المغرب يلجأ إلى رفع حجم التمويلات الخارجية بسبب تداعيات كورونا

حنان الفاتحي

أرغمت جائحة كورونا وما فرضته من تحديات اجتماعية واقتصادية المغرب على اللجوء إلى تعبئة تمويلات خارجية قياسية خلال العام 2020 بلغت حوالي 28.18 مليار درهم (حوالي 3 آلاف مليار دولار أميركي) بحسب بيانات حكومية نُشرت الاثنين.

وحسب التقرير السنوي لمديرية الميزانية بوزارة الاقتصاد والمالية لعام 2020، فإن هذا الرقم يمثل ارتفاعاً قدره 70 في المئة مقارنة بسنة 2019، التي بلغت فيها التمويلات الخارجية حوالي 16.31 مليار درهم.

وذكر التقرير السنوي أن هذا الارتفاع الكبير يعود أساسا إلى التعبئة الكبيرة لدى المانحين الدوليين من أجل دعم المغرب في مكافحة جائحة كورونا.

وتُمثل القروض نسبة 79 في المئة من إجمالي التمويلات الخارجية التي حصل عليها المغرب سنة 2020، فيما كان الباقي عبارة عن منح.

وفي مقدمة المقرضين للمغرب في العام 2020 البنك الدولي الذي شكلت قروضه نسبة 44 في المئة من إجمالي القروض، ثم الاتحاد الأوروبي بنسبة 18 في المئة، يليهما بنك ألمانيا للتنمية بما نسبته 14 في المئة.

وتضم قائمة المقرضين كذلك البنك الأفريقي للتنمية، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، والوكالة الفرنسية للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية.

وبحسب تقرير وزارة الاقتصاد والمالية المغربية فقد بلغ حجم السحوبات التي تمت سنة 2020 ما يناهز 15 مليار درهم، وهو ما يمثل ضعف ما تم سنة 2019.

وشدد التقرير المذكور على أن فايروس كورونا المستجد حتّم على المملكة تعبئة موارد طائلة من قبل شركائها التقنيين والماليين لدعم الخطة التي أقرتها في مواجهة تداعيات الجائحة الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

وكانت السلطات المغربية قد منحت الأولوية لتطوير البنية التحتية الصحية بالنسبة إلى التحديات التي واجهتها خلال تفشي وباء كورونا.

أما على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، فقد رسمت المملكة أهدافا للتمويلات التي قامت بتعبئتها على غرار مساعدة الشركات والأسر وحماية الاقتصاد من التأثيرات الخارجية والحفاظ على التوازنات المالية الخارجية عبر تعويض جزء من الانخفاض في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وتنوعت تدخلات الشركاء التقنيين والماليين بشكل كبير، حيث شملت إجراءات مثل الدعم لتحسين حلول الوقاية من انتشار الوباء وإجراءات أوسع ضمت دعم خطة الحكومة بصفة عامة.

وفي مواجهة هذا الوضع خاصة في ظل تفشي المتحورة الجديدة أوميكرون يوصي عدد من الخبراء الاقتصاديين في المغرب باعتماد مقاربات معينة تضمن التعايش مع الجائحة.

وقال الخبير الاقتصادي مهدي فقير إن “عهد إحصاء الخسائر قد ولى”، داعيا إلى التعامل مع أزمة كوفيد – 19 بشكل هيكلي وتوفير بدائل للتعايش النهائي مع الفايروس، فاستمرار هذا الوضع يكرس الضبابية والارتباك، وفق تقديره.

وأضاف فقيرأن الخسائر الاقتصادية بيّنة للعيان والطاقة السلبية منتشرة، مشيرا إلى أن المردودية مهددة دائما، ما يؤدي إلى نشر الشعور بالخوف، وبالتالي غياب استثمارات جديدة.

وتابع الخبير الاقتصادي المغربي أن المغرب يحتاج إلى شبكة احتياط لتوفير الدعم المالي للاقتصاد الوطني، مؤكدا أن القطاع السياحي يبقى الأكثر تضررا من الوضع الحالي وإغلاق الحدود المغربية مع العالم إلى غاية الحادي والثلاثين من يناير المقبل.

الارتفاع الكبير يعود أساسا إلى التعبئة الكبيرة لدى المانحين الدوليين من أجل دعم المغرب لتطوير البنية التحتية الصحية ومكافحة كورونا

وخلُص إلى أن “هناك إمكانية لاختفاء مهن سياحية عديدة، مثل وكالات الأسفار وكراء السيارات والعديد من المؤسسات والفضاءات الأخرى”، مشيرا إلى أن خسائر هذا القطاع ستكون كبيرة.

وكان المغرب قد اتخذ مؤخرا جملة من التدابير الوقائية التي تستهدف كبح جماح المتحورة الجديدة أوميكرون خاصة بعد الرفض الواسع لعملية التلقيح وهو رفض ذكته المعارضة المغربية التي تحاول استثماره لتسجيل نقاط سياسية.

وقامت السلطات المغربية بتمديد تعليق الرحلات الجوية حتى موفى يناير المقبل وهو إجراء ساري المفعول منذ نوفمبر الماضي.

وأثارت هذه الخطوة مخاوف من خسائر ستطال القطاع السياحي الحيوي للاقتصاد المغربي، إذ تستقطب عطل أعياد الميلاد ورأس السنة عادة السياح الأوروبيين، فضلا عن نشاط السياحة الداخلية.

وبعدما ظلت الإصابات اليومية بالوباء والوفيات الناجمة عنه منخفضة منذ الصيف، سجل المغرب ارتفاعا يناهز 50 في المئة في عدد الإصابات خلال الأسبوعين الأخيرين، بحسب وزارة الصحة.

وتخطى مجموع الإصابات منذ ظهور الوباء 954 ألفا فيما توفي 14823 شخصا.

ويعوّل المغرب على إغلاق الحدود وحملة التطعيم التي تستهدف 80 في المئة من السكان لتفادي “انتكاسة وبائية يبقى احتمالها واردا جدا”، وفق تحذير أصدرته وزارة الصحة في وقت سابق.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: