مدريد قلقة من خطاب الملك محمد السادس وتعتبر الأزمة بين المغرب والجزائر “خطيرة جدا”

مجدوبي

لم تفهم الدول الأوروبية وحتى المفوضية الأوروبية جيدا خطاب الملك محمد السادس بشأن اقتصار التعامل مع الدول التي تعترف بمغربية الصحراء، وتبقى إسبانيا الدولة التي تبدي قلقا لخوفها من أن تصبح رهينة النزاع المغربي-الجزائري خاصة وأنها تصف الأزمة بين البلدين بالخطيرة جدا وقد تخرج عن السيطرة.

وكان الملك محمد السادس قد ألقى خطابا السبت الماضي بمناسبة العيد الوطني “المسيرة الخضراء”، وجدد التأكيد على عدد من الجوانب المرتبطة بهذا الملف وعلى رأسها عدم التفاوض على مغربية الصحراء بل مناقشة مقترح الحكم الذاتي، ولكن الجديد في الخطاب كان هو الجملة التالية حرفيا “كما نقول لأصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، بأن المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية”.

وتساءلت عدد من العواصم الأوروبية حول مغزى هذه الجملة التي تراها أنها تحمل رسالة تحذيرية، هل يتعلق الأمر بقطع العلاقات التجارية مع الدول التي لا تعترف بالصحراء، علما أن كل دول الاتحاد الأوروبي لا تعترف بسيادة المغرب على المنطقة، ويشكل الاتحاد الأوروبي 65% من المبادلات التجارية للمغرب. وعليه، مقاطعة الاتحاد الأوروبي بسبب الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء من عدمه تبقى غير واردة.

والراجح وفق عدد من المصادر الأوروبية والمغربية أن المغرب لن يسمح لأي دولة بالاستثمار في الصحراء إذا لم تعترف مسبقا بسيادة المغرب على هذه المنطقة. وهذا في حد ذاته يطرح إشكالا، وذلك بسبب وجود عدد من الشركات الدولية التي لا تعترف دولها بسيادة المغرب على الصحراء ولكنها تنقب عن البترول والنفط في مياه الصحراء الغربية مثل شركات بريطانية وإسرائيلية.

وتناولت جريدة الباييس الأربعاء من الأسبوع الجاري هذا الموضوع الشائك، ونقلت عن مصادر دبلوماسية في مدريد “قلق دبلوماسية إسبانيا بسبب الرسالة التحذيرية التي وجهها الملك في خطابه إلى إسبانيا والاتحاد الأوروبي”. وتضيف بمطالبة الملك الدول الأوروبية أساسا توضيح مواقفها من وحدة المغرب الترابية.

وترى الباييس اعتمادا على خبراء أنه إذا كان الملك محمد السادس قد تحدث عن صفحة جديدة مع إسبانيا في خطابه يوم 20 أغسطس الماضي، فخطاب المسيرة الخضراء يحمل موقفا مغايرا نسبيا.

وتنقل الجريدة قلق دبلوماسية مدريد من تحولها إلى رهينة بين المغرب والجزائر لا سيما في ظل الأزمة المتفاقمة بين البلدين، وتصرح هذه المصادر “نتمنى عدم خروج الأزمة بين المغرب والجزائر من السيطرة ولكن الوضع خطير جدا بين البلدين”. وترى في المواجهة الدبلوماسية الحالية وسباق التسلح منذ سنوات عاملا يهدد العلاقة بين البلدين بالانفجار.

ومثل مدريد، أجرت باقي العواصم الأوروبية تقييما مماثلا لمستقبل الأزمة بين المغرب والجزائر، ولا تستبعد مواجهة، ويبقى الغريب هو عدم مبادرة أي دولة أو المفوضية الأوروبية بمساعي المصالحة لاحتواء الوضع.

وتحاول مدريد الحفاظ على توازن في علاقاتها بالرباط والجزائر، وتعترف الدبلوماسية الإسبانية بصعوبة تحقيق هذا التوازن لا سيما بعدما قررت الجزائر إنهاء العمل بأنبوب الغاز “المغرب العربي-أوروبا” الذي كان يمر عبر المغرب نحو إسبانيا منذ سنة 1996، وجرى تعويضه ابتداء من فاتح نوفمبر الجاري بأنبوب “ميد-غاز” الذي ينطلق من ساحل الجزائر الغربية نحو سواحل ألمرية الأندلسية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: