عندما تطأ قدماك مدينة القنيطرة ، تواجهك عمارات شاهقة تجاوزات طوابقها الغير المتناسقة أشجار الأوكاليبتوس المنتشرة بالمدينة ، عمارات بنيت على أنقاض فيلات جميلة ومساكن ذات طابع أوروبي فرنسي إستعماري ، تواجهك أعمدة كهربائية متهالكة عشش عليها طائر اللقلاق الشاهد الوحيد على أحوال المدينة .
المدينة التي إقتلعت من جذورها مأساة تسيير ولايتين لمجلس غير مأسوف عليه ، وبداية بطولية لولاية مجلس جديد مع طموحات وأماني ساكنة المدينة القنيطريين ، مع وعود أعطيت قبلا للنهوض بالمدينة ، وتحسين ظروف عيش المواطن القنيطري ورفاهيته ، بدءا من مشكل النقل الحضري الذي ما زال لم يتحقق بالمدينة ولم يبرح مكانه ، فقط وعود تلو أخرى في جميع خرجات رئيس المجلس ، ومشكل إحتلال الملك العمومي الذي إستشرى بالمدينة ، بدون إيجاد حلول حقيقية لحيلولته ، حيث أصبح وسيلة سهلة للبعض للحصول على محل تجاري ، ناهيك عن الفوضى العارمة التي يعرفها إحتلال الملك العمومي من طرف المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية ، حيث تحولت الساحات والمساحات العمومية بقدرة قادر إلى أسواق تجارية عشوائية ، تدنس المشهد والرونق العام للمدينة ، إذ أصبحت ظاهرة يومية تعم الواقع القنيطري ، بل تعدت إلى الأحياء الجديدة وسط المدينة وهوامشها .
ما زالت المدينة وفي ظل المجلس البلدي الجديد تعاني من قلة النظافة وتفشي إنتشار الأزبال بأغلب الأزقة والأحياء سواء الشعبية أو الجديدة ، ظاهرة إنتشار القمامة أصبحت منتشرة بشكل عام بالمدينة ، لا شيء يعطي الإحساس بحصول تغيير في التسيير .
المدينة تعرف إنتشار المتسولين والمعتوهين والمتشردين ، الذين يهددوا حياة المواطنين يوميا ولا من يلتفت إلى هذه الظاهرة الخطيرة والعمل لوضع حد لها ، والنهوض بأوضاع هذه الشريحة ومساعدتهم وخصوصا في مثل هذا الطقس البارد الذي يعم بلادنا.
فإذا كان المواطنون القنيطريين الأحياء يعانون الأمرين ، فكيف حال الأموات الراقدين في لحودهم ، حيث أستبيحت أماكنهم للمتسكعين والمجرمين وكذلك المضاربين في تهيئة وبناء القبور .
مازال المجلس البلدي الجديد لم يتوصل بعد بصك نصاب الأغلبية النهائي الذي لا رجعة فيه ، ومعه ما زالت المرافق الحيوية بالمدينة والتابعة له تتخبط وسط الفوضى العارمة ، بسبب إختلالات تدبيرية من ضمنها سوق الجملة والمجزرة البلدية والمحجز البلدي ، بالرغم من إعطاء وعود في عدة مناسبات لحلها ، الشيء الذي يضيع على خزينة البلدية أموالا طائلة تذهب لفائدة المستغلين والمتواطئين مع هذا الوضع .
الظاهر أن المجلس البلدي الجديد أضحى متواطئا مع المجلس البلدي المنتهية ولايته ، ونسي عنوة عمليات تفويت الأراضي والعقارات التي تذخل ضمن أملاك جماعة القنيطرة ، سرعان ما نسي مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة التي أتى بها دستور 2011 ، والتي طالما طالبت بها ساكنة القنيطرة ، فأخذ موقف صمت القبور .
المجلس الجديد ، الذي ما زال يعاني تبعات ما أسفرت عليه نتائج الإستحقاقات الإنتخابية الأخيرة ، مع عدم إيجاد توافق حقيقي من أجل تسيير مصالح الجماعة بأريحية ، والإنقسامات والتشتت الذي يعيشه المجلس بين التيارات الداخلية تطبعه عدة صعوبات ، كشفت عنها عملية إنتخاب لجان المجلس ، حيث تمخضت عنها خلافات داخلية عميقة وتهافت نحو الظفر بمناصب المسؤولية والتفويضات للتحكم في زمام قطاعات جماعة القنيطرة ، فقط لتحقيق مصالح خاصة لبعض المنتخبين ، الشيء الذي خلق ضعف الأغلبية أمام قوة المعارضة وتضارب المصالح ، وبالتالي فإن المجلس البلدي وجد نفسه وجها لوجه أمام التحديات المستقبلية ، والوفاء بالوعود التي قدمها للمصوتين عليه خلال الحملة الإنتخابية الأخيرة ، لإصلاح الإختلالات التي خلفها المجلس الجماعي السابق المنتهية ولايته ، أملا للرقي بمستوى مدينة القنيطرة ومواكبة ركب التطور .