم المتحدة، للتوصل إلى حل سياسي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفي إطار مسلسل الموائد المستديرة، وبحضور الأطراف الأربعة (المغرب، البوليساريو، الجزائر وموريتانيا).
وتواجه مهمة المبعوث الأممي تحديات صعبة بحكم العقبات التي تضعها البوليساريو وحاضنتها الجزائر للحيلولة دون إيجاد حل سياسي وذلك لتمسكها بما تسميه الاستفتاء لتقرير المصير الذي تجاوزته قرارات مجلس الأمن، وأيضا قرار الجبهة من طرف واحد وقف العمل باتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد مسؤول أمانة التنظيم السياسي للجبهة خطري أدوه عقب استقباله دي ميستورا أنه “على الأمم المتحدة البحث في الحل عن التسوية السلمية بدءا من مراجعة ما سماه أسباب فشل كل المساعي الماضية وكل المسارات الماضية وجهود المبعوثين الشخصيين للأمين العام للأمم المتحدة”.
وأوضح الحو أن مجلس الأمن احتفظ لنفسه بمهمة باختصاص تدبير الملف في جزئياته وتفاصيله من خلال هندسة قراره 2602 الأخير بالدخول في الجزئيات، وبقت للأمين العام ومبعوثه الشخصي مهمة التسيير، وهو ما سيسهل العملية حيث سيبقى مجلس الأمن ساهرا على تنفيذ قراره.
ومتابعة لدورها في الملف، أعلنت واشنطن عبر مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية ترحيبه “بالزيارة الأولى لدي ميستورا إلى المنطقة بصفته المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية”.
وأضاف المكتب “نحن ندعم جهوده لإعادة إطلاق عملية سياسية ذات مصداقية من شأنها أن تؤدي إلى حل سياسي دائم ومقبول للطرفين في الصراع”.
كما رحبت سفارة الولايات المتحدة في الرباط بجولة دي ميستورا وأعربت عن أملها في أن تساهم في استئناف المحادثات بين الطرفين.
ويتطلع دي ميستورا إلى تكوين فكرة عامة من خلال الاستماع إلى مواقف الأطراف المعنية بالملف، من أجل اعتماد آلية إجرائية لاستئناف العملية السياسية في الصحراء المغربية، وفق ما أكده مكتب ستيفان دوجاريك المتحدث الرسمي باسم الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريش.
ويزور دي ميستورا المنطقة بعد أكثر من عامين من البحث عن مرشح واقتراح الأمم المتحدة لما يقارب من أحد عشر من المرشحين على أطراف النزاع المفتعل (الجزائر والمغرب وموريتانيا وبوليساريو)، حيث دشن مهمته من العاصمة الرباط الأربعاء، التي رحب مسؤولوها بمساعي المبعوث الأممي، وينتظر أن يستأنف جولته بلقاء المسؤولين في الجزائر وموريتانيا.
وخلف دي ميستورا في هذا المنصب الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر الذي استقال في مايو 2019 بعدما جمع أطراف النزاع على طاولة محادثات في جنيف في العام 2018.