ما مصير التعنت الإسباني حيال إصلاح العلاقات مع المغرب

أردان ماجدة

بفتح ألمانيا صفحة جديدة في العلاقات مع المغرب تعود إلى الواجهة تساؤلات بشأن مصير التعنت الإسباني في التحرك نحو إصلاح العلاقات مع الرباط، خاصة أن الأخيرة تحظى بعلاقات متميزة مع دول الاتحاد الأوروبي ما يجعل مدريد أشبه بمن يُغرد خارج السرب الأوروبي.

وبعث مؤخرا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، تضمنت دعوة إلى زيارة ألمانيا و”إرساء شراكة جديدة” بين البلدين، في خطوة تعكس وفقا لمراقبين إدراك ألمانيا للمتغيرات في المنطقة وأيضاً الإجماع الأوروبي على تعزيز التعاون مع المغرب كشريك استراتيجي.

لكن إسبانيا، الجارة الشمالية للمغرب، تواصل سياسة التعنت إزاء إصلاح العلاقات مع المملكة، وهو ما يثير تساؤلات عن مصير هذه السياسة وتهيؤ مدريد لتغييرها.

ويبدو أن لهذه السياسة التي تنتهجها إسبانيا تداعيات على التنسيق المشترك في العديد من الملفات، خاصة وأن المغرب سبق أن قال إنه لن يقوم مع الدول التي تتخذ مواقف غامضة إزاء صحرائه بأي خطوة اقتصادية أو تجارية.

رشيد لزرق: التحولات الإقليمية تفرض على مدريد تغيير التعاطي مع الرباط

وقال رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، إن “إسبانيا بتعنتها تضع علاقة الصداقة والشراكة مع المغرب على المحك، وأي مماطلة الآن من مدريد ستؤثر على العلاقات مع المغرب وعلى التنسيق الثنائي بين البلدين”.

وتابع لزرق في تصريح لـه أن “سلوك إسبانيا الحالي هو اتجاه آخر، وهو عبارة عن مناورة غير مقبولة وطعن في الظهر للمغرب، لهذا فإن المغرب يطالب إسبانيا بالوضوح قبل أن يلجأ إلى المعاملة بالمثل، ولذلك تحاول إسبانيا إبقاء قضية الصحراء المغربية قائمة للحصول على أقصى ما يمكن من التنازلات من المغرب وتجعل هذه القضية خنجرا في ظهر المغرب للمزيد الابتزاز وتحجيم دور المغرب كدولة إقليمية صاعدة”.

وتحظى المملكة المغربية بعلاقات مميزة مع كل من فرنسا وألمانيا اللتين تضعان في الحسبان الحاجة الأوروبية إلى دور الرباط في حلحلة ملفات الأمن والهجرة في ظل الأوضاع غير المستقرة في بقية بلدان شمال أفريقيا وصعوبة التوصّل معها إلى اتفاقيات قابلة للتنفيذ، ما يجعل المغرب الشريك الأساسي لأوروبا في شمال أفريقيا.

وباتت فرنسا أكثر البلدان الأوروبية تحمّسًا لتدعيم الشراكة مع المغرب خاصة في ظل توتر علاقتها مع النظام الجزائري ومساعيه لوضع قضايا الماضي حاجزا أمام التعاون الاستراتيجي. والتقطت الرباط الإشارات الفرنسية الإيجابية ولم تخف تحمسها لرئاسة فرنسا الدورية للاتحاد الأوروبي.

وكانت باريس قد سعت للبحث عن حل سريع للتوتر الذي حصل بين الرباط ومدريد على خلفية استقبال إسبانيا زعيمَ البوليساريو.

وبالتوازي مع ذلك كانت فرنسا تؤكد على أن المغرب شريك أساسي للاتحاد الأوروبي، خاصة في شؤون الهجرة، وأنها “تريد استمرار هذا التعاون وتعزيزه”، وهو ما يُؤشر على أنّ فترة رئاستها للاتحاد ستُعزز علاقات دوله بالمغرب.

Thumbnail

ويرى مراقبون أن إسبانيا مطالبة بتلافي الغموض والإشارات المتناقضة التي بصدد إرسالها والمتعلقة بترميم علاقتها مع المغرب، خاصة في ظل العلاقات الوطيدة بين الرباط وبروكسل.

وقال لزرق “يُفترض في إسبانيا الوضوح السياسي، خاصة وأن التحولات على المستوى الإقليمي والدولي تفرض على الحكومة الإسبانية تغيير طبيعة التعاطي مع المغرب كقوة صاعدة، بمقاربة براغماتية تحت معادلة رابح ـ رابح بعيدا عن اللهجة الاستعمارية التي ستعمق التنافر عبر استعمال ورقة الصحراء المغربية للابتزاز”.

واستنتج أن “المغرب تغير ولا مناص لإسبانيا من استيعاب ذلك ومواجهة أسلوبها بتبني الوضوح السياسي بغية السير سوية في اتجاه تعميق الشراكة على كل المستويات”، مضيفا أن “إسبانيا مدعوة إلى الانخراط الإيجابي في مشروع المغرب التنموي، الأمر الذي يصُب في مصلحة إسبانيا بما يملكه المغرب من مجالات للاستثمار والتنمية المشتركة والأمن والاستقرار. الوحدة الترابية للمغرب أولوية وخط أحمر للمملكة”.

ومن غير الواضح ما إذا كانت إسبانيا ستغير طريقة تعاطيها مع إصلاح العلاقات مع المغرب حيث تكتفي بالتصريحات الداعية إلى ذلك، لكنها تقوم بأنشطة من شأنها أن تزيد الفتور في العلاقات بين الطرفين على غرار دعم جبهة البوليساريو الانفصالية تحت ذرائع مختلفة.

ومؤخرا ذكرت تقارير لوسائل إعلام محلية في المغرب أن حكومة جزر الكناري قررت منح 67 مليون درهم (7.2 مليون دولار) لـ”الجمعية الزراعية للصداقة مع الشعب الصحراوي” في خطوة من شأنها أن تفاقم غضب الرباط إزاء مدريد.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: