‎محامو المغرب يتمرّدون على إلزامية الجواز الصحي لدخول المحاكم

ماموني

امتنع المحامون في المغرب الاثنين عن دخول المحاكم، وذلك للاحتجاج على قرار إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح ضد فايروس كورونا بالنسبة إلى الموظفين والمحامين والقضاة والمواطنين للدخول إلى المحاكم.

وشهدت جميع المحاكم بالمملكة توقفا شبه كلي للسير العام للعدالة، كما توقفت حركة السير أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الاثنين، وهو موعد دخول القرار حيز التنفيذ، بعد منع ولوج المحامين وغيرهم إلى المحكمة إلا بعد الإدلاء بالجواز الصحي، الشيء الذي رفضه المحامون، وبعد بدء الاحتجاج بنصف ساعة تم السماح جزئيا للمحامين دون غيرهم بدخول المحكمة.

ورفع المحامون شعارات أمام بوابة المحكمة موجهة بالأساس إلى وزارة العدل، من قبيل “يا وزير يا جبان، المحامي لا يهان”، وأيضا إلى السلطة القضائية استنكارا للتوقيع مع السلطة التنفيذية على هذا القرار الذي اعتبروه غير دستوري، ويضيق على الحق في الدخول المستنير للعدالة.

وأعلنت جمعية هيئات المحامين بالمغرب تشبثها بالمبادئ والمرجعية الدستورية المؤطرة للحقوق والحريات، ومنها عدم إجبارية التلقيح وحمل الجواز، وبحسب بلاغ للجمعية فقد استحضر المحامون المبادئ المتعلقة بالأمن القضائي والأمن الصحي واستقلالية مهنة المحاماة ومبدأ الحق في التقاضي والدخول إلى المحاكم باعتبارها ملاذا للجميع بمن فيهم المعارضون للتلقيح ولإجبارية الجواز.

وأكدت الجمعية على أهمية انتهاج مقاربة تشاركية بشأن المجال القضائي مثمنة المبادرات التي اتخذتها المؤسسات الوطنية لحماية المواطنين في مواجهة وباء كورونا، والتي كان المحامون سباقين لدعمها والانخراط فيها ماديا ومعنويا.

وإثر انسحاب المحامين من جلسات كانت مبرمجة صباح الاثنين في محاكم طنجة وفاس وأكادير والعيون وكلميم والرباط، أفادت مصادر مطلعة ، بأن قضاة المحكمة الإدارية والتجارية والاستئنافية بهذه المدن، وموظفيها توقفوا عن إدراج الملفات أو تسلمها، بسبب الوقفات الاحتجاجية التي تمت الاثنين.

وتم تسجيل منع عدد من الأساتذة المحامين من دخول المحكمة التجارية بأكادير بسبب عدم إدلائهم بجواز التلقيح، فيما عاينت نفس المصادر الوكيل العام للملك باستئنافية أكادير، وهو يقف على تطبيق هذا القرار ومنع غير الحاملين للجواز من دخول المحكمة.

وأصدر كل من وزير العدل عبداللطيف وهبي، ورئيس النيابة العامة الحسن الداكي، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية محمد عبدالنباوي، تعليمات تمنع دخول المحاكم دون الإدلاء بجواز التلقيح، وذلك في دورية مشتركة وُجهت إلى وكلاء الملك والقضاة والمحامين.

وبحسب الدورية المشتركة، فإن الدخول إلى المحاكم أصبح يتوقف على الإدلاء بـ”الجواز الصحي”، وذلك ابتداء من العشرين من ديسمبر الجاري، مع فترة تحسيسية سُمح بها من أجل تمكين القضاء والموظفين وأعضاء هيئات الدفاع والمتقاضين وباقي مرتادي المحاكم، من أجل الإدلاء بالجواز المذكور.

Thumbnail

ورفضا لهذه الوثيقة، أوضحت نقابة المحامين في بلاغ أن المحاميات والمحامين غير معنيين بالمرة بمضامين الدورية المشتركة المذكورة، وذلك “لعدم صدورها عن المؤسسات المهنية القانونية المنتخبة من طرفهم، ورفضا منهم لأي وصاية من أي جهة كانت”.

وأشارت النقابة إلى رفضها مضامين الدورية المشتركة شكلا وموضوعا، داعية المحاميات والمحامين إلى تمسكهم باستقلالهم عن كافة السلط، معتبرة أن القرار له أضرار بليغة بمصالح المواطنين ويمس بحقوقهم وحرياتهم المكفولة دستوريا، فضلا عن آثاره الخطيرة على الاقتصاد والسير العادي للمرافق والإدارات العمومية.

ويعتقد الأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي أن “بلاغ نقابة هيئة المحامين بالبيضاء الرافض لاشتراط جواز التلقيح لدخول المحاكم، يغلب عليه الطابع السياسي أكثر من الطابع القانوني الذي يهدف إلى حماية قواعد النظام العام التي من بين أسسها الصحة العامة”.

وأوضح الشرقاوي أنه “قد تفلح هيئات المحاماة في فرض تحديها للقانون ولقرارات السلطات العمومية، فهي لوبي قوي ومتضامن وله نفوذ معتبر، لكن ذلك سيؤثر لا محالة على مصداقية قرارات السلطة القانونية والقضائية، وسيدخل المغاربة في نفق نكران القانون”.

لكنّ المحامين شددوا على أنه لا يجوز أن توجه لهم أوامر أو توجيهات، أو تفرض عليهم قيود تحدّ أو تنقص أو تعرقل أداءهم لمهامهم باستقلال، أو تحول دون قيامهم بواجب الدفاع المقدس لفائدة موكليهم، وكفالة حقوق الدفاع أمام المحاكم للمتقاضين كما هو منصوص عليه في الفصل 120 من الدستور.

ويرى عدد من المحامين بالمغرب أنه رغم توفر الكثير منهم على جواز التلقيح، فإن بلاغ النقابة جاء مؤسسا على ضوابط قانونية لحفظ حق دستوري في دخول أي متقاض للمحاكم دون تمييز بين حامل الجواز وغيره، كما أن هناك إجراءات كثيرة يمكن للحكومة أن تعتمدها دون المس بحق المواطن في ممارسة حقه الدستوري، موردين أنه إذا كان التلقيح اختياريا فالجواز يجب أن يكون كذلك.

وتأتي الإجراءات الاحترازية الجديدة بمختلف المحاكم المغربية في ظل استمرار سريان حالة الطوارئ الصحية، واستجابة للتنبيه الذي أطلقته وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من خطورة التهاون في احترام تدابير الوقاية من الإصابة بفايروس كورونا المستجد، والفايروسات المتحوّرة عنه، إذ رصدت وزارة الصحة تغير المنحنى الوبائي الوطني، الذي تميز بتحسن سابق قبل أن تشرع الحالات في الارتفاع خلال الأسبوعين الأخيرين، وهو ما يدل على أن الفايروس لا يزال متواجدا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: