بعث الدعم الذي جددت دول مجلس التعاون الخليجي التعبير عنه لسيادة المغرب ووحدته الترابية برسائل مفادها وجود إجماع من دول المجلس لدعم الموقف المغربي في قضية صحرائه واستعدادها لتوسيع دائرة الشراكة مع الرباط وهو ما جعل العاهل المغربي الملك محمد السادس يثمن هذا الدعم القوي والصريح لقادة دول الخليج.
ثمّن العاهل المغربي الملك محمد السادس الدعم الصريح والقوي الذي عبّر عنه قادة دول الخليج لمغربية الصحراء، والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، خلال اجتماع المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الثانية والأربعين بالرياض.
وقال في برقيات مماثلة موجهة إلى قادة الخليج إن ذلك خلّف أبلغ الأثر، معربا عن عميق الشكر والتقدير للمواقف التي وصفها بالشهمة.
وشدد الملك محمد السادس على “إيمانه الراسخ بوحدة المصير المشترك”، وشدد على أن “موقف دول الخليج يزيد من حرص المغرب القوي والتزامه الدائم والمطلق بالدفاع عن أمنها واستقرارها وكذا بتعزيز شراكتهما الاستراتيجية والنموذجية إقليميا أو دوليا”.
محمد لكريني: المغرب يستفيد بشكل كبير من علاقته مع الخليج
وبعث العاهل المغربي رسائل شكر وتقدير لموقف كل من نظيره السعودي الملك سلمان بن عبدالعزبز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير الكويت نواف الأحمد الجابر الصباح، وسلطان عمان هيثم بن طارق بن تيمور.
وكان المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الـ42 بالرياض قد جدد التأكيد على مواقفه وقراراتها الثابتة في دعم سيادة المغرب ووحدة أراضيه، إذ أشاد البيان الختامي للقمة الخليجية بقرار مجلس الأمن رقم 2602 الصادر بتاريخ التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي المتعلق بقضية الصحراء المغربية.
ويرى محمد لكريني أستاذ القانون والعلاقات الدولية أن الدعم الذي قدمه مجلس التعاون الخليجي للمغرب بخصوص وحدته الترابية لم يأت من فراغ بل من خلال عمل مشترك دام لفترات طويلة، فضلا عن روابط التضامن والأخوة والتحديات المشتركة بين الطرفين التي دفعت التكتل العربي نحو دعم القضايا الاستراتيجية للمغرب.
وأشار لكريني في تصريح لـه إلى أن “المغرب يستفيد بشكل كبير من علاقته مع دول الخليج، بحيث يستحوذ على حصة مهمة من الاستثمارات التي تقوم بها دول مجلس التعاون الخليجي في الدول المغاربية وبخاصة في المغرب”.
ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن الموقف الخليجي يأتي في سياق مختلف بالمنطقة خصوصا مع تصاعد حدة العداء الجزائري للمغرب، وهي إشارة خليجية إيجابية تؤكد حرصها على استقرار هذه المنطقة ضمن أمن ووحدة المملكة المغربية، خصوصا وأن البيان الختامي للقمة أشار الى قرار مجلس الأمن 2602 الذي ركز على العملية السياسية والعودة الى الموائد المستديرة بوجود الجزائر كطرف معني بالملف.
وتؤكد المواقف المتتالية لمجلس التعاون الخليجي حول مغربية الصحراء الروابط القوية التي تجمع المملكة مع دول المجلس، إذ ما فتئت تعبر عن انخراطها في دعم الرباط في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.
وتمتد الشراكة الاستراتيجية بين المغرب ودول مجلس التعاون من العام 2012 إلى العام 2024، ويأتي البيان كمنعش لهذه العلاقات والرفع من وتيرتها في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية.
وتقدم دول الخليج على غرار الإمارات التي فتحت قنصلية لها في مدن الجنوب المغربي دعما كبيرا للرباط وهو ما يجعل من الأخيرة تنتظر المزيد من الدعم بما يعزز وحدتها الترابية.
وفي أكتوبر الماضي أعلنت كل من السعودية وقطر، خلال جلسة المناقشة العامة للجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والخاصة بالصحراء المغربية، عن دعمهما الكامل واللامشروط لمقترح الحكم الذاتي.
ويرى لكريني أن تعزيز العلاقات المغربية – الخليجية وتمتينها رهين باحترام المبادئ الأساسية التي تقوم عليها السياسة الخارجية للبلدين، مثل احترام مبدأ الوحدة الترابية، مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، استقلالية القرار الخارجي واستحضار العلاقات التاريخية والمصالح القائمة الاستراتيجية بينهما.
وتعبيرا عن موقفها على أرض الواقع دشنت كل من دولة الإمارات ومملكة البحرين في العام 2020 قنصلياتهما في مدينة العيون المغربية، في خطوة دبلوماسية بدلالات سياسية وقانونية أشادت بها الرباط، معتبرة أنها تأكيد على حق المغرب في سيادته على الصحراء ودعم من الإمارات، مشددا على أن العلاقات بين البلدين قوية وتاريخية.
ونظرا للتحديات السياسية والأمنية المشتركة التي تفرض ذلك التضامن مع سيادة المغرب، إلى جانب التزام الرباط بدعم احتفاظ دول الخليج بتنظيمها السياسي موحدا وقائما حتى في الأزمة التي مرت منها دول الخليج منذ العام 2017، عبّر المغرب عن موقفه الثابت في ضرورة احتفاظ دول الخليج بتنظيمها الموحد ودعمه لأمن واستقرار دول الخليج ورفضها لأيّ تهديد يطالها.
وأكد لكريني أن “العلاقات المغربية – الخليجية امتدت لفترات تاريخية في التعاون الأمني والاستخباراتي والتقني قصد تعزيز العلاقات الثنائية في المجال العسكري من خلال القيام بالتدريبات والمناورات المشتركة، رغم أن تلك العلاقات اتسمت في بعض الأحيان بوجود أزمات ثنائية بين الفينة والأخرى بسبب قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية”.
المواقف المتتالية لمجلس التعاون الخليجي حول مغربية الصحراء تؤكد الروابط القوية التي تجمع المملكة مع دول المجلس
وبحسب متابعين للشأن العربي تعتبر مضامين هذا الدعم الخليجي وسياقه تجسيدا للرؤية التي عبّر عنها الملك محمد السادس في الخطاب الملكي أمام القمة المغربية – الخليجية المنعقدة بالرياض في العام 2016، عندما أكد أن “الشراكة الاستراتيجية المغربية – الخليجية، هي نتاج مسار مثمر من التعاون”، ومشيدا بـ”التعاون الأمني والاستخباراتي المتواصل”، في ظل “تشكيل تكتل استراتيجي موحد”.
وفي تلك القمة شدد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، على أن دول مجلس التعاون، السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعمان وقطر، تؤكد رفضها التام “لأيّ مساس بالمصالح العليا للمغرب” في ما يتعلق بقضية الصحراء، مشددا على حرص الخليج على العلاقة الوطيدة مع المغرب على كافة الأصعدة.