المغرب: تقارب مع إسرائيل وأزمات مع إسبانيا وألمانيا والجزائر

الطويل

أفرزت الانتخابات التشريعية والمحلية اندحارا قويا للإسلاميين ممثلين في حزب «العدالة والتنمية» الذي قاد الحكومة المغربية لولايتين على امتداد عشر سنوات.

شهدت الساحة السياسية في المغرب عام 2021 تحولات قوية على المستويين الداخلي والخارجي، من شأنها أن تنعكس على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وإعادة التوازن في علاقات المغرب مع محيطه الإقليمي والدولي. على المستوى الداخلي، أفرزت الانتخابات التشريعية والمحلية اندحارا قويا للإسلاميين ممثلين في حزب «العدالة والتنمية» الذي قاد الحكومة المغربية لولايتين اثنتين على امتداد عشر سنوات. وشكّل ذلك أفول آخر جبهة للإسلاميين انفتحت نتيجة الربيع العربي لعام 2011، بعد الانقلاب على «الإخوان المسلمين» في مصر وإجهاض تجربة حزب «النهضة» في تونس وإزاحة العسكر لرئيس حزب «المؤتمر الوطني» من قيادة السودان.
في المقابل، صعد نجم حزب ليبرالي في المغرب، يقوده رجل أعمال وسياسي مقرب من دوائر القرار، هو عزيز أخنوش؛ حيث رسم «التجمع الوطني للأحرار» أحلاما وردية للمواطنين، فكسب أصوات الناخبين، وآلت إليه رئاسة الحكومة التي انضم إليها حزبان آخران، أحدهما محافظ «الاستقلال»، والثاني حداثي «الأصالة والمعاصرة». ولم تمض سوى أسابيع قليلة على تنصيب الحكومة حتى بدأ التململ الاجتماعي ممثلا في تظاهرات الأطباء والممرضين والمدرسين والمحامين وغيرهم من الفئات المهنية، مما يؤشر على وضع صعب لحكومة عزيز أخنوش، إذا هي لم تبادر بتنفيذ إجراءات عملية للتخفيف من حدة الاحتقان.
علاوة على ذلك، أفرزت الإجراءات المصاحبة لحالة الطوارئ المتعلقة بتداعيات «كورونا» حالة من الاستياء والتذمر، بسبب تقييد حركة المواطنين وأسفارهم، وإغلاق مرافق حيوية كالحمامات والمنشآت الرياضية المغلقة وقاعات الأفراح والأعراس والمجمعات الثقافية، فضلا عن فرض إجبارية التطعيم وإلزام المواطنين بالتوفر على الجواز الصحي، بعدما ردد المسؤولون في أكثر من مناسبة أن التطعيم اختياري طوْعي.

أزمات دبلوماسية

على مستوى العلاقات الخارجية، تنامى التقارب الدبلوماسي بين المغرب وإسرائيل، بعد التوقيع على «الإعلان المشترك» برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، نهاية العام 2020 حيث جرى الربط بين إعادة التطبيع والاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على أقاليم الصحراء. وتوالت الزيارات والاتفاقيات التجارية والاقتصادية، علاوة على بدء الرحلات الجوية من إسرائيل إلى المغرب بوتيرة بطيئة ومحتشمة، وزيارة وفد «إعلامي» إلى تل أبيب في محاولة لاستمالة الرأي العام، لكن هذه الزيارة لم تكن ذات أثر يذكر، خاصة أنها لم تستقطب أسماء مؤثرة ووجوها معروفا في الإعلام المغربي وفي شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما يؤشر على استمرار الرفض المطلق لمسار التطبيع في أوساط طائفة عريضة من المثقفين والإعلاميين والفاعلين الحقوقيين وغيرهم من فئات المجتمع المغربي.
دوليا، في مقابل تنشيط العلاقات الدبلوماسية مع عدد من البلدان الإفريقية والأوربية، تميزت 2021 بفتور العلاقات بين المغرب وبلدين أوربيين وازنين، هما إسبانيا وألمانيا.
بالنسبة لإسبانيا، فبالإضافة إلى التأجيل المستمر لانعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، أدى استقبال زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، في أحد مستشفيات مدريد، بهوية مزورة، للعلاج من فيروس «كورونا»، إلى تصعيد قوي في العلاقات بين المغرب وإسبانيا، كان من أبرز تجلياته السماح لمئات المهاجرين السريين (ضمنهم أطفال) بالتسلل جماعات إلى مدينة سبتة المحتلة، خلال يوم واحد، وهو ما اعتبرته مدريد ردا مباشرا من الرباط على الخطوة المذكورة، إذ غضّت الطرف عن الطوفان البشري المباغت، في حين قالت السلطات المغربية إنها ليست حرس حدود بالنسبة لإسبانيا، خاصة وأن سبتة توجد في الأراضي المغربية.
ويبدو أن الغيوم التي غطت سماء بين البلدين الجارين آخذة في الانقشاع، ولو ببطء، خاصة من خلال تصريحات إيجابية يطلقها مسؤولون إسبان بين الفينة والأخرى، وإن كانت الرباط تشترط موقفا واضحا من نزاع الصحراء لاستئناف العلاقات، كما أنها تتمسك بهذا الشرط في العلاقات مع مختلف البلدان الأوربية وغيرها.
موقف اتضح أيضا من خلال الأزمة التي طبعت علاقة المغرب مع ألمانيا، حيث أعلن عن قطع علاقاته مع سفارتها في الرباط، جراء «خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية». ولم يوضح البيان المغربي الرسمي طبيعة هذه الخلافات، لكن مصادر ربطت القرار بوقوف ألمانيا ضد ترتيبات دول الاتحاد الأوروبي ليكون له موقف مساند لقرار واشنطن الأخير القاضي بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، خلال الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس دونالد ترامب، بالإضافة إلى حديث وسائل إعلامية محلية عن شبهة تجسس دبلوماسية ألمانية على المغرب؛ فضلاً عن عدم صدور أي رد فعل من سلطات برلين تجاه واقعة رفع علم البوليساريو أمام برلمان ألمانيا في وقت سابق. الجديد في الموضوع أن وزارة الخارجية الألمانية أعطى إشارات إيجابية في أفق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وألمانيا، ما فُهم منه توجّهٌ جديد تجاه الرباط في عهد المستشار الاتحادي الجديد أولافا شولتس؛ حيث أصدرت الخارجية الألمانية بيانا تحدثت فيه عن قوة العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، وأثنت على مبادرة المغرب لحل نزاع الصحراء، قائلة إنه «قدّم مساهمة مهمة في هذا المجال عام 2007 مع خطة الحكم الذاتي».
وإذا كانت العلاقات بين المغرب وإسبانيا وألمانيا آخذة في الانفراج، لا سيما في سياق التوجه المغربي نحو تقوية الحضور أوربيا، فإن الأزمة مع البلد المغاربي الجار، الجزائر، وصلت إلى النفق المسدود، بعد إعلان المسؤولين في «قصر المرداية» عن قطع العلاقات مع الرباط، ومنع الطائرات المغربية المتجهة نحو بلدان أخرى من التحليق في الأجواء الجزائرية.
كانت سلطات الرباط أطلقت مبادرة اليد الممدودة إزاء الجزائر، عقب تصريحات دبلوماسي مغربي تحدث فيها عن «حق شعب القبائل في تقرير المصير»، على غرار تمسك المسؤولين الجزائريين بمبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي، وهو ما فجر تطورات متلاحقة غذّاها انحياز الجزائر إلى «البوليساريو» بعد فتح معبر «الكركرات» وإطلاق إشارات عسكرية تجاه الجار الغربي، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير تصريحات أطلقها مسؤول إسرائيلي تجاه الجزائر انطلاقا من المغرب.
الجزائر تلعب بورقة «البوليساريو» كدأبها منذ أربعة عقود ونيف، والمغرب يُشهر ورقة التطبيع أسوة بما فعلت بلدان عربية أخرى، وحلم الوحدة المغاربية صار في خبر كان… فما بالك بالتضامن العربي
.
تصريحات:
«التلقيح غير فعال، وفيه خطورة، ويجربونه في الشعب، وأنا ضده».
(نبيلة منيب، البرلمانية والأمينة العامة لحزب «الاشتراكي الموحد» المعارض).

راحلون:
القيادي النقابي نوبير الأموي مؤسس «الكونفدرالية الديمقراطية للشغل» الذي كان من أشرس المعارضين في المغرب.
أحمد السنوسي أحد رواد الدبلوماسية المغربية الذي كان وزيرا للأنباء سابقا، وعمل سفيرا في عدة بلدان إفريقية.
السياسي عبد الوهاب بلفقيه الذي مات منتحرا بواسطة بندقية صيد، حسب بيان رسمي من المحكمة. وجاء هذا الموت المفاجئ جراء تجاذبات سياسية عاشها الفقيد في الانتخابات الأخيرة.
الناشط السياسي والثقافي شمعون ليفي اليهودي المغربي الذي اشتهر بوقوفه إلى. جانب الشعب الفلسطيني.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: