سلطت مجموعة من الأكاديميين والباحثين في الشأن الإسلامي الضوء على حياة المسلمين في المجتمع البلجيكي بعد أن تصاعد العداء للإسلام إلى ستة أضعاف ما كان عليه الوضع من قبل.
واتفق أغلب المتحدثين على أن الإعلام يلعب دورا رئيسيا، خاصة وأنه يعطي مساحة هامة في تغطيته للإرهاب وارتفاع منسوبه مقابل غياب التركيز على ظاهرة الإسلاموفوبيا وأخطارها وتداعياتها على المجتمع البلجيكي، الذي تمثل الأقلية المسلمة جزءا منه.
ولفت الجالية المغربية أن مصطلح إسلاموفوبيا في بلجيكا أصبحت أكثر تداولا منذ فترة ، وخصوصا بعد تبني وزير العدل البلجيكي فانسن فن كوكنبورغ الحرب ضد المسلمين . وتم تعريف الإسلاموفوبيا من طرف الصحفي بوشعيب البازي بصفتها “نظرة إلى العالم تنطوي على كراهية ومخاوف لا أساس لها ضد المسلمين، تؤدي إلى ممارسات تمييزية وإقصائية”. وأكد درمه أنه مع تزايد وصول المهاجرين المسلمين إلى أوروبا تزايدت حالات الإسلاموفوبيا نظرا لعدم الاندماج وارتباط ذلك بأحداث إرهابية.
ووفق تقدير درمه، هناك وجود جالية مسلمة ضعيفة لم تحظ بدعم حكومي بل بعض الحكومات الأوروبية ساهمت بتغذية الإسلاموفوبيا ضدها.
كما يرى البازي أن المشكلة تكمن في عدم وجود تصنيف أو تعريف دقيق للإسلاموفوبيا في بلجيكا على عكس “معاداة السامية” التي تحظى بوضع قانوني يحمي الأقلية اليهودية.
ويعتقد الباحث أنه بعد الربيع العربي وتزايد عدد المهاجرين ظهرت الإسلاموفوبيا بنسخة جديدة ومكثفة ضد المسلمين، حيث اعتبر القادة والمواطنون الأوروبيون تزايد أعداد اللاجئين بمثابة تهديد لأمنهم واستقرار البلاد وأصبح الإسلام مرتبطا بحالة عدم الاستقرار وعدم الأمان.
ووفق استقصاء جديد، فإن 55 بالمئة من البلجيكيبن ضد استقبال اللاجئين من دول مسلمة. ويرى 35 بالمئة منهم أن الإسلام غير مؤهل مع مستوى الحياة البلجيكية.
وبعد اتهام وزير العدل البلجيكي المؤسسة الوحيدة التي تجمع المسلمين زادت الإسلاموفوبيا بنسبة 600 بالمئة. وبعد أن وصف الوزير فنكويكنبورغ المسؤولين عن الهيئة التنفيذية بالتجسس لصالح الدولة العلوية ، زادت عمليات الاعتداء على المسلمين في بلجيكا.
وأكد البازي أن الإعلام البلجيكي يركز على الإرهاب أضعاف تركيزه على الإسلاموفوبيا و أن أغلبية التغطية الإعلامية البلجيكية تركز على القصص السلبية بخصوص المسلمين.
وفي دراسة بحثية أعدتها أخبارنا الجالية، يعتقد أن الجانب الإيجابي للجالية المسلمة في بلجيكا أكثر حدوثا على أرض الواقع مما يعرضه الإعلام. ويذكر أن الكثير من الحالات الناجحة عند المسلمين ساهمت في خلق حالات أكثر تفهما وتقبلا من المجتمع البلجيكي .
مرض الإسلاموفوبيا
الصحفية تورية الغريب ، تقول إن مشكلة الإسلاموفوبيا سممت الاحزاب البلجيكية. ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن أكثرية القادة والأعضاء البارزين في الحزب الحاكم مصابون بهذا العصاب.
ولكن السؤال، هو لماذا لا يتحول عداء المسلمين في الحزب الحاكم ، إلى تهمة تلاحقهم كما تلاحق تهمة معاداة السامية قادة وأعضاء الحزب الفلاماني.
ما تشهده بلجيكا عموما من صعود لليمين المتطرف يقول بوضوح إن الإسلاموفوبيا لا تخيف الساسة البلجيكيين. تراهم أحيانا يحذرون من رد الفعل على هذه الظاهرة، ولكننا لم نشاهد زعيما واحدا يعتذر عن تمدد الإسلاموفوبيا في صفوف حزبه، كما اعتذر البعض عدة مرات بسبب وجود معادين للسامية في حزبه.
باختصار شديد، وضع تعريف دولي للإسلاموفوبيا يقع على عاتق المسلمين قبل أي طرف كان. والتأخير في وضع هذا التعريف ينطوي على خطورة كبيرة، فالإسلاموفوبيا تكبر على وقع الإرهاب، و اضطرار الغرب إلى تعريفها لاحقا استنادا لهذا الدافع فقط، سيجعل منها عصابا يلاحق المسلمين ولا يغير من ثقافة العداء للإسلام.