أحكام قضائية ثقيلة تكشف الصراع بين أجنحة المؤسسة العسكرية في الجزائر

بوشعيب البازي

يتواصل الصراع بين أجنحة المؤسسة العسكرية في الجزائر، حيث أدان القضاء العسكري بالبلاد ضابط صف بحكم الإعدام، فضلا عن سجن نشطاء سياسيين، بعد اتهامات بالخيانة العظمى وإفشاء أسرار الجيش، في خطوة تعكس تشدد المؤسسة العسكرية مع معارضيها.

لا يزال حكم الإعدام الصادر في حق ضابط صف، محسوب على القيادة السابقة للجيش الجزائري، يثير المزيد من اللغط في مختلف الدوائر المتابعة، ففضلا عن أنه مؤشر على عودة الحكم الموقوف منذ تسعينات القرن الماضي، يحيل إلى فرضية تجدد القبضة الحديدية بين الأجنحة المتصارعة في أقوى مؤسسة في البلاد.

وأدان القضاء العسكري الجزائري ضابط الصف قرميط بونويرة، بحكم الإعدام، بعد اتهامه بالخيانة العظمى وإفشاء أسرار المؤسسة العسكرية، ليكون بذلك السكرتير الخاص لقائد الجيش السابق أحمد قايد صالح، أكبر من يصدر في حقه حكم قضائي قاس لم يعمل به القضاء الجزائري منذ تسعينات القرن الماضي.

وأصدر أحكاما بالمؤبد في حق كل من قائد جهاز الدرك السابق الجنرال الغالي بلقصير، والدبلوماسي المعارض محمد العربي زيتوت، المقيم في الأراضي البريطانية منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، بعد انشقاقه حينها عن السلطة، بدعوى انقلاب الجيش على إرادة الشعب، في أعقاب تدخل العسكر لوقف المسار الانتخابي الذي استحوذ عليه آنذاك إسلاميو جبهة الإنقاذ.

ويتواجد الثنائي المحكوم عليهما بالسجن المؤبد، بلقصير وزيتوت، محل بحث دولي، بعدما أصدرت الجزائر في حقهما مذكرتي توقيف دوليتين، غير أن الجنرال الفار يكون قد تحصل على جنسية أجنبية “فانواتو”، بحسب ما أوردته صحيفة الغارديان البريطانية في وقت سابق، بينما يبقى الثاني مقيما في لندن ومعه جنسية بريطانية حصل عليها بواسطة اللجوء السياسي.

ويوصف ضابط الصف قرميط بونويرة، الذي استعادته السلطات الجزائرية العام الماضي من نظيرتها التركية، بأنه صندوق أسرار القيادة العسكرية السابقة، كونه كان يشغل منصب السكرتير الخاص للجنرال أحمد قايد صالح، الذي وافاه الموت في ديسمبر العام 2019 بعد الانتخابات الرئاسية.

ولم يتسن الحصول على تفاصيل أخرى حول حيثيات القضية ولا ظروف المحاكمة، ولا حتى إمكانية طعن المتهم في الحكم الصادر بحقه، لاسيما وأن الحكم هو الأول من نوعه منذ تسعينات القرن الماضي، لما تقرر حينها إيقاف النطق به تماشيا مع توصيات منظمات وهيئات حقوقية دولية، وحتى الأحكام الصادرة حينها لم تنفذ.

وتزامن حكم الإعدام الصادر في حق المساعد قرميط بونويرة، مع التسجيل الصوتي الذي ظهر على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث ظهر فيه الرجل موجها تهما ثقيلة لقائد الجيش الحالي الجنرال سعيد شنقريحة، تتعلق بالمسار المهني والممارسات المتنافية مع روح المؤسسة العسكرية، والانحرافات الوظيفية وغيرها.

وفيما تم تجاهل التسجيل في الإعلام المحلي، ولم يصدر بشأنه أي رد أو موقف من طرف السلطات المتخصصة، لا يزال اللغط مستمرا في شبكات التواصل الاجتماعي، حول خلفيات ودلالات التسجيل وتوقيته والظروف التي أنجز وسرب فيها، مما أعطى الانطباع بأن جهة ما سهّلت المهمة لضابط الصف قرميط بونويرة.

ولو أن الروايات تضاربت بشأن صحة التسجيل، بين من يؤكد صحته كما يروج له معارضون للسلطة، وبين من يجزم بتركيبه وإطلاقه في هذا التوقيت، لإرباك قيادة الجيش وإثارة اللغط من جديد حول مدى الانسجام والتناغم داخلها، خاصة في ظل الظروف المحيطة بالبلاد، فإن فرضية اشتداد القبضة بين أجنحة قادة العسكر تبقى قائمة، قياسا بالمعلومات التي وردت فيه.

وكان قائد جهاز الدرك الفار الجنرال الغالي بلقصير، قد فر من البلاد العام 2020 إلى فرنسا في بداية الأمر، بعد ورود اسمه في لائحة الضباط المعنيين بالتحقيق في قضايا فساد مالي وسياسي، ثم اختار وجهة أخرى بعد الحصول على جنسية لجزيرة بعيدة دفع مقابلها 250 ألف دولار، بحسب تقارير بريطانية، غير أنه لم يصدر عنه أي تصريح أو تعليق إلى حد الآن.

أما الدبلوماسي المنشق محمد العربي زيتوت، فقد كان محل بطاقات توقيف دولية أصدرتها السلطات الجزائرية في حقه، بعدما وجهت تهما لحركة رشاد التي يعد أحد مؤسسيها وقيادييها، بالوقوف وراء موجة الحرائق التي شملت البلاد خلال الصائفة الماضية، فضلا عن الجريمة المروعة التي راح ضحيتها الناشط والمتطوع جمال بن إسماعيل.

كما تم تصنيف الحركة المذكورة، كتنظيم إرهابي، إلى جانب حركة استقلال القبائل “ماك”، وهي كلها مقدمات تمهد لأحكام مشددة تصدر تباعا في حق قادة التنظيمين أو أفراد الخلايا التي تم تفكيكها من طرف الأمن الجزائري، بحسب ما أوردته تقارير مختلفة.

وكان الضابط المحكوم عليه بالإعدام، قد غادر البلاد في أعقاب رحيل قائد الجيش السابق، واستقر في تركيا، لكن ظهور كم من المعلومات العسكرية تم تداولها على أكثر من صعيد، أكد المعلومات التي تحدثت عن أن الرجل هرّب معه الكثير من الملفات والوثائق التي كانت في خزنة مكتب الرجل الأول في المؤسسة العسكرية.

لكن قرميط بونويرة ذكر في التسجيل المتداول أنه “اتصل بالرئيس عبدالمجيد تبون من أجل حمايته من تهديدات القائد الجديد في المؤسسة الجنرال سعيد شنقريحة، غير أنه لم يحصل على أي ضمان منه، لذلك اضطر إلى الفرار، وأن استعادته من تركيا كانت من أجل الانتقام والتصفية”.

لكن التطورات الأخيرة أكدت وجود روابط بين الضابط المحكوم عليه بالإعدام، وبين قيادي حركة رشاد، في ظل ظهور وثائق ومعلومات تنم عن تواصل وتبادل حديث بين الطرفين في وقت سابق، لكن الاستفهامات تبقى قائمة بشأن كيفيات إنجاز وتسريب التسجيل والدلالات التي يحملها، خاصة وأن ذلك تزامن مع الكشف عن نطق المحكمة العسكرية بحكم الإعدام.

ويبدو أن الحكم المذكور لا علاقة له مع ما ورد في التسجيل، وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مناورة أو ضغط من طرف الضابط المعني، بعدما يكون قد فقد كل شيء في النجاة من مصيره، لكن فرضية وجود جهة متواطئة معه لإنجاز وتسريب التصويت، تحيل المسألة إلى تجدد الصراع داخل أركان المؤسسة العسكرية، وهو ما لا يحبذه الشارع الجزائري قياسا بالأوضاع المتوترة المحيطة بالبلاد.

اترك رد

تعليق 1
  1. . الأستاذ عبدالحكيم عبدلاوي يقول

    شنقريحة بين الشيعة و الشيوعية

    لم تبق له إلا أياما معدودة و مخططاته لاحت للعيان فاضحت وبالا عليه بعدما نال من الشعب الجزائري في كرامته الصميم . ليحول حراك الرجال ويستبدله بالتدافع و الاقتتال على قنينة زيت. لقد انزل بكبرياء الأبرياء إلى الحظيظ الأسفل.
    رجل الشر و القريحة لا يهمه من الواقع الجزائري إلا ما تمليه النفس الأمارة بالسوء و الهواجس الخرفة.
    عدم الشعور بالمسؤولية و الرهانات الضيقة اوحتا له أن يفتح أبواب الجزائر على مصراعيها و المنطقة كلها أمام الشيعة و الشيوعية ليزاوج بينهما تحت مسطلح الخوميستالينية. تقبل الفكر الخوميني ليجعل منه أداة تفرقة داخل الشعب الجزائري قبل غيره من شعوب المنطقة و يبني صرح طائفية ذاق ويلاتها اهل المشرق بتطاحن لازال أثره يدمي المقل.
    شنقريحة الذي أراد أن يقفز على المكونات الأساسية للشعب الجزائري . شاء أن يقفز على الإسلام السني عقيدة و العروبة عرقا و الأمازيغية ثقافة و يرتمي في أحضان إيران الشيعية عقيدة و الفارسية عرقا و سب الصحابة ثقافة و هذا ما لا يمد بصلة مع المقومات الجزائرية الأنفة الذكر.
    جعل من فضاعة التفكير في خلق سبيل تغلغل المد الشيعي عبر ارسال ضباط للتدرب هناك و فتح باب تدريب شرذمة قطاع الطرق الانفصالية من طرف عناصر شيعية معلومة.
    ارتمى شنقريحة في احضان الشيعة و الشيوعية بدعوى التطبيع الجزائري مع دولة تسعى إلى اكتساب أسلحة الدمار الشامل لان المغرب فتح علاقات مصلحية مع إسرائيل . و أغفل بأن للمغرب يهود في العالم كله و ليس في اسرائيل فقط. اذا طبع المغرب مع اليهود فهو يطبع مع طائفة من مواطنيه الأصليين المتشبثين بالولاء و البراء . الولاء لوطنهم الأصلي و العرش العلوي المجيد و التبرء من كل من يهدد الوحدة الترابية الوطنية للمملكة المغربية الشريفة.
    كانت تصريحات قرميط و نويره الشاقول التي قصمت ضهر شنقريحة خاصة لما تناولوه كمسؤول اول عن تطوير تقنيات تهريب المخدرات و فبركة الإرهاب و محاولة اعادة سيناريو العشرية السوداء بوجوه جديدة و شعل فتيل الخصومات مع الجيران و إدخال البلاد في متاهات لا جدوى منها إلا مزيدا من التجويع و التشريد و الإرهاق.
    أن الرجل العجوز غارق حتى أذنيه و ساقط لا محالة و لم تبق له و لازلامه و دميته عبدالمجيد حاشاكم و عشيقته البوليخاريو في تندوف إلا أياما معدودة .
    نعيد السؤال : أليس في جنرالات الخاوة رجل رشيد ؟ يصافح الجيران و يفتح الحدود ويكسر القيود و يطلق صراح المحتجزين في مخيمات القهر و الابتزاز. لترتاح البلاد العباد.

%d مدونون معجبون بهذه: