يسعى المنتخب المغربي لكرة القدم لوضع حدّ لانتظار دام ستة وأربعين عاما للظفر باللقب الثاني في كأس الأمم الأفريقية عندما يخوض غمار النسخة الثالثة والثلاثين في الكاميرون، في غياب نجم خط وسطه ولاعب تشيلسي الإنجليزي حكيم زياش لأسباب انضباطية.
يواصل المنتخب المغربي تحضيراته بالملعب الملحق لملعب أحمد أحيدجو بالعاصمة الكاميرونية ياوندي، والذي سيحتضن المباريات الثلاث للأسود داخل مجموعته في نهائيات كأس الأمم الأفريقية.
ويلعب المغرب في مجموعة تضم كلا من غانا والغابون وجزر القمر. وتفتخر المملكة الواقعة في شمال أفريقيا بواحدة من أقوى البطولات في القارة السمراء وبانتشار نجومها في جميع أنحاء أوروبا، لكن منتخبها الوطني لا يحقق الآمال المعقودة عليه في النهائيات القارية رغم الترسانة المهمة من النجوم التي تزخر بها صفوفه، ويبقى أفضل إنجاز له التتويج باللقب عام 1976 وحلوله وصيفا عام 2004.
ويعوّل أسود الأطلس خلال النهائيات المرتقبة بين التاسع من يناير الجاري والسادس من فبراير المقبل، على لاعبين جلهم محترفون في نواد أوروبية في مقدمتهم نجم باريس سان جرمان الفرنسي أشرف حكيمي، ومهاجما نادي إشبيلية الإسباني يوسف النصيري ومنير الحدادي.
لكن أبرز الغائبين هما حكيم زياش وزميله السابق في أياكس أمستردام نصير المزراوي الذي يرغب برشلونة الإسباني في ضمه إلى صفوفه، بعد تألقه اللافت مع فريقه الهولندي هذا الموسم، لأسباب انضباطية.
وأصرّ المدرب البوسني – الفرنسي وحيد خليلوزيتش على الاستمرار في استبعاد نجم تشيلسي بعدما شهدت علاقتهما توترا أدّى إلى إقصائه من لائحة المنتخب في المباريات الأخيرة في التصفيات المؤهلة لمونديال قطر 2022.
وقال خليلوزيتش عن استبعاد زياش خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن تشكيلة العرس القاري “انسجام المجموعة مسألة هشّة وبعض السلوكيات السيئة يمكن أن تزعزعها”، مضيفا “هناك أجواء جيّدة حاليا ولن أسمح لأحد بإفساد ذلك”.
هدف صعب
قاد خليلوزيتش المغرب إلى الدور النهائي من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022، لكنه قد يغيب عن الملحق الفاصل في مارس إذا فشل في بلوغ نصف نهائي كأس الأمم على الأقل.
استلم خليلوزيتش الإدارة الفنية لأسود الأطلس خلفا للفرنسي هيرفيه رينارد صيف عام 2019 بعد الخروج المخيب من الدور ثمن النهائي للنسخة الثانية والثلاثين للبطولة الأفريقية في مصر بخسارة مدوية أمام بنين 1 – 4 بركلات الترجيح بعد التعادل 1 – 1 في الوقتين الأصلي والإضافي، في مباراة أضاع خلالها زياش ركلة جزاء في الدقيقة 90+4، وفشل أسود الأطلس في استغلال النقص العددي للمنتخب المنافس في معظم الشوطين الإضافيين.
أسود الأطلس يعوّلون على لاعبين جلهم محترفون في نواد أوروبية في مقدمتهم نجم باريس سان جرمان أشرف حكيمي
وضع رئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع هدفا صعبا للمدرب الجديد “المدرّب الجديد كُلّف بالوصول إلى نصف نهائي كأس الأمم الأفريقية المقبلة. الفشل في تحقيق هذا الهدف سيؤدي تلقائيا إلى إنهاء العقد”.
وتلقى خليلوزيتش ضربة موجعة بعد إعلان تشكيلته النهائية، حيث رفض مهاجم برشلونة الإسباني الشاب عبدالصمد الزلزولي تلبية دعوته، مشيرا إلى أنه يفضل تأجيلها إلى مارس المقبل بحسب رئيس الاتحاد.
وأفادت وسائل إعلام بأن الزلزولي يرفض حمل قميص المنتخب المغربي، موضحة أنه “بات يفضّل تمثيل المنتخب الإسباني بعد حصوله على الجنسية الإسبانية”.
وأشارت تقارير إعلامية إلى ممارسة الاتحاد الإسباني للعبة الضغوط على الزلزولي من أجل إقناعه بعدم تمثيل المغرب وإغرائه بتمثيل منتخب “لاروخا” لاحقا. ويأمل خليلوزيتش أن يكرّر المهاجمان أيوب الكعبي (هاتاي سبور التركي) وريان مايي (فيرنتسفاروش المجري) تألقهما في تصفيات كأس العالم، عندما مارسا هوايتهما في هزّ الشباك برصيد تسعة أهداف (5 للأول و4 للثاني).
إنجاز رائع
أما غانا التي توجد مع الأسود في نفس المجموعة فهي الأخرى لم ترفع كأس الأمم لفترة طويلة وتحديدا منذ تتويجها باللقب الرابع في تاريخها في ليبيا قبل 40 عاما. ولعب الشاب عبيدي بيليه أيوو وقتها دور البطل في تلك النسخة، وتضم اللائحة الأولية لمنتخب “النجوم السوداء” حاليا نجلاه أندريه (السد القطري) وجوردان (كريستال بالاس الإنجليزي). ويقود تشكيلة المدرب الصربي ميلوفان راييفاتش لاعب وسط أرسنال الإنجليزي المتألق توماس بارتي ومدافع ليستر سيتي الإنجليزي دانيال أمارتي.
ويتميز المنتخب الغاني باللعب القوي والحماسي أكثر من الفرجة واللعب الجميل ومن المرجح أن يحتل المركز الثاني خلف المغرب في أسوأ الأحوال، ويمكن أن يثبت بأنه منافس قوي على اللقب في الأدوار الإقصائية.
وكان أداء المنتخب الغابوني ضعيفا في كأس الأمم الأخيرة، حيث فشل في بلوغ الأدوار الإقصائية لنسخة 2017 عندما استضاف النسخة الحادية والثلاثين، ولم يتأهل إلى النسخة الأخيرة في مصر. وليس هناك الكثير مما يوحي بأن منتخب “الفهود السوداء” سيمحو الخيبات السابقة في نسخة الكاميرون، ويبقى أملهم على الأرجح احتلال المركز الثالث خلف المغرب وغانا وإمكانية بلوغ الدور الثاني. من ناحيتها تعوّل الغابون إلى حد كبير على قائدها مهاجم أرسنال بيار إيميريك أوباميانغ الذي تم تجريده من شارة قيادة النادي اللندني واستبعاده عن تشكيلة المدفعجية لأسباب انضباطية بعد عودته متأخرا من زيارة لوالدته المريضة في فرنسا.
ومجرّد التأهل إلى نهائيات نسخة الكاميرون يعتبر إنجازا رائعا لمنتخب يمثل مجموعة من الجزر قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لأفريقيا والتي يبلغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة.
وعلى الرغم من صعوبة هزيمته على أرضه لعدة سنوات، لم يكن من المتوقع أن يحتل منتخب جزر القمر أو “أسماك سيلاكانت” أو “الأسماك النادرة” أحد المركزين الأول والثاني ويتأهل من مجموعة ضمت مصر حاملة الرقم القياسي في عدد الألقاب في البطولة (7 مرات مصر) وكينيا وتوغو.