تمويلات خارجية لجمعيات بلجيكية تعمل لأجندات خارجية

يوسف الفرج

قفزت ظاهرة الجمعيات التي تحوم حولها “شبهات” بشأن دعم الجماعات الارهابية من جديد إلى صدارة الاهتمامات من اتجاهات الرأي العام ببلجيكا فيما تؤكد السلطات أنها توصلت إلى الكشف عن العشرات من الجمعيات المشبوهة بدعم الجهاديين وتتلقى تمويلا من عدد من الجهات في بلدان الخليج بدرجة أولى .

ويثير نسق ارتفاع عدد الجمعيات الدينية في بلجيكا خلال السنوات الأربع الماضية إلى 560 جمعية أكثر من نقطة استفهام بشأن طبيعة نشاطها ومصادر تمويلها وعلاقاتها بجهات خليجية ومدى ارتباطاتها بالجماعات الجهادية خاصة وأن غالبيتها في الجهة الفلامانية تنشط تحت غطاء “جمعيات خيرية” زرعتها جماعات سلفية متشددة وتشرف على إدارتها في إطار نوع من “السرية المريبة”.

واستغلت الجماعات السلفية المتشددة “فوضى الشأن الديني” وما رافقتها من هشاشة سياسية واجتماعية وأمنية لتزرع المئات من الجمعيات تحت مسميات متعددة وفي مقدمتها “العمل الخيري” و ” الموتى و الحج ” إذ تؤكد أحدث الإحصائيات الرسمية أن 50 بالمائة منها، أي حوالي 300 جمعية من بين 560 جمعية، نشأت تحت غطاء ديني للمساجد..

وخلال الأيام الماضية توصلت أخبارنا الجالية  إلى الكشف عن وجود “جمعيات مشبوهة تعمل على تحقيق أجندات خارجية داخل التراب البلجيكي.

وكشفت  التقارير أن أغلب الجمعيات التي تتعلق بها شبهات تمويلات غير شرعية تنشط أساسا في “المجال الدعوي الديني” أو أّنها تعمل في “المجال الاجتماعي الخيري”.

وتقر السلطات بأن الارتفاع “المريب” لعدد الجمعيات يرجع إلى طبيعة القانون الذي حرر إحداث الجمعيات و تسهيل مساطر التأسيس.

ويرجع أخصائيون اجتماعيون ارتفاع عدد الجمعيات التي تحوم حولها شبهات خدمة أجندات خارجية إلى عدة عوامل منها “التسامح المثير للشكوك” الذي أبدته الحكومات البلجيكية المتعاقبة تجاه “الهجومات الارهابية الأخيرة ” الأمر الذي ساعدها على زرع العشرات من الجمعيات.

كما يؤكد الصحفي بوشعيب البازي أن تلك الجماعات استفادت كثيرا من فراغ المجتمع من “جمعيات مدنية” قادرة على التفاعل الإيجابي مع مشاغل الفئات الهشة وعلى تحصينها ضد “تسلل” المتشددين إليها من خلال إنشاء جمعيات ظاهرها “العمل الخيري” وباطنها تجنيد الشباب والفتيات في خلايا جهادية.

وعلى الرغم من توصل تقارير إلى وجود شبهات حول مصادر تمويل عدد من الجمعيات الدينية فإن السلطات البلجيكية تواجه صعوبات قانونية في ما تعليق بمراقبة تلك الجمعيات وتعليق نشاطها نظرا إلى أن القوانين تنص على أنه “لا يمكن تجميد الحسابات البنكية للجمعيات إلا عبر قرار قضائي”.

و تبحث بلجيكا على آليات وقف تمويل الجماعات الإسلامية المتطرّفة، إلى مناسبة لتشريح دور السعودية و قطر في تمويل التشدّد والإرهاب ونشره في بلجيكا، كون هذه البلدان الثرية بموارد الغاز الطبيعي، تضع مقدّرات ضخمة في دعم جماعة الإخوان المسلمين التي تشكّل أضخم شبكة عالمية للمتشدّدين ذات امتدادات وتفرّعات عابرة لحدود البلدان.

وجاءت التحركات البلجيكية، صدى للإدراك المُتزايد في الدول الأوروبية لحجم التحدّيات الأمنية الكبيرة التي تواجهها تلك الدول وأهمية بذل المزيد من الإجراءات لمكافحة الإرهاب، وذلك بالتوازي مع اعتماد آليات لوقف الدعم المالي للجمعيات الدينية، خصوصا وأنّ مصادر الدعم المالي للجماعة أصبحت مكشوفة.

وبتسليط هيئات ومؤسسات أوروبية الضوء على الدور السعودي و القطري في دعم التشدّد والإرهاب، يكتسب هذا الموضوع الشائك والحسّاس بعدا دوليا يضاف إلى بعده الإقليمي، حيث سبق لمجموعة من الدول العربية أن اضطرت لمقاطعة قطر بعد أن استنفدت كل طرق الحوار لإقناع قيادتها بالعدول عن دعم المتشدّدين وإثنائها عن السياسات المهدّدة لأمن المنطقة واستقرارها.

جمعية قطر الخيرية ذراع أساسية لتمويل الجماعات الإسلامية المتشددة في أوروبا وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين

وكشفت تقارير بالبرلمان الاوروبي أن “جمعية قطر الخيرية” للجماعات الإسلامية وخاصة الإخوان المسلمين في بلجيكا. و أكدت أن  “قطر ومن خلال الجمعية المذكورة قدّمت خلال 10سنوات أكثر من 140 مليون يورو لجمعيات ومساجد ومؤسسات تابعة لجماعة الإخوان”، بالاضافة إلى أنّ الرياض و الدوحة “تدعمان عددا كبيرا من النشاطات والمؤسسات التابعة للجماعة”.

واعتبر الصحفي بوشعيب البازي  أن الجماعات الإسلامية تحاول السيطرة على المجتمعات لتطبيق أيديولوجياتها، وأن تلك الجماعات تشكّل خطرا كبيرا على المجتمعات الأوروبية.

وقال “المشاكل وحالة الفوضى في البلدان العربية أدت إلى تمدّد الجماعات المتشددة  بشكل كبير”.

ودعا إلى مراجعة الأفكار المعادية لأوروبا والغرب، ومراجعة الدعم الخارجي الموجه للجماعات الإسلامية وليس للمسلمين”.

وأكد البازي أن حجم تمويل الجماعات الإسلامية في أوروبا كبير وأن المسلمين هم أكبر ضحايا تلك الجماعات. وقال “المشكلة في أوروبا عدم وجود قوانين تمنع التمويل الخارجي للجماعات الإسلامية”.

و إعتبر كذلك أنّه لا يجب بأي شكل من الأشكال استعمال الدين ذريعة لدعم الجماعات الارهابية التي تخدم أجندات خارجية، داعيا إلى وقف كافة أنواع دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة.

وشدّد بوشعيب البازي على أهمية تجفيف منابع الإرهاب الدولي ومراقبة عملياته المالية، والتي تشهد توسعا نتيجة للفساد والجشع لدى بعض الأفراد من منظور مصالحهم الضيّقة.

وقال “نسعى للقضاء على الفساد ووقف دعم الإرهاب والعنف الدولي، لنتمكّن جميعا من جعل عالمنا أكثر أمانا ونحافظ على ثقافات وحضارات الشعوب كافة”، موضّحا “أنّ هناك فسادا كبيرا في ملف تمويل الجماعات الإسلامية المتطرفة ونحن نعلم الجهات الخارجية الداعمة بالأرقام والحسابات”.

وأضاف “يجب توقيف كافة المتورطين في دعم الجماعات الإسلامية ومن بينها جمعيات تعمل تحت غطاء الحج و دفن الموتى و الاعمال الخيرية وحجز حساباتها البنكية”. وحذّر “الجهات الخارجية الداعمة للجماعات الإسلامية في أوروبا وخاصة هذه الجمعيات الدينية، من جرّها إلى القضاء”.

واعتبر البازي أنّ من الجيد أن تستطيع جهة ما مناقشة تمويل الجماعات الإسلامية ببلجيكا دون خوف، مضيفا  أن هناك تورط واضح لبعض البرلمانيين من الجهة الفلامانية مع بعض الجمعيات المشبوهة في جلب تمويلات خارجية من السعودية و قطر عبر عمليات الحج و كذا عبر جمعيات أسست ببلجيكا بإسم جامعات دولية تعمل على تكوين الأئمة و تنشط في الشهادات المزورة.

وشرح أنّ هناك نوعين من التمويل للجماعات الإسلامية المتطرفة، تمويل يمكن إصدار قوانين لإيقافه وتمويل صعب التحكم به أو منعه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: