أثار إحراق جثة مواطن مغربي في مدينة فرانكفورت وسط غرب ألمانيا الكثير من الاستياء والغضب على المستويين الشعبي والرسمي، في حين تمر العلاقات الثنائية بفتور بعد توتر استمر لعدة أشهر.
واحتجت القنصلية العامة المغربية في مدينة فرانكفورت، على حرق السلطات الألمانية جثة أحد مواطنيها، معتبرة أنها “سابقة من نوعها وانتهاك سافر”.
وجاء ذلك في بيان للقنصلية المغربية بفرانكفورت، عقب أيام من تداول نشطاء وأعضاء بالجالية المغربية خبرا أفاد بإحراق ألمانيا لجثة مغربي، موجهين انتقادات للقنصلية واتهموها بـ”التقاعس” وعدم التدخل للمطالبة بحق المتوفي وأسرته.
وكانت مجموعات للجالية المغربية في ألمانيا على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت مؤخرا عن إقدام السلطات في مدينة فرانكفورت على إحراق جثة رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة، في التاسع والعشرين من ديسمبر الماضي، بعد مرور نحو 8 أيام على وفاته جراء مضاعفات صحية.
وأعربت تلك المجموعات عن غضبها واستيائها لأن السلطات المختصة لم تبحث عن أهل المتوفي لتسليم الجثة، ولأنها لم تراع تعاليم الشريعة الإسلامية التي تحرم حرق جثث الأموات.
وتلجأ بعض الولايات في ألمانيا إلى حرق جثث المتوفين الذين ليس لديهم أهل لاستلامهم أو يصعب التعرف على هويتهم.
وأفاد بيان القنصلية بأن السلطات الألمانية المختصة، “أقدمت بتاريخ التاسع والعشرين من ديسمبر الماضي، على إحراق جثة مواطن مغربي أومار قيشوح”.
وقال إن ذلك تم “دون إشعار القنصلية بخبر الوفاة ودون البحث عن عائلته المقيمة بفرانكفورت، وذلك خلافا لما جرت عليه العادة في مثل هذه الحالة”.
وأضاف البيان أن “أخت الفقيد أخبرت مصالح القنصلية بأن أخاها كان يعاني من مرض ويقيم في سكن اجتماعي تخصصه الدولة الألمانية لذوي الاحتياجات الخاصة بمدينة فرانكفورت، وأن عائلته لم تأخذ علما بخبر وفاته وحرق جثته إلا بعد مرور عدة أيام”.
وأوضحت القنصلية أن الإجراء الذي أقدمت عليه السلطات الألمانية، يعد “سابقة من نوعها وانتهاكا سافرا للمساطر (الإجراءات) المعمول بها”.
وأكدت أنها راسلت “الجهة الألمانية المعنية التي تتحمل كامل المسؤولية في الموضوع (لم تحددها) للاستفسار عن الظروف والأسباب التي عجلت بتنفيذ العملية التي أدت إلى انتهاك حرمة وكرامة الفقيد”.
وتابعت القنصلية أنها “لا تزال تنتظر رد السلطات الألمانية المختصة، مع متابعة هذا الأمر حرصا منها على ضمان كرامة كافة المواطنين المغاربة في بلد إقامتهم”.
وتكافح العلاقات السياسية بين ألمانيا والمملكة للخروج من دائرة التوتر، حيث تبادلت قيادات البلدين رسائل إيجابية مؤخرا بعد فترة من الخلافات وتعليق الرباط التواصل مع السفارة الألمانية في المغرب.
وأعطى المغرب الخميس، موافقته على السفير الألماني الجديد، بعد فترة من الجمود بين برلين والرباط، وفقا لما نقلته وسائل إعلام محلية.
ونقل موقع هسبريس المغربي عن السفارة الألمانية بالرباط قولها إنه “تمت الموافقة على أوراق السفير الجديد تسارن أيزرن، خلفا لزميله السفير السابق غوتز شميدت”.
وأعربت السفارة عن اهتمام ألمانيا بالدفع بالعلاقات الثنائية “وأن تعود إلى سالف عهدها قبل شهر مارس الماضي”.
والأربعاء الماضي، دعا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى زيارة بلاده بغية “إرساء شراكة جديدة” بين البلدين.
وكان انتقاد برلين لقرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية أواخر العام 2020، سببا رئيسيا في إعلان الرباط تعليق كلّ أشكال التواصل مع السفارة الألمانيّة في الرّباط في مارس، بحسب ما أوضح مسؤول مغربي آنذاك.
وفي مايو، تم استدعاء السفيرة المغربيّة للتشاور، بعدما اتُهمت برلين خصوصا بـ”أعمال عدائيّة”.
لكن العلاقات بين البلدين انفرجت في الفترة الأخيرة، إذ أعلنت الخارجية المغربية نهاية السنة الماضية عزمها استئناف علاقات دبلوماسيّة “طبيعية” مع ألمانيا.
وأتى ذلك غداة نشر الخارجية الألمانية تصريحا تؤكّد فيه أنّ موقفها من نزاع الصحراء المغربية “لم يتغيّر منذ عقود”.
وأوضح شتاينماير في رسالته إلى العاهل المغربي أن ألمانيا “تعتبر مخطط الحكم الذاتي (…) بمثابة جهود جادة وذات مصداقية من قبل المغرب، وأساسا جيدا للتوصل إلى اتفاق” حول قضية الصحراء المغربية، المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
ويقترح المغرب الذي يسيطر على حوالي 80 في المئة من أراضي المنطقة الصحراوية الشاسعة، منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة البوليساريو المتمردة بإجراء استفتاء لتقرير المصير.