تخفيف قيود الإغلاق ينعش سوق العمل المغربي

حنان الفاتحي

بدأ المسؤولون الحكوميون وخبراء التوظيف في المغرب في تحسّس طريق انتعاش سوق العمل مع تخفيف قيود الإغلاق الاقتصادي بعد أن تأثر كغيره من القطاعات بانعكاسات الأزمة الصحية، والتي كانت أحد أبرز المشكلات المزعجة بالنسبة إلى السلطات في طريق تنفيذ الإصلاحات.

انخفض مؤشر البطالة في المغرب بنهاية سبتمبر الماضي للمرة الأولى منذ تفشي جائحة كورونا بالبلاد، وذلك بفضل إجراءات تخفيف قيود الإغلاق الاقتصادي التي خلّفتها الأزمة الصحية العالمية.

وأظهرت مؤشرات حديثة للمندوبية السامية للتخطيط الحكومية أن معدل البطالة في البلاد تراجع قليلا إلى نحو 11.8 في المئة في ربع العام المنتهي في سبتمبر من 12.7 في المئة في الربع المقابل من العام الماضي مع بدء الاقتصاد في الانتعاش ببطء من أثر الوباء.

وارتفع معدل البطالة إلى 12.8 في المئة في النصف الأول من العام الجاري من نحو 12.5 في المئة قبل عام على الرغم من المحصول الجيد الذي امتص الطلب على الوظائف في المناطق الريفية.

وأوضحت المندوبية في بياناتها التي نشرتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية أن معدل البطالة جاء أعلى بين الشبان ليبلغ 31 في المئة وبين الخرّيجين مسجلا 18.7 في المئة وبين النساء عند 16.5 في المئة.

وذكرت المندوبية في مذكرة حول “وضعية سوق الشغل خلال الفصل الثالث من سنة 2021” أن هذا الانخفاض المسجل شمل الفئات المختلفة في الوسطين الحضري والريفي.

11.8 في المئة معدل البطالة في الربع الثالث من 2021 قياسا بنحو 12.7 في الربع السابق

ووفر الاقتصاد المغربي، المدعوم بتحسن الطلب المحلي وموسم جيد للمحاصيل، 642 ألف فرصة عمل إضافية خلال الربع الثالث من العام بالمقارنة مع الفترة المقابلة من العام الماضي.

وترتفع نسبة التعليم الجامعي في المدن المغربية عنها في الأرياف، التي يعتمد سكانها على الزراعة والصناعات التقليدية والحرف لتوفير فرص عمل لأبنائها.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يشكل نحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي غير الزراعي للمغرب.

وكانت الحكومة تهدف إلى خفض معدل البطالة إلى أقل من 8.5 في المئة بحلول العام المقبل، غير أن المتابعين يعتقدون أن التحدي يبدو صعبا في ظل المطبات التي تقف أمام تحقيق هذا الهدف.

ويقول محللون إن القطاع الخاص تحديدا لا يزال يجد صعوبة في وضع نشاطه على السكة ضمن مستويات ما قبل الجائحة في ظل الإجراءات الحكومية التي تقوم بها.

ولكنهم يرون في الوقت ذاته أن البنية التحتية التي تطورها الرباط، إضافة إلى استقطاب استثمارات جديدة وتدعيم الموجودة فعلا، ستقلل من فقدان فرص العمل في الفترة المقبلة وحتى تتضح أكثر مع نهاية العام الجاري.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى حميد العثماني، رئيس مجموعة أل.أم.أس، المتخصصة في مجال استشارات التوظيف قوله في وقت سابق هذا العام إن “الشركات بالقطاعات المتضررة تحتاج إلى بعض الوقت لاسترداد اليد العاملة التي فقدتها”.

وأشار إلى أن السوق سجلت ارتفاعا مشجعا في عروض التوظيف خلال الفترة الأخيرة سواء في القطاع الخاص أو في المؤسسات الحكومية وشركات القطاع العام.

Thumbnail

وأوضح العثماني أن بعض الأنشطة أظهرت مرونة قوية وواصلت تحقيق وتيرة نموها وإحداث فرص العمل، ويتعلق الأمر بقطاعات الخدمات بمختلف مكوناتها والاتصالات والبنوك والصحة واللوجستيات والتجارة الرقمية.

وبينما توظف الزراعة 33 في المئة من القوة العاملة النشطة في البلاد، الذي تعهدت حكومته الجديدة بقيادة عزيز أخنوش على تنفيذ حزمة إصلاحات وفق نموذج تنموي جديد، فإن قطاع الخدمات يستوعب قرابة 45 في المئة والصناعة نحو 11 في المئة والبناء 10.5 في المئة.

وفاقمت الجائحة والتغييرات المناخية، التي تضرب منطقة المغرب العربي منذ عدة سنوات التحديات الاجتماعية، حيث تسببتا معا العام الماضي في شطب الآلاف من الوظائف في ظل تراجع أداء الزراعة واستنزاف الوباء للمهن الحرة والتجارة وتراجع التسوق.

ولكبح هذا النزيف اتجهت السلطات على مدار أشهر إلى تحسين قطاع الأعمال عبر توفير دعم مالي لتحفيز المشاريع الاستثمارية قصد تحسين قيمتها المضافة في تنمية الاقتصاد ومضاعفة المداخيل الضريبية للشركات.

ويشكل البرنامج المندمج لدعم وتمويل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا أحد الحلول لمشكلة البطالة بالمغرب، وستمكن من النهوض بقطاع التشغيل الذاتي وبالمبادرات الشبابية في الأرياف والمدن.

ويقول البنك الدولي إن بناء سوق عمل حيوي وشامل في المغرب يمثل تحديا مستمرا، وحذر خبراء المؤسسة المالية مرارا من التباطؤ في توفير فرص العمل في ضوء النمو الديموغرافي ونقص الوظائف الجيدة في الصناعات الإنتاجية العالية والعديد من المستبعدين من سوق العمل، وخاصة النساء والشباب.

وتتوقع مندوبية التخطيط أن ينمو اقتصاد المغرب 5.8 في المئة في 2021 بافتراض معدلات متوسطة لهطول الأمطار بعد انكماشه 6.3 في المئة في العام الماضي متأثرا بالوباء، لكن تقديرات صندوق النقد الدولي لنمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد أقل، حيث تتوقع 5.7 في المئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: