يجب الإقرار بحقيقة مؤسفة ومخزية، وهي أننا، ونحن نتقدم بسنوات حثيثة نحو الألفية الثالثة، لا زالت الصورة النمطية عن المرأة المغربية مختزلة ومقرونة بالإثارة والجنس، هذا الحكم المسبق الذي سينعكس على رؤية الآخر لنا كمجتمع ، وكبنية مجتمعية مختلفة عن باقي الدول العربية وخصوصا المشارقة…
وهو ما يحيلنا على طرح السؤال التالي : كيف يرانا الآخر ؟
إنه من المعلوم، أن للمغرب خصوصيته الثقافية الجغرافية، وحتى الاقتصادية، ولنعترف بأن هذا التميز لم يأت اعتباطا، بل هو نهج أملاه أولا القرب الجغرافي من أوربا ، ثم ثانيا لاعتبارات سياسية تبناها المغرب منذ عقود …على المستوى التاريخي لم نكن أبدا في خانة “المنظومة العربية الخالصة” بما تحمله من تناقضات، ويكفي أن نقف عند صورة المرأة في المتخيل العربي…لكن هذا التجاذب بين هويتنا كعرب وكمغاربة، منفتحين على ثقافات وروافد أخرى ، وخصوصا الأجنبية منها، جعل مجتمعنا المغربي، يصير نحو” المسخ” لسلوكياتنا ، لنعترف أننا نحمل هوية متشظية، حد التهجين ، وهو ما انعكس على رؤية الآخر “المشرقي” لنا، ليس الأمر بهذا السوء، خصوصا وأن هذا الأخير يعيش انشطارا أشد وطأة، باعتبار أن المرأة في المجتمع الشرقي مهمشة حد التبخيس، لا مشاركة ديموقراطية، لا مساواة،،، بخلاف المجتمع المغربي الذي كان سباقا لإعطاء أهمية أكثر للعنصر الأنثوي، ولعل الاستحقاق الانتخابي الأخير قد أكد هذا، والنتيجة حقائب وزارية مهمة للعديد من النساء اللواتي لهن الكفاءة لتحمل مسؤولية كهاته، هذا الانجاز لم يكن وليد الصدفة، ولم يكن إرضاءا لهن، بل جاء بعد نضالات نسائية وثق لها التاريخ منذ فجر الاستقلال…
لكن المقاربة ليست بهاته السلاسة، خصوصا، إذا ربطناها بالعلمية، في دراسة مكانة المرأة داخل المجتمع المغربي، فالمرأة المغربية ، لازال أمامها الكثير لتغير النظرة النمطية التي احتفظ بها ” المشرقي ” عنها، والتي ارتبطت ولا تزال بالجنس الرخيص والشعوذة.
هي ليست مسؤولية المرأة المغربية وحدها،بل هي مسؤولية مشتركة، لكنها ليست مستحيلة، تتداخل فيها العديد من العناصر : التنشئة الاجتماعية، والجوانب الاقتصادية، السياسية، الثقافية وحتى دور الإعلام الذي ساهم في تبخيسها…هي أولوية لا تقل أهمية عن أولويات الحكومة القائمة على الشأن الوطني، لاسيما وأن المغرب، وفي إطار انفتاحه على كل دول العالم، لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار أن قطاع السياحة، لم يعد يقتصر على جمالية المدن السياحية، والمآثر التاريخية، والشواطىء الساحلية،،،بل هناك من يزور المغرب، ليروي تعطشه المريض من أجساد بنات هذا الوطن، وحتى أطفاله، ولنا في أرشيف الوقائع ما يثبت ذلك ( دانيال كالفان ) الإسباني الذي استغل الهشاشة الاجتماعية لضحاياه من الأطفال…والقضية التي تفجرت مؤخرا من بلجيكا،أبطالها مواطنين لبنانيين واحد اسمه: غسان الطفيلي ومهنته طبيب تجميل،والثاني مرافقه، ويدعى: سومر عساف اللذان قاما بزيارة للمغرب، كسائحين، استمتعا خلالها بأجساد بنات قاصرات (14 و 15 سنة) مقابل 50 درهم!!
إضافة إلى جريمة أخرى لا تقل فظاعة عن سابقتها وهي تصوير مغربيات وهن يخضعن لعمليات تجميل من قبل الطبيب نفسه !! وهو الأمر الذي لا يمكن التغاضي عنه لأنه يمسنا جميعا كمغاربة,ويرسخ ماسبق تناوله،إذ نفتح القوس مرة أخرى للتساؤل: ماذا نجني من مثل هؤلاء الوافدين تحت غطاء السياحة، غير التنكيل بسمعة هذا الوطن،واستغلال الفقر والهشاشة الاجتماعية؟؟ وهل نستبيح غض الطرف عن مثل هاته الممارسات الشنيعة والمهينة مقابل دولاراتهم المنعشة للقطاع السياحي ؟؟ عن أي مؤهلات سياحية نتحدث؟؟ هل جمال المغرب أصبح مقرونا بغضاضة أجساد بناته في المخيلة المريضة لكل حامل لجواز سفر مختوم بتأشيرة سياحة؟؟ وكيف يمكن تقنين تحرك الأجانب داخل الوطن درءا للمزيد من الممارسات الشاذة واللاأخلاقية وكيف يمكننا الاعتزاز بمغربيتنا ونحن نرى ونسمع مثل هذه الأفعال المشينة ؟؟
هي أسئلة تتناسل، لتعيدنا إلى وجوب إعادة النظر في منظومة القيم،والقوانين والتشريع …الخ، لرد الاعتبار لوطننا ولبنات وأبناء جلدتنا…ممن يعيشون تحت سماءه.
لا ننكر على الجهات المسؤولة جهودها الحثيثة، في مباغثة أوكار الدعارة، لكنها إجراءات تظل غير مجدية خصوصا أن هذه الجرائم تتكرر، ولذلك أصبح من الضروري، إعادة النظر في الوضع ككل، خصوصا وأن معظم السفارات والقنصليات المغربية المنتشرة في دول العالم تستسهل إعطاء التأشيرة لولوج المغرب، دون ضمان تتبع خط سير هؤلاء المدعين…أنهم مجرد سياح، أتوا من أجل جمال المغرب…الأمر كذلك يستدعي دراسات اجتماعية، إمبريقية، تفعل الاشتغال عن- الظاهرةالمهينة- ومن خلال نتائجها، نغير وضعا مخزيا لنا كمغاربة، ونحفظ ما تبقى من ماء الوجه، فهل مجيب ؟؟