المغرب يحفز الأعمال برد ضريبة القيمة المضافة إلى الشركات

اردان ماجدة

قدمت الحكومة المغربية دعما كبيرا لفائدة أصحاب الأعمال لمساعدتهم على مواجهة التداعيات الاقتصادية التي خلفتها الأزمة الصحية على نشاطهم من خلال إرجاع جزء من ضريبة القيمة المضافة إلى الشركات حتى تستعيد عافيتها في سياق خطة لزيادة مساهمتها في نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

ستتمكن الشركات المغربية بداية من هذا الشهر من استرداد ضرائب كانت قد دفعتها للدولة تحت بند القيمة المضافة، في خطوة يرى خبراء أنها ستنعش قطاع الأعمال في الفترة المقبلة بعد تعرضه لنكسات بسبب قيود الإغلاق الاقتصادي.

وتسعى السلطات لتجاوز مخلفات الوباء، التي أحدث صدمة في قطاع الأعمال بفعل تأثيرها على مناخ الاستثمار والأنشطة الصناعية والتجارية بعد ركود حركة المواطنين والعمال في ظل أزمة لم يعرف الاقتصاد العالمي مثيلا لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2009.

وكشفت الحكومة أنها ستضخ 13 مليار درهم (3.54 مليار دولار) لأداء مستحقات متأخرة للضريبة على القيمة المضافة ابتداء من ديسمبر الجاري، وذلك لتمكين الشركات من توفير سيولة مهمة في خزينتها، من أجل الصمود في وجه الأزمة.

وقال رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة في البرلمان حول “مخطط عمل الحكومة لتعزيز بناء الدولة الاجتماعية” مساء الاثنين الماضي إن “الحكومة تلتزم انطلاقا من السنة الجارية بتصفية دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم لفائدة شركات القطاع الخاص”.

عزيز أخنوش: الخطة ستوفر سيولة للشركات حتى تصمد في وجه الأزمة

وأوضح أخنوش في حديثه الذي نقلته وكالة الأنباء المغربية الرسمية أن إتمام العملية لن يتجاوز نهاية الربع الأول من 2022، وأنها ستشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة لكي “تنخرط في ديناميكية خلق القيمة المضافة مرة أخرى وتوفير المزيد من فرص العمل”.

وأكد أن الحكومة تعتزم اتخاذ كافة التدابير اللازمة لإنعاش وتشجيع الاستثمارات في القطاعين العام والخاص وتسخير كافة الإمكانيات والتحفيزات الضريبية وغير الضريبية لذلك.

وكانت إدارة الضرائب قد اتفقت الأحد الماضي مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهو أكبر تجمع لرجال الأعمال المغاربة، على تسريع استرداد ما قيمته مليار درهم (270 مليون دولار) من الضريبة على القيمة المضافة لفائدة الشركات قبل نهاية هذا العام.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن المدير العام بالنيابة للضرائب خالد زعزوع قوله خلال اجتماع مع شكيب لعلج رئيس الاتحاد إن “إدارة الضرائب ملتزمة بتسريع هذا الملف”.

وينص القانون على استرداد فرق الضريبة على القيمة المضافة في غضون ثلاثة أشهر من تقديم تصريح الشركات، لكن لم يتم تطبيقه منذ سنوات، وهو ما رفع من رصيد القطاع الخاص المستحق على الدولة إلى المبلغ الذي أعلن عنه أخنوش.

وفشلت الحكومة السابقة في حل ملف استرداد الضريبة على القيمة المضافة على الرغم من أنها أبرمت اتفاقا في 2018 مع البنوك يقضي بضخ تلك الأموال نيابة عن الدولة، وذلك مقابل نسبة فائدة 3.5 في المئة.

وقال لعلج في الاجتماع إن “النموذج التنموي الجديد يتمحور حول ضمان حيادية الضريبة على القيمة المضافة كما أن قانون الإصلاح الضريبي اعتبرها ذا أولوية”.

وأوضح أن تعميم الحق في استرداد الضريبة على القيمة المضافة هو الحل لتنفيذ هذه المقتضيات من أجل إنعاش قطاع الأعمال بالبلاد بوتيرة تضمن تحفيز نشاط الاقتصاد.

ويدرك المسؤولون المغاربة أن الاستثمارات لها دور اقتصادي مهم في إرساء دعائم ركائز الدولة الاجتماعية، حيث اعتمدت الحكومة برنامجا متكاملا يشمل خمسة محاور رئيسية.

شكيب لعلج: تعميم الحق في استرداد الضريبة سينعش قطاع الأعمال

وتتمثل المحاور في إنعاش فوري للاقتصاد، ووضع خطة لدعم الشركات الناشئة في القطاعات الواعدة، وتفعيل الإصلاحات الهيكلية، وتنفيذ سياسات قطاعية طموحة في كامل مناطق البلاد، واعتماد سياسة فاعلة لتمكين المرأة في قطاع الأعمال.

ومن أجل تنفيذ هذه المحاور للتحول الهيكلي للاقتصاد المغربي، يقول أخنوش إن الحكومة ستعتمد إجراءات محددة، تهم وضع وتنفيذ سياسة استعجالية لإعادة من تم تسريحهم من العمل.

وإلى جانب ذلك العمل على الإنقاذ السريع للشركات التي تمر بوضعية صعبة من خلال تسهيل وصولها إلى التمويل وتحفيز المبادرات الخاصة عبر إزالة العراقيل التنظيمية والإدارية.

وقال أخنوش “علينا خلق رجة تنافسية من خلال مواكبة وتطوير الشركات التنافسية والمبتكرة، والدفاع عن علامة ‘صنع في المغرب’ من أجل دعم الإنتاج الوطني”.

وأضاف إنه “نظرا لدور الاستثمارات العمومية في تحفيز الطلب، فإن الحكومة شرعت في تنفيذ العديد من الاستراتيجيات القطاعية، لاسيما الجيل الجديد من الاستراتيجيات الطموحة التي أطلقها الملك محمد السادس”.

وشدد أخنوش على أن الحكومة ستعمل على تنفيذ إصلاح شامل للمؤسسات وشركات القطاع العام ومواكبة مسار الإصلاح الضريبي وتعزيزه بميثاق جديد ومحفز على الاستثمار.

ومنذ ظهور الوباء، لم تسعف حزم الدعم الحكومية التي شملت قروضا إضافة إلى تأجيل سداد المستحقات وتخفيف التكاليف، الشركات المغربية على مواصلة نشاطها.

وفي مارس العام الماضي قرر المغرب إنشاء صندوق خاص لمواكبة القطاعات الأكثر تأثرا بفعل الجائحة، كالسياحة، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة.

وجاءت الخطوة بعدما تأثرت الشركات العاملة بالبلاد بشكل كبير من تداعيات الأزمة الصحية، ما دفع العديد منها إلى تعليق أنشطتها أو إعلان إفلاسها بسبب تقلص نشاطها وتراكم الديون لدى البنوك.

وأظهرت دراسة صادرة عن مكتب الدراسات أنفوريسك نشرت في فبراير الماضي، أن عدد الشركات التي تم تسجيل إفلاسها في العام الماضي بلغ نحو 6612 شركة على الرغم من أنه أقل بواقع 21.6 في المئة عما تم تسجيله قبل عام.

ويتوقع البنك المركزي المغربي أن يحقق الاقتصاد نموا قويا بنهاية 2021، إذ أشار في آخر تقاريره إلى أنه سيبلغ نحو 6.2 في المئة بارتفاع قدره 0.9 نقاط مقارنة بتوقعاته في يونيو الماضي، بعد تسجيله ركودا غير مسبوق في 2020 بفعل تداعيات الوباء.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: