بنكيران يخوض مهمة ترميم العدالة والتنمية

اردان ماجدة

أثارت عودة عبدالإله بنكيران إلى رئاسة العدالة والتنمية المغربي أسئلة عن مدى قدرته على ترميم بيت الحزب بعد خسارته في الانتخابات الأخيرة وتباين المواقف بين قياداته، والتي وصلت ذروتها حد التراشق الإعلامي.

وفي الثلاثين من أكتوبر الماضي انتخب المؤتمر الاستثنائي للحزب بنكيران رئيس الحكومة الأسبق في الفترة الممتدة بين عامي 2011 – 2017 أمينا عاما له لولاية تمتد لأربع سنوات، بعد حصوله على 1012 صوتا من جملة 1252 عضوا بالمؤتمر.

وقبل ذلك رفض المؤتمر الاستثنائي للحزب المصادقة على طلب الأمانة العامة المستقيلة بتأجيل عقد المؤتمر العادي عاما واحدا بعد أن صوت 901 من أعضاء المؤتمر ضد قرار التأجيل، بينما صوت 374 آخرون لصالحه خلال أشغال المؤتمر.

عبدالحفيظ اليونسي: عودة بنكيران للعدالة والتنمية أملتها الحاجة إلى إنقاذ الحزب

والسبت نظم العدالة والتنمية الحزب المعارض ذو المرجعية الإسلامية مؤتمره الاستثنائي بالعاصمة الرباط لانتخاب قيادة جديدة بعد استقالة أمانته العامة برئاسة سعدالدين العثماني. كما اختار المؤتمر الذي استمر يومين نائبين لبنكيران هما جامع المعتصم وعبدالعزيز عماري، وعبدالحق العربي مديرا عاما للحزب، فضلا عن 15 عضوا بأمانته العامة (الهيئة التنفيذية).

وفي الثامن من سبتمبر الماضي أُجريت انتخابات تشريعية في المغرب تصدر نتائجها حزب التجمع الوطني للأحرار بمئة ومقعدين من أصل 395 بمجلس النواب (غرفة البرلمان الأولى) وشكل ائتلافا حكوميا، في حين مني العدالة والتنمية بهزيمة قاسية بعد حصوله على 13 مقعدا فقط مقارنة بـ125 في انتخابات 2016 بعد أن قاد الحكومة منذ 2011 للمرة الأولى في تاريخ المملكة.

وبعد انتخابه أمينا عاما للعدالة والتنمية دعا بنكيران مباشرة إلى العمل الجماعي لتجاوز التراجع الحاد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، معتبرا أن “الأهم هو أن الحزب حافظ على وحدته”.

وقال “لست إقصائيا، صحيح أنا بشر وعندي حساسيات لكني سأشتغل مع الجميع، وسنتعاون من أجل حل المشاكل”، لكنه لم يخف إحباطه مما وصل إليه الحزب حين قال “لن أخفيكم أني لا أزال عاجزا عن استيعاب وضعية الحزب بعد الذي حصل في الانتخابات التشريعية”.

وبانتخابه يعود بنكيران إلى المشهد السياسي بعد 5 أعوام من إعفائه من رئاسة الحكومة لمرة ثانية بعد أزمة سياسية استمرت أشهرا.

وتعكس إعادة انتخابه حالة العجز التي وصل إليها الحزب الذي لم يعد قادرا على انتخاب زعيم من شأنه أن يعيد إليه التوازن والاعتبار السياسي خاصة أن بنكيران نفسه يحتاج، وفق رأي محللين، إلى إعادة ترميم صورته التي اهتزت خلال فترة توليه لرئاسة الحكومة. ويتساءل مراقبون للشأن المغربي إن كان بنكيران فعلا قادرا على تجاوز التحديات الكبرى التي ستواجهه في قيادة العدالة والتنمية الذي لم يعد شبيها بالحزب الذي قاده في ما مضى.

ويقول محسن مفيدي عضو المجلس الوطني (برلمان الحزب) إن “التحدي الأول المطروح أمام بنكيران هو تجميع الحزب بعد الهزات التنظيمية التي عرفها في المرحلة الأخيرة”.

وأضاف أن الحزب لم يعرف استقرارا تنظيميا وسياسيا طيلة الفترة الماضية لذلك المطلوب تقوية وحدته وتماسك أعضائه.

محسن مفيدي: تجميع الحزب هو التحدي الأول أمام بنكيران

وتابع أن “التحدي الثاني هو إطلاق مسلسل تقييم المسار ككل، لأن الحزب شارك في الانتخابات التشريعية منذ سنة 1997، وقضى 14 سنة في المعارضة و10 سنوات في رئاسة الحكومة”.

وأردف “24 سنة في مسار الحزب بحلّته الجديدة تحتاج إلى تقييم حقيقي وجريء وشجاع يسائل حتى الأسس التي انبنت عليها فكرة المشاركة السياسية”.

وأوضح أن “بنكيران مطالب بإبداع حلول جديدة لأن متغيرات عديدة وقعت على المستوى الإقليمي والدولي والفعل السياسي للدولة”.

ولفت البرلماني المغربي إلى أن التحدي الثالث أمام بنكيران هو الحفاظ على قوة الحزب وقوة حضوره النضالي، لأن الانكماش الذي حصل في حضوره التمثيلي لا يجب أن يتحول إلى انكماش في حضوره السياسي.

واعتبر عبدالحفيظ اليونسي أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة الحسن الأول أن “عودة بنكيران إلى قيادة الحزب أملتها الضرورة وفي سياق استثنائي بعد الهزيمة في الانتخابات، كما أملتها الحاجة إلى إنقاذ الحزب من فقدان حيويته وموقعه السياسي في العلاقة مع الدولة والمجتمع”.

وذكر أن “الدلالة السياسية لانتخابه هي الرغبة في إعطاء مضمون سياسي ذي بعد نضالي خصوصا في القضايا التي يترافع بخصوصها الحزب”.

وأردف الأكاديمي المغربي أنّ انتخاب بنكيران يدلّ تنظيميا على محاولة البحث عن الحفاظ على الأداة الحزبية، لكن ربما من خلال أطروحة جديدة بعناوين قادرة على تجميع أعضاء الحزب والحفاظ على دوره كمؤسسة وسطية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: