المغرب يبحث تطوير إنتاج الحبوب الزيتية لتقليص الاستيراد

ماموني

دفع ارتفاع أسعار الزيوت النباتية في المغرب جراء تكاليفها الباهظة في السوق الدولية الأوساط الاقتصادية إلى حث الحكومة على النظر في فتح المجال سريعا أمام دعم إنتاج الزراعات الزيتية للتخفيف من عملية استيراد المواد الأولية التي تدخل في عملية التصنيع والحد من التبعات المنجرة عن ذلك.

شدّد مجلس المنافسة المغربي على أنه يتعيّن اليوم في ظل الارتفاع الجنوبي في الأسعار تطوير محاصيل الحبوب الزيتية المحلية، وذلك عن طريق زيادة المساحات المزروعة ودعمها كما هو الحال بالنسبة إلى القمح.

وتقول الأوساط الاقتصادية إن المغرب يستورد تقريبا كل احتياجاته من المواد الأولية الزيتية من الخارج في شكل زيوت نباتية خام، مما يجعل السوق المحلية عرضة لتقلبات أسعار هذه المواد على مستوى السوق الدولية.

وتستورد البلاد سنويا نحو 98.7 في المئة من المواد الأولية المخصصة لصناعة الزيوت في شكل زيوت نباتية خام بالأساس، ولا تساهم الحبوب الزيتية المنتجة محليا إلا بنحو 1.3 في المئة فقط.

ويعزى ذلك إلى ضعف الإنتاج المحلي، ما يجعلـه عرضة لتقلبات أسعار هذه المواد في السوق الدولية، حيث تبلغ فاتورة استيراد الزيوت النباتية الخام سنويا 4 مليارات درهم (430 مليون دولار)، ويصل هذا المبلغ إلى 9 مليارات درهم (970 مليون دولار) إذا أضيفت إليه فاتورة استيراد الحبوب.

وقال حسن بن عبدالرازق المدير الإداري لشركة أغرو كونسيبت خلال ندوة عقدت في الدار البيضاء مؤخرا إنه “يمكن للقطاع الزراعي أن يجني العديد من الامتيازات من خلال إدماج النباتات الزيتية، والتي ستسهم في استقرار دخل المزارعين وتحسينه، وهو الأمر الذي سيعزز النسيج الاجتماعي والاقتصادي وخاصة في الأرياف”.

حسن بن عبدالرازق: الزراعة ستجني عدة امتيازات عبر إدماج النباتات الزيتية

وتهدف استراتيجية الجيل الأخضر إلى زراعة 80 ألف هكتار، بما فيها 30 ألف هكتار من نبات السلجم الزيتي (الكولزا) و50 ألف هكتار من عباد الشمس، بحلول عام 2030.

ويرى خبراء أن دعم النباتات الزيتية سيعزّز مرونة القطاع الزراعي في مواجهة التغيرات المناخية، حيث يتم اعتماد الزراعة البورية نظرا لأهميتها البالغة في المغرب بسبب انحباس الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.

ويبدو أن تغطية حاجيات المغرب من زيوت المائدة ستكون انطلاقا من إنتاج الحبوب الزيتية المحليـة بهـدف الوصول إلى نسبة 15 في المئة المحددة في عقد البرنامج الخاص بتنمية سلسلة إنتاج الحبوب الزيتية.

ولأجل ذلك يقترح مجلس المنافسة تمديد الإجراءات المتعلقة بهذا البرنامج في إطار المخطط القطاعي الجديد للجيـل الأخضر.

وحث برنامج مغرب أولياجينوه للبذور الزيتية على تطوير الإنتاج المحلي من النباتات الزيتية للتقليل من الاعتماد على الواردات ولدعم الاستقلال الغذائي.

ويقوم برنامج مغرب أولياجينوه، الذي يساهم في تمويله الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع فيدرالية الزيتيات (فوليا) ومجموعة تير أونيفيا الفرنسية، بمساعدة المزارعين المغاربة الراغبين في تنمية زراعة السلجم الزيتي وعباد الشمس.

ومن بين الإجراءات التي بإمكانهـا تحقيق نهضة فـي القطاع يرى مجلس المنافسة أنه من الضروري تأمين سعر أدنى مضمون لفائدة المزارعين كيفما كان سعر المواد الأولية الزيتية في السوق الدولية، إلى جانب استعمال البذور المعتمدة ذات المردودية المرتفعة ومواكبة المزارعين على غرار ما يتم العمل به في قطاع السكر.

ويشدد خبراء يعملون في مجلس المنافسة على دعم الشراكات التي تهم مشاريع التجميع الزراعي التي تربط بين مصنعي زيوت المائدة والمنتجين المشتركين في تعاونيات أو تجمعات ذات نفع اقتصادي، مـع احتـرام التشريعات المتعلـقة بحريـة الأسعار والمنافسـة.

وأكد فوزي بكاوي، مدير المعهد الوطني للبحث الزراعي، أن تطوير نباتات البذور الزيتية، بما في ذلك بذور الكولزا المستخدمة في تصنيع الزيوت، يستغرق وقتا طويلا في الضيعات التجريبية التابعة للمعهد، مضيفا أن هذه الأصناف لها فائدة لا مثيل لها بالنسبة إلى المزارعين من حيث العائد والأرباح المحققة في المحاصيل.

ويطمح قطاع زراعة السلجم الزيتي وعباد الشمس الذي رأى النور في عام 2013 إلى تطوير الإنتاج المحلي من أجل تلبية الطلب المتزايد من قبل المستهلكين.

تغطية حاجيات المغرب من زيوت المائدة ستكون انطلاقا من إنتاج الحبوب الزيتية المحليـة بهـدف الوصول إلى نسبة 15 في المئة المحددة

وبفضل عقد البرنامج الموقع بين الفيدرالية المهنية للزيتيات والدولة في إطار مخطط المغرب الأخضر تضاعف حجم الإنتاج 15 مرة بالنسبة إلى السلجم الزيتي وارتفع بنسبة 67 في المئة في ما يخص عباد الشمس.

وتظهر البيانات أن المغرب أنتج عام 2019 قرابة 17 ألف طن من الزيوت و22.5 ألف طن من السلجم الزيتي وعباد الشمس، ورغم أن الإنتاج لا يزال ضعيفا مقارنة بالطلب المرتفع إلا أنه يساهم في تقوية الاستقلال الغذائي للبلاد.

ويبقى الهدف الأبرز هو الوصول إلى زراعة 70 ألف هكتار من السلجم الزيتي وعباد الشمس بحلول عام 2030، ما سيمكن البلد من إنتاج نحو 126 ألف طن سنويا وتغطية 10 في المئة من حاجيات السوق المحلية.

وبالنظر إلى الإمكانات التي لدى المغرب، في ما يخص المساحة التي يمكن استغلالها لزيادة مساحة زراعة الحبوب الزيتية والتـي تقـدر بنحو 600 ألف هكتار، وقعت وزارة الزراعة والفيدرالية البيمهنية للحبوب الزيتية علـى عقـد برنامـج يهـدف إلـى تطويـر هـذا النوع من الزراعـات.

وحسب خبراء في الزراعة لا بد من بذل المزيد من الجهود؛ إذ على الرغم مـن النتائج التي تم تحقيقهـا على مستوى المساحة المزروعة وكمية الحبوب الزيتية المنتجـة، فإن الإنجازات تظل أقل بكثير من الأهداف التي تم وضعها في الخطط السابقة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: