بلجيكا ……رجال الدين في مرمى الاسلاموفوبيا

مجدي فاطمة الزهراء

الإسلام هو ثاني أكبر ديانة في بلجيكا بعد المسيحية، العدد الدقيق للمسلمين في بلجيكا غير معروف لكن مصادر مختلفة تقدر أن 4.0٪ إلى 7.6٪ من سكان البلاد يعتنقون الإسلام. كان أول حضور مسجل للإسلام في بلجيكا عام 1829 ، لكن معظم المسلمين البلجيكيين هم من الجيل الأول أو الثاني أو الثالث من المهاجرين الذين وصلوا بعد الستينيات.

لقد مرت بلجيكا بالفعل بأكثر من ثلاثة عقود من المناقشات العامة حول اندماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية. على الرغم من أنه قد يكون من الصعب تقييم تأثير مثل هذه النقاشات ، إلا أن ما يمكن ملاحظته هو أنها كسرت حواجز ما يمكن أن يقال في الساحة العامة عن المسلمين. تركز معظم هذه التعليقات على الرؤية العامة للإسلام والممارسات الدينية وأدت إلى قيود حكومية على المسلمين. التقرير السنوي الصادر في18 فبراير عن الإسلاموفوبيا في بلجيكا ، والذي تناولته المفوضية الأوروبية على موقعها الرسمي باللغة الانكليزية ، يقول ان حقوق المسلمين هي “نموذج لوحي” للجمعيات والأفراد المسلمين تهدف إلى مكافحة التمييز ضد المسلمين في بلجيكا. اليمين المتطرف في بلجيكا ـ تنامي المخاطر

الطريقة التي تم بها تصوير الإسلام على أنه مشكلة سياسية في بلجيكا وكيف أصبح المسلمون، في وسائل الإعلام  كمصدر تهديد.  يتم إعادة رسم الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية الفعلية التي يواجهها المسلمون (خاصة المنحدرون من أصول تركية ومغربية) على أنها مشاكل ناجمة عن ثقافتهم ومعتقداتهم.  تحاول الوكالات الحكومية تشكيل منظمات إسلامية من أجل تمثل المسلمين البلجيكيين ، وهناك نقاش قائم  حول الإسلام  ضمن “صراع الحضارات” ، وربط العلمانية والتنوير في النقاش العام بأوروبا .

النتائج

يبدو هناك تنامي واسع الى اليمين المتطرف في  بلجيكا، والمشكلة ان تنامي اليمين المتطرف، غير مقيد ، فهناك مزيد من التعاون والتنسيق والعمل المشترك مابين الجماعات اليمينية المتطرفة. المشكلة تكون اكثر تعقيدا، عندما تكون “الإسلاموفولبا” ورقة سياسية لكسب الأصوات في الانتخابات العامة أو المحلية.يجدر الإشارة الى إن الإسلام السياسي بكل اطيافه ، خاصة الإخوان المسلمين أيضا لهم دور بتضخيم المخاطر،ودفع “الإسلاموفوبيا” الى السطح،  بهدف إستقطاب المسلمين أكثر، لخدمة مصالحهم السياسية.أما إنعكاسات ذلك على المسلمين في هولندا وألمانيا، بدون شك يكون سلبيا، على الاجيال الجديدة من الاختلاط والتعايش السلمي، وتتحول المجتمعات الى “مجتمعات مغلقة”، الحكومات تتحمل ايضا المسؤولية الاكبر،الى جانب منظمات المجتمع المدني وكذلك المجالس الإسلامية.

يتطلب من الحكومة، الكشف عن إرقام الهجرة، وكشف الوجه الإيجابي للمسلمين المهاجرين ومساهماتهم، في بناء المجتمع بالتوازي مع الحد من انشطة اليمين المتطرف، الذي يستغل دائما موضع الهجرة، وينظم الكثر من الحملات الدعائية والترويج للكراهية وتنظيم المسيرات. ماينبغي العمل عليه هو، مراجعة المناهج الدراسية، ويكون هناك مرصد إبلاغ عن حالات “العنصرية” والكراهية  ـ الإسلاموفوبيا، كون هناك ممارسات من قبل الافراد داخل المؤسسات او عامة المواطنين، يتطلب الإبلاغ الفوري وتطبيق قانون العقوبات ـ الغرامات المالية، وفق التشريعات.

تتعدد وتتشابك القضايا المرتبطة بظاهرة الإسلاموفوبيا، لتغدو مقاربتها في مقالة مغامرة قد لا تخلو من القصور. فإذا كانت الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلجيكا والمتعلقة باتهام الهيئة التنفيذية و سحب وثائق الاقامة للإمام محمد التوجكاني قد أعادت قضية وضع الجالية المسلمة في أوروبا عموما إلى واجهة الأحداث، فإن بلجيكا ومنذ صعود الحزب الليبرالي اليميني إلى الحكم ، شهدت تصريحات عنصرية كان أبرزها ما أعاد نشره وزير الهجرة واللجوء السابق  ثيو فراكلين على صفحته على موقع فايسبوك: “أتفهم القيمة المضافة التي يمثلها المهاجرون ذوي الأصول اليهودية أو الصينية بالنسبة للاقتصاد البلجيكي، لكن لا أجد أي قيمة مضافة يقدمها ذوو الأصول المغربية أو الجزائرية”. إنه كلام مردود عليه بالحقائق التاريخية. هل نسي الوزير أن المغاربة المسلمون بمعية الجزائريين شاركوا في تحرير بلجيكا من الإستعمار النازي في المعركة الشهيرة جمبلو سنة 1940، حيث قدموا اكثر من 1000 جندي. هل يمكن لعاقل ان ينكر ما قام به المغاربة والمغاربيين عموما من جهود في أعمال شاقة في المناجم وبناء الأنفاق التي ما تزال شاهدة على القيمة المضافة للمهاجرين المغاربة والجزائريين.

إن موقف هذا الوزير أو كاتب الدولة الحالي سامي مهدي لا يجد مبررا حتى في الواقع الحالي حيث أصبح المواطنون البلجيكيون من أصول مغربية في مواقع سياسية هامة يساهمون في تسيير البلاد، فهل نسي الوزير وهو برلماني انه يتقاسم مقاعد البرلمان مع برلمانيين ووزارء من أصول مغربية. ناهيك عن الحياة العامة، فنسبة هامة من المحامين والأطباء ومسيري الشركات العمومية والخاصة من أصول مغربية، فهل يعيش هذا الوزير في الواقع البلجيكي، أم أنه آثر أن يغمض عينيه ويصم آذانه عن هذه الحقائق الدامغة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: