رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي تدعم تعزيز العلاقات المغربية – الأوروبية

ماموني

تولت فرنسا مع بداية العام الحالي رئاسة الاتحاد الأوروبي في خطوة ستعجل بمواجهة التكتل الذي يضم 27 دولة العديد من التحديات في مقدمتها قضايا المناخ والهجرة، لكن أيضا المساهمة في الإسراع بحلحلة الخلافات بين دول أوروبية وأخرى في المنطقة على غرار تلك التي بين المغرب وإسبانيا من جهة والمغرب وألمانيا من جهة أخرى.

ولا يستبعد مراقبون أن تُقدم فرنسا على خطوة جريئة من خلال طرح تمرير دعمها لمقترح الحكم الذاتي، الذي أعلنه المغرب لحلحلة ملف الصحراء.

وقال الخبير في الدراسات السياسية والأمنية محمد الطيار، إن “باريس لم تقم في ما سبق بأي مبادرة وسط الاتحاد الأوروبي لدعم الموقف الأميركي الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه، لذلك يبرز السؤال بمناسبة ترؤسها للاتحاد، حول إمكانية أن تطرح باريس ما يمكنه أن يضع حدا لمحاولات اللوبي الجزائري التشويش على علاقات الاتحاد الأوروبي بالمغرب”.

وشدد الطيار في تصريح لـه على “أن التغييرات الحاصلة في قضية الصحراء المغربية، وتوجه المنتظم الدولي لحسم هذه القضية بالشكل الذي يحترم سيادة المغرب، وتجاوز الأزمة الدبلوماسية بإعلان الدبلوماسية الألمانية عن موقف إيجابي من مقترح المغرب، أمور من بين أخرى يمكن أن تجعل رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي فرصة لطي صفحة الخلافات المترتبة عن ملف الهجرة غير النظامية، وقضية الصحراء، وهي مناسبة أيضا للعمل على دفع إسبانيا المستفيد الأول من الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد والمغرب، أن تخرج من موقفها المزدوج والمتوجس في علاقاتها مع المغرب”.

ويأتي هذا بعد أن شهدت العام الماضي علاقات المغرب مع ألمانيا وإسبانيا خلافات قبل أن تبدأ تلك الخلافات في التبدد مع برلين بعد أن صحّحت موقفها من ملف الصحراء لتعلن عن دعمها لمقاربة الرباط في هذا الصدد، فيما لا تزال مدريد مترددة إزاء اتخاذ خطوة مماثلة.

محمد الطيار: رئاسة فرنسا للاتحاد قد تقرب وجهات النظر بين أعضائه والمغرب

ولجأت مدريد إلى إقحام التكتل الأوروبي في خلافها مع الرباط، الذي تفجر بسبب استقبالها زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي، عندما طرحت الأزمة الثنائية داخل البرلمان الأوروبي تحت عنوان الهجرة السرية، حيث صوّت جزء من النواب الأوروبيين بتحريض النواب الإسبان في العاشر من يونيو 2021، على قرار أعلنوا فيه رفضهم “استخدام المغرب للمراقبة الحدودية والهجرة وخصوصا القصّر غير المرافقين، كآلية ضغط ضد الاتحاد الأوروبي”.

وبعدها أجرى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، اتصالات متتالية مع رئيسي دبلوماسية البلدين، وذلك للبحث عن حل سريع للأزمة المتفاقمة، مع تأكيد فرنسا أن المغرب شريك أساسي للاتحاد الأوروبي، خاصة في شؤون الهجرة، وأن “فرنسا تريد استمرار هذا التعاون وتعزيزه” ما يُؤشر على أنّ فترة رئاسة فرنسا للاتحاد ستُعزز علاقات دوله بالمغرب.

وأكد ماكرون أنه سيعمل من أجل “أوروبا قوية في العالم، ذات سيادة كاملة، حرة في خياراتها وسيدة مصيرها”، وأنه سيلقي بثقله خلال مناقشات تلك الملفات الحساسة باجتماعات المجلس الأوروبي ويتدخل في حال حصول أزمة.

لذلك تُعد باريس وفقا لمراقبين غير معنية بأي تصعيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وفي الوقت ذاته لا تريد التخلي عن دورها المحوري داخل الاتحاد الأوروبي باعتباره الحاضنة للدول الأوروبية ومصالحها المشتركة، ولهذا تعمل الدبلوماسية الفرنسية بشكل خاص على إطلاق حوار سياسي بين المغرب وإسبانيا بهدف تجاوز الأزمة.

وهذه المرة الثالثة عشرة التي تتولى فيها فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي منذ العام 1958 والأولى منذ 2008، وسيكون إيمانويل ماكرون ملزما بموقف داعم للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي، كحليف استراتيجي.

ويرى خبراء في العلاقات الدولية، أن باريس سيكون لها تأثير في ما يتعلق بإنهاء الأزمة بين ألمانيا والمغرب، خصوصا وأن هناك تناغما بين المستشار الألماني الجديد الاشتراكي – الديمقراطي أولاف شولتز والرئيس ماكرون، والأهم بعد بوادر الانفراجة التي طرأت مؤخرا في هذا الصدد بإعلان الرباط عودة التمثيل الدبلوماسي إلى شكله الطبيعي بعد رسائل إيجابية من برلين بشأن الصحراء المغربية.

وسيستفيد المغرب في تأمين مصالحه مع الاتحاد الأوروبي، من طموح ألمانيا وفرنسا نحو تركيز طاقات بديلة كالهيدروجين الأخضر لتوليد الكهرباء، بعيدا عن الطاقة النووية المشعة، وتنسيق التعاون الأوروبي مع المغرب لاستيراد طاقته النظيفة الصديقة للبيئة.

فرنسا تُدرك الأدوار التي يلعبها المغرب باعتباره “الفاعل المحوري” في مجال التصدي للهجرة غير الشرعية، ما يشكل مرتكزا لإعادة تعريف العلاقات المغربية – الأوروبية

وتعتمد العلاقات الثنائية المغربية الفرنسية على الاستشارات الاستراتيجية وتقاطع وجهات النظر حول القضايا ذات الأهمية الكبرى من قبيل الهجرة، والاستثمارات الاقتصادية والتجارة والأمن، بمحاربة الإرهاب والتطرف والهجرة المنظمة، ما سيشكل أفقا سياسيا يخدم مصالح المغرب على المستوى الأوروبي في تلك القضايا الحيوية.

وتُدرك فرنسا الأدوار التي يلعبها المغرب باعتباره “الفاعل المحوري” في مجال التصدي للهجرة غير الشرعية، والذي يكافح إلى جانب دول أوروبا شبكات مهربي البشر، وهو ما يشكل مرتكزا لإعادة تعريف العلاقات المغربية الأوروبية بما يخدم سيادة الرباط على أراضيه ومياهه الإقليمية.

وقال الطيار إن “المغرب حصل على مكانة الشريك المميز سنة 2008، خلال فترة رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي، ومنذ ذلك الحين شهدت علاقات المغرب مع الاتحاد الأوروبي تطورا وتعاونا في شتى المجالات تخللتها فترات من التوتر والقطيعة، كما حدث بعد صدور قرار محكمة الاتحاد الأوروبي سنة 2015 حين أعلن المغرب تعليق علاقاته مع الاتحاد بسبب طرح مسألة شمولية الاتفاقيات البحرية والفلاحية لكامل التراب المغربي، ولم تكن باريس تلعب دور الحليف بالشكل الذي ينتظره المغرب منها”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: