سياسيون وصحافيون مغاربة يلجأون إلى «يوتيوب» بحثاً عن حرية تعبير أكبر

أيت لكتاوي

على صفحته المليونية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، يضرب السياسي المغربي عبد الرحيم بوعيدة، مواعيد ثابتة لمتابعيه وجمهوره من أجل فتح النقاش في ملفات وقضايا سياسية راهنة، إذ يحرص على إبراز مواقفه وآرائه عبر برنامجه “برلمان الشعب”.
يقول في هذا الصدد: “على عكس ما يظنه كثيرون، لا أقوم بالتصوير في أستوديو محترف ذي إمكانات كبيرة وبمعدات متطورة، بل أقوم بتصوير فيديوهات برنامجي في مكتب صغير يوجد بسطح المنزل، ولا أستعمل سوى الهاتف”.
من مكانه ذاك، حرص بوعيدة، وهو أستاذ جامعي، على اللقاء بمتابعيه كل يوم سبت لمناقشة مجموعة من الأحداث، مؤكداً أن مجموعة من الحلقات أثَّرت بشكل كبير في المغاربة ولاقت متابعة واسعة، من بينها شريط فيديو تجاوز الـ 15 مليون مشاهدة ولا يزال يحصد المشاهدات.
الواقع السياسي والنخب السياسية والبرلمان والأحزاب السياسية في المغرب غيرها، عدد من المواضيع التي يتطرق إليها الدكتور عبد الرحيم بوعيدة، لافتاً إلى أن حرقته على الوطن وقضاياه هي مُحرِّكه الأساسي، بعيداً عن أي ربح مادي يمكن أن يجنيه من الفيديوهات، لذلك لم يلجأ لمنصة اليوتيوب ويكتفي بنشر الفيديوهات على الصفحة الرسمية في “فيسبوك”.

الهروب نحو «يوتيوب»

على قناته على “يوتيوب” التي يتابعها أزيد من نصف مليون مشترك، يحرص الصحافي حميد المهداوي بشكل يومي على تصوير ونشر فيديوهات تناقش قضايا سياسية في البلاد. وبالإضافة إلى مواضيع آنية مثيرة للجدل وللنقاش، يحاول المهداوي فك خيوطها وتبسيط تفاصيلها بالشرح والتحليل، وهي الفيديوهات التي تنال مئات الآلاف من المشاهدات ومئات التعليقات.
السياسيون والصحافيون المغاربة ليسوا الوحيدين الذين لجأوا إلى هذا النوع من “البوح” والتعبير بحرية عن أفكارهم وتوجيه سهام انتقاداتهم، بل حذا حذوهم الفنانون كذلك، ولعل أبرز تجربة على مواقع التواصل الاجتماعي تعود للكاتب المسرحي والشاعر الأمازيغي سعيد أبرنوص.
أبرنوص المعروف على الشبكات الاجتماعية بـ “بيكنباور”، يعمد إلى التطرق لمجموعة من المواضيع بطريقة ساخرة ولاذعة، يساعده في ذلك تطويعه للغة وتمكنه من الحديث فوق حبال التناقضات الاجتماعية، متحدثاً بحرقة عن عدد من المظاهر السلبية داخل المجتمع المغربي، ومنتقداً الفوارق الاجتماعية، ومتطرقاً لنقائص فاعلين سياسيين، ومُسائلاً زعماء حزبيين عن وعودهم الانتخابية.
هذه المبادرات التواصلية في عالم السياسة، بدأها نواب برلمانيون شباب، ولعل البداية كانت مع النائب البرلماني السابق عن “فديرالية اليسار الديمقراطي” عمر بلافريج، منذ بداية الولاية التشريعية عام 2016، حيث التزم بتنزيل حلقات من “البودكاست السياسي” على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي.

ربط المسؤولية بالمحاسبة

خلال أولى حلقات برنامجه، أكد بلافريج أن هذه الخطوة نابعة “من إيمانه بربط المسؤولية بالمحاسبة”، وهو الذي يعرض عمله داخل البرلمان وخارجه، ويجيب عن استفسارات متابعي قناته وصفحته الرسمية على “فيسبوك”.
وكان يطل على متابعيه كل يوم جمعة، عارضاً خلال حلقاته أنشطته ومشاركاته داخل البرلمان، والأسئلة الموجهة للوزراء والأجوبة التي يتوصل بها، قبل أن تصل هذه التجربة غير المسبوقة إلى نهايتها بـ 140 حلقة، مع إعلان السياسي المغرب الشاب اعتزاله السياسة.
شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، ترى أن لجوء سياسيين وصحافيين إلى التعبير عن آرائهم في عدد من الملفات والقضايا عبر مقاطع فيديو تنشر على منصات التواصل الاجتماعي على اختلافها، يعود بالأساس إلى عدد من الأسباب، على رأسها تضييق أفق الحرية بالنسبة للصحافيين في تناول مواضيع سياسية حارقة.
” لعل هذا ما يبحث عنه المشاهد، خاصة إذا ما لاحظنا أن نسب المشاهدة لهذه القنوات يكون مرتفعاً بشكل لافت مقارنة بالمشاهدة على القنوات الرسمية”، تقول لموير خلال حديثها موضحة أن المواطن دائماً ما يبحث عن المواضيع التي تلامس واقعه وتترجم مشاكله، حيث أصبحت هذه القنوات ملاذاً بهامش حريات أكبر للصحافيين وللسياسيين الذين يتجهون نحو “اليوتيوب”. وفي ظل الإقبال الذي تعرفه هذه الخطوة داخل المجتمع المغربي، دعت الباحثة في العلوم السياسية إلى التعاطي معها بمقاربة أكثر شمولية، خاصة وأن المغرب قطع أشواطاً مهمة في ظل الخيار الديمقراطي، لذلك فمن غير المنطقي اليوم التحفظ على تناول مواضيع سياسية تهم المواطن المغربي وتسعى إلى تسليط الضوء من أجل معالجتها، وفق تعبير المتحدثة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: