يستعد المبعوث الخاص للأمم المتحدة للصحراء المغربية ستيفان دي ميستورا، للقيام بزيارة إلى المنطقة، في أول جولة له بعد تعيينه خلفا للمبعوث السابق هورست كوهلر، خلال الأيام المقبلة، وستكون الجزائر محطته الأولى مع مخيمات تندوف تليها موريتانيا والمغرب.
ولدى تطرقه للتأثيرات المحتملة لقطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر منذ الرابع والعشرين من أغسطس على مهمة المبعوث الأممي الجديد أكد ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنه غير متأكد من تأثير ذلك على مهمة ستيفان دي مستورا بجولته الأولى في الصحراء.
ولفت دوجاريك في آخر تصريحاته إلى أن “هناك وضعا يحتاج إلى حل، إنه ضمن التفويض المحدد للسيد دي ميستورا، سوف يتابع هذا”، مضيفا أنه من الواضح، من حيث المبدأ، أن الأمور تكون دائما أقل تعقيدا عندما تكون العلاقات الثنائية بين الدول أكثر إيجابية.
واعتبر صبري الحو الخبير في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء، أن “تدشين دي ميستورا للزيارة إلى الأطراف بما فيها الجزائر ينطوي على تنفيذه لقرار مجلس الأمن 2602، الذي جعل من أطراف المائدة المستديرة في النزاع الإقليمي حول الصحراء أربعة، من ضمنها الجزائر، والمجموعة الأممية جعلت منها طرفا تبعا لقناعتها بمسؤوليتها في خلق واستمرار النزاع، ومسؤوليتها في الحل، وأن أي قرار تتخذه الجزائر سيجعلها في مواجهة مباشرة مع مجلس الأمن الذي صوت على القرار بأغلبية”.
صبري الحو: هناك معطيات تجعل من مهمة دي ميستورا هذه المرة معقدة
واعتبر الحو في تصريح لـه، أن “أمور دي ميستورا تتعقد بالنظر إلى استباق الجزائر رفضها لشكل المائدة المستديرة، ومحاولتها فرض شروط جديدة منها محاولتها الدفع بإقحام الاتحاد الأفريقي كطرف أساسي وتغيير شكل المفاوضات الأممية وتريدها مباشرة بين المغرب والبوليساريو، وهي الشروط التي يفرضها مجلس الأمن نفسه من خلال دعوة الأطراف إلى المائدة المستديرة دون شروط مسبقة وبحسن نية”.
وربطت الجزائر دعم جهود المبعوث الأممي بـ”السعي إلى إطلاق مفاوضات مباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو”، انطلاقا من أنها تعتبر نفسها غير معنية بهذا الصراع، وهو الأمر الذي يرفضه المغرب الذي يدعو في المقابل إلى مفاوضات مباشرة مع الجزائر.
وقد رحبت المملكة المغربية في التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي، باعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار 2602، الذي أكد على استمرارية الموائد المستديرة، التي بدأها المبعوث الأممي السابق كوهلر.
كما أن جبهة البوليساريو أعربت بدورها على غرار حاضنتها، رفض المشاركة في “الموائد المستديرة”، وطالبت بـ”مفاوضات مباشرة مع المغرب” وهو ما ترفضه الرباط بشكل قاطع.
وسيزور دي مستورا أيضا العاصمة الموريتانية نواكشوط، لتقييم الوضع واستطلاع رأي المسؤولين الموريتانيين في موضوع الصحراء والمستجدات التي طرأت في الموضوع، خصوصا بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الموريتاني للجزائر قبل أيام.
وبخصوص جدول زيارة دي ميستورا، بدا دوجاريك أكثر حذرا وقال “من الواضح أنه يتطلع لهذه الزيارة، بمجرد الانتهاء من وضع برنامج الزيارة سيتم الإفصاح عنه”.
ومن المتوقع أن تكون النقاط الرئيسية في أجندة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، البدء من حيث انتهى المبعوث الأممي السابق كوهلر، أي استئناف الموائد المستديرة، رغم رفض الجزائر المشاركة في هذه الصيغة التي تتبناها الأمم المتحدة وصادق عليها مجلس الأمن في قراره الأخير عدد 2601.
وجاء تعيين دي ميستورا من طرف الأمين العام للأمم المتحدة في أكتوبر 2021 لينهي حوالي سنتين ونصف السنة من الفراغ في منصب المبعوث الأممي إلى الصحراء منذ استقالة سلفه كوهلر في مايو 2019، وستكون جولته في المنطقة المقررة خلال الفترة ما بين الثاني عشر والتاسع عشر من يناير هي الأولى له في مهمة يسعى من خلالها إلى إنهاء صراع عَمَّر لمدة تقارب 47 عاما.
وتؤكد نواكشوط أنها تحافظ على “علاقات جيدة” مع الأطراف المعنية في النزاع حول الصحراء المغربية، وأنهم يتبنون موقف ما يسمونه “الحياد الإيجابي”.
ويعتقد الحو أن “الجزائر لن تصمد كثيرا، وستذعن للأمر الواقع فقد أظهر حسن إدارة المغرب للملف أنها دولة مارقة، وهي تحاول فك العزلة وهذه الصورة اللصيقة بها عن طريق استدراج موريتانيا إلى صفها والاختباء خلفها وإعطاء انطباع بأنها ليست الوحيدة”.
ويرى أن كل ذلك يجعل مهمة دي ميستورا معقدة، لكنها سهلة في نفس الوقت لأن المطلوب منه في هذه المرحلة هو كشف الأطراف التي تعصي قرارات مجلس الأمن وترفض تنفيذها، وتفهم الجزائر هذه المعادلة وتجتهد لفكها والالتفاف حولها.
وكان مجلس الأمن قد دعا في قراره 2602، إلى استئناف المباحثات “دون شروط مسبقة وبحسن نية”، بمشاركة الجزائر والمغرب وموريتانيا والبوليساريو بهدف الوصول إلى حلّ سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف.
وتجاهل المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، سؤالا حول إمكانية زيارة دي مستورا لمدينة العيون.
وترجح مصادرنا ألا تكون مدينة العيون وجهة للمبعوث الأممي، في هذه الجولة التي تعتبر استئنافية لن تحمل أي عملية في ما يتعلق بموضوع المفاوضات.
وكان كوهلر، قد قام بزيارة المدينة خلال جولته الثانية في المنطقة، في يونيو 2018، مع جدول أعمال تم التفاوض عليه مسبقا، حيث عقد اجتماعات مع المسؤولين المنتخبين وبعض الجمعيات المعروفة بمواقفها الوحدوية، علما أنه في أكتوبر 2017 كان قد قام بزيارة إلى المنطقة دون التوقف في العيون.