مناورات بحرية مشتركة بين الرباط وواشنطن: رسائل سياسية بأبعاد عسكرية

ماموني

طرح تنفيذ مناورات بحرية مشتركة بين المغرب والولايات المتحدة بمضيق جبل طارق، تساؤلات بخصوص ما إذا كانت رسالة سياسية تحمل في طياتها أبعادا عسكرية لأطراف تهدد الأمن بالمنطقة.

ونفذت حاملة الطائرات “هاري أس. ترومان” مناورات مع فرقاطة “سيغما” التابعة للبحرية الملكية المغربية “علال بن عبدالله” “أف – 615″، من خلال عبور مضيق جبل طارق والدخول إلى مياه البحر المتوسط، وفق عملية انتشار مبرمجة ومنتظمة في منطقة عمليات الأسطول السادس لأميركا الشمالية.

ويأتي ذلك لتعزيز شروط الأمن والاستقرار البحري في المنطقة، وردع أو مواجهة أولئك الذين يهددون الأمن.

وأكّد الأدميرال (رتبة في البحرية الأميركية) كورت رينشو، قائد مجموعة كاريير سترايك، أن “هذه التجربة جيدة لفريقنا للإبحار إلى جانب البحرية الملكية المغربية، حيث أثبتت المجموعة اليوم مدى تنوعها مرة أخرى لتعزيز وتطوير العمليات المشتركة مع شركاء متماثلين في التفكير، إن على مستوى التدريبات أوالعمليات الميدانية”.

وأضاف “نتقاسم مع شركائنا المغاربة، بكل تأكيد، هدف تعزيز شروط الأمن والاستقرار البحري في المنطقة وردع أو مواجهة أولئك الذين يهددون الأمن في أي مكان في العالم”، مشيرا إلى أنه “أثناء تواجده في منطقة عمليات الأسطول السادس، ستعمل حاملة الطائرات ‘هاري أس. ترومان’ جنبا إلى جنب مع القوات البحرية المتحالفة، مع التركيز على جهود التعاون الأمني لتعزيز الاستقرار الإقليمي”.

واعتبر هشام معتضد، الخبير في العلاقات الدولية، أن “التقارب الأميركي – المغربي، سواء من خلال المناورات المشتركة بجبل طارق أو التعاون العسكري بشكل عام، يزعج أعداء المغرب ويربك حسابات العديد من المنافسين العسكريين له في المنطقة، ويبعث برسائل مهمة حول التموقع الاستراتيجي للجيش المغربي في المنقطة”.

هشام معتضد: التقارب الأميركي – المغربي يربك حسابات المنافسين العسكريين

وأضاف لـ”العرب” أن “موقع المغرب الإقليمي وقوته العسكرية الاستراتيجية في المنطقة عززا التوجه الأميركي في اختيار القوات المسلحة الملكية البرية والبحرية، كمحور استراتيجي وحساس في البرمجة الخارجية لقوات المارينز، وذلك بهدف إتاحة الفرصة لخوض تجارب جديدة مشتركة”.

وتأتي هذه المناورة في إطار تعزيز الشراكة بين القوات المسلحة في البلدين، عقب توقيع اتفاق عسكري تاريخي في الثاني من أكتوبر الماضي يمتد من 2020 إلى 2030، لتقوية التعاون العسكري والأمني ودعم تعزيز الصناعة العسكرية الوطنية.

وأكد النقيب جافين داف، قائد “هاري أس. ترومان” أن “بحارتنا مستعدون دائما لتوفير قدرات مهمة مرنة، بدءا من دعم عمليات الأمن البحري وقدرات الاستجابة للأزمات، وانتهاء بتعميق التعاون الأمني في مسرح العمليات وتوفير تواجد بحري متقدم في مناطق عمليات الأسطول، نحن على استعداد للاندماج بشكل مثالي، سواء مع السفن الأخرى، في السماء أو على الجانب الآخر من البحار”.

وفي مارس الماضي قامت البحرية الأميركية والمغربية بمناورات عسكرية مشتركة في البحر، دون تحديد مكانها.

وتطور التعاون العسكري الثنائي بين الرباط وواشنطن بشكل مطرد في الأشهر الأخيرة، وسبق أن قاد رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال جيمس سي ماكونفيل مجموعة رفيعة المستوى إلى المغرب في زيارة عمل رسمية.

وأعرب عبداللطيف لودي، الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، وماكونفيل عن رضاهما عن التعاون العسكري الثنائي بين البلدين، بما في ذلك التدريبات المشتركة وتبادل الخبرات.

واعتبر هشام معتضد أن “الاعتماد على الجيش المغربي كفاعل استراتيجي في أجندة التعاون العسكري للولايات المتحدة يندرج في إطار سعي إدارة الدفاع الأميركية إلى مواكبة التوجه السيادي للمؤسسات السياسية في واشنطن على تقوية الروابط الاستراتيجية بين البلدين، وذلك من أجل إعطاء بعد سياسي جديد لنوعية العلاقات التي تريدها واشنطن في المنطقة”.

ويبني المغرب شراكة مثمرة مع الولايات المتحدة التي تأخذ بعين الاعتبار التوازنات الإقليمية التي تعمل من أجل الحفاظ عليها، خاصة بالنظر إلى الموقع الجغرافي للمملكة كبوابة للصحراء، والتي يمكن أن تلعب دورا رائدا في الاستراتيجية الأمنية والاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة في أفريقيا.

ووقّع الطرفان في الثاني من أكتوبر الماضي اتفاقية لتعزيز التعاون العسكري لمدة عشر سنوات، على هامش زيارة رسمية للرباط أجراها وزير الدفاع الأميركي السابق مارك إسبر، الذي أكد أن الاتفاقية ستفتح أبواب التعاون الثلاثي بين المغرب وأميركا والدول الأفريقية.

وفي 2007 انطلقت مناورات “الأسد الأفريقي” بين المغرب والولايات المتحدة، بمشاركة عدة دول أفريقية، لتطوير المهارات الميدانية والقتالية للقوات المشاركة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: