تمديد ولاية إدريس لشكر على رأس الاتحاد الاشتراكي المغربي قد يؤزم الوضع داخل الحزب

ماموني

يستعد حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض في المغرب لعقد مؤتمره العام ما جعل النقاش يطغى بشأن تمديد ولاية الأمين العام إدريس لشكر وهي خطوة قد تزيد من تأزيم الوضع داخل الحزب حيث ستقطع الطريق أمام المصالحة بين أعضائه.

وقالت مصادر من داخل الحزب إن هناك اعتراضا من قبل الحبيب المالكي رئيس المجلس الوطني (برلمان الحزب) على عزم لشكر تمديد رئاسته للاتحاد الاشتراكي، وهو ما دفع هذا الأخير إلى إقصاء عدد من الموالين للمالكي داخل المجلس.

وأكدت مصادر مطلعة أن لشكر لم يتقبل دعم المالكي لوجوه تعتبر معارضة لتوجهات القيادة وعلى رأسهم القيادية حسناء أبوزيد، وأيضا مطالبته بتجديد دماء الحزب وتقويته بوجوه شابة قد تحقق أمل المصالحة والوحدة.

حسناء أبوزيد: الفترة المقبلة تحتاج إلى الكثير من العطاء داخل الحزب

ولرأب الصدع وتحقيق المصالحة الداخلية شددت المصادر ذاتها على أن حظوظ القيادية أبوزيد لرئاسة الحزب قوية إذا قررت الترشح، رغم أن هذا التوجه لا يستسيغه عدد من القيادات المساندة لبقاء إدريس لشكر على رأس الحزب لولاية أخرى.

وقالت أبوزيد إن “الفترة المقبلة تحتاج إلى الكثير من العطاء والمجهودات الجبارة داخل الحزب” دون أن تكشف ما إذا كانت تعتزم الترشح لرئاسة حزبها، كما لم تدل برأيها إزاء ما يقع داخله.

وكشف بنسالم حميش القيادي في الحزب في مداخلة له بندوة “المغرب إلى أين؟” التي نظمتها مؤسسة محمد عابد الجابري الجمعة أنه يعارض سعي لشكر للعودة إلى قيادة الحزب في ولاية ثالثة، موضحا “الآن أنا في صراع مع إدريس لشكر الذي يريد ولاية ثالثة على رأس الحزب، وقلت له إن القانون لا يسمح لك بذلك”.

وانتقد حميش وهو وزير الثقافة السابق أيضاً غياب روح الإبداع والابتكار داخل الأحزاب وفي مقدمتها حزبه، معتبرا أن القائد المقبل للاتحاد الاشتراكي يجب أن يعمل على أن يعيد إليه “الصحة والصدارة”، ووجوب تعهده بـ”التفرغ لشؤون الحزب وقضاياه الحيوية”، وأن يعمل على “تقوية المجلس الوطني بأعضاء معينين بالصفة”.

وفي المقابل يدعم أعضاء المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بقاء لشكر أمينا عاما لولاية ثالثة، رغم إعلانه الصريح في مناسبات سابقة عدم البقاء على رأس الحزب احتراما للمقتضيات القانونية الداخلية.

وأكد رشيد لزرق أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية أن لشكر وضع النظام الأساسي للحزب على مقاسه عبر إدخال تعديلات تتضمن إمكانية منح الأمين العام ولاية ثالثة على رأس الحزب غير قابلة للتجديد.

لشكر لم يتقبل دعم المالكي لوجوه تعتبر معارضة لتوجهات القيادة وعلى رأسهم القيادية حسناء أبوزيد

وفي الباب المتعلق بالأمين العام يقول النظام الأساسي إنه “ينتخب لولاية تمتد بين المؤتمرين الوطنيين، ولا يمكن أن ينتخب إلا لولايتين متتاليتين، مع إمكانية الترشح من جديد بعد انقضاء الولاية الموالية لفراغه من الأمانة العامة، على ألا يتعدى عدد الولايات المسموح بها ثلاثا في المجموع”.

وفسر لزرق هذه المادة بأن “هذا ما يعطي إمكانية الولاية الثالثة للشكر، وهو ضرب للطريقة التي اتبعتها قيادة الحزب السابقة بخرق القواعد التي دأب عليها الاتحاد الاشتراكي منذ نشأته بانتخاب الأمين العام لولايتين فقط دون تمديد”.

وكان لشكر أمضى ولايتين على رأس الحزب من 2012 إلى 2017 ومن 2017 إلى 2021، ويرغب في ولاية ثالثة. وسيحسم المؤتمر الحادي عشر للاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية في هذه النقطة والذي سينعقد في الفترة الممتدة بين الثامن والعشرين والثلاثين من يناير 2022.

وفي إطار السباق نحو قيادة الحزب قرر عبدالكريم بنعتيق القيادي والوزير السابق الترشح لخلافة لشكر على رأس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومن المرتقب أن تنطلق حملة بنعتيق في الرابع عشر من ديسمبر الجاري.

رشيد لزرق: لشكر أدخل تعديلات جعلت النظام السياسي مفصلا على مقاسه

واعتبر متابعون للشأن الحزبي أنه إذا قرر لشكر تمديد رئاسته للحزب فإنه سيفوز بها حتما باعتبار أنه يمسك بهياكل الحزب بقبضة من حديد، وترشح عبدالكريم بنعتيق سيكون بمثابة أرنب السباق لإعطاء صورة عن ديمقراطية الحزب الداخلية.

وعبر تيار “ولاد شعب” المعارض داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن استيائه لما اعتبره تراجعا للديمقراطية الداخلية للحزب من خلال إسقاط النظام الأساسي، متهما لشكر باستغلال أعضاء مكتبه السياسي وبعض أعضاء الحزب لخدمة أغراض شخصية.

ولفت لزرق إلى أن الأمين العام للحزب لا يقر بوجود بديل غيره ينافسه على رأس الاتحاد الاشتراكي، ما جعله يعيش في تناقض سياسي فاضح، حيث أكد سابقا أنه لن يترشح للمنصب مرة أخرى، وحاليا يدفع مناصريه إلى دعمه حتى لا يفقد المنصب كونه استطاع الحصول على امتيازات كثيرة وقام بطرد المخالفين له.

وكمناورة تنظيمية قد تخدم أهدافه، حسب معارضيه، اقترح إدريس لشكر اقتصار المؤتمر على 1000 مؤتمِر حضوريا 50 في المئة منهم من منتخبي الحزب بعدما تم التطرق باللجنة التحضيرية للمؤتمر إلى إمكانية عقد المؤتمر كله عن بعد، وهي النقطة التي لا يزال الاختلاف قائما حولها.

وقالت حنان رحاب عضو المكتب السياسي “إذا لم أجد بروفايلات مقنعة لي من المرشحين لقيادة المرحلة المقبلة، فقد أدافع عن طرح تعديل القانون الأساسي للسماح بولاية ثالثة للأخ الأمين العام”.

واعتبرت أن ”الأشخاص غير مقدسين، والنصوص بدورها ليست وحيا، ولذلك ما يهمني حاليا هو الترتيبات التنظيمية لعقد المؤتمر في ظروف عادية وإنتاج وثائق تجيب على تحديات المرحلة المقبلة، أما من سيكون على رأس الحزب، فلن تتضح الصورة حتى تكتمل الترشيحات، وحينها سيتم الاختيار بديمقراطية ما فيه مصلحة الحزب”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: