وجه تكتل البديل الديمقراطي المعارض، انتقادات حادة للسلطة في الجزائر على خلفية ما أسماه بـ”تدهور وضعية الحقوق والحريات السياسية والإعلامية في البلاد، وانهيار الجبهة الاجتماعية”، وذلك عشية إحياء الذكرى الـ67 لثورة التحرير التي أسست لمشروع حرية ونهضة لم يتحقق، بسبب ما وصفه التكتل بـ”انحرافات السلط المتعاقبة في البلاد”.
وفي بيان لها أصدرته الأحد انتقدت القوى السياسية المعارضة المنضوية تحت لواء ”البديل الديمقراطي” بشدة السلطة على خلفية المناخ السياسي القائم وتوسع دائرة القمع والتضييق على الحريات، وظهور بوادر انفجار اجتماعي في الأفق.
ويعتبر التكتل المذكور آخر معاقل المعارضة السياسية في الجزائر، بعد انخراط غالبية الطبقة السياسية في خارطة طريق السلطة منذ رئاسيات العام 2019، ولذلك جاء موقفه الجديد بمثابة اختراق لجدار الصمت الذي ضربته السلطة على البلاد، فبعد تطويعها لاحتجاجات الحراك الشعبي، استطاعت أن تبسط نفوذها على القوى السياسية والإعلامية والمجتمع المدني بشكل غير مسبوق.
ودقت قوى البديل الديمقراطي، ناقوس الخطر بشأن الوضع السياسي والاجتماعي وواقع الحريات في البلاد، بسبب ما أسمته بـ”القبضة الحديدية التي تضربها السلطة على مختلف الفاعلين، بما فيها الأحزاب ووسائل الإعلام والجمعيات غير المنخرطة في أجندتها”.
وجاء البيان عشية إحياء الذكرى الـ67 لاندلاع ثورة التحرير (1954- 1962)، وقبل أسابيع قليلة من موعد الانتخابات المحلية، وهما المحطتان اللتان جاءتا في ظروف استثنائية تعرفها البلاد داخليا وخارجيا، ففيما يعيش الشارع الجزائري على وقع أزمة مركبة، يشهد المحيط الإقليمي للبلاد توترا متصاعدا وأزمة دبلوماسية غير مسبوقة مع عواصم مهمة.
وذكر البيان، أنه “عشية الاحتفال بالذكرى 67 لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة، نجد أنفسنا اليوم في جزائر جديدة يميزها قمع الجزائريين وانتهاك الحريات الديمقراطية. وكل ذلك وسط انهيار اجتماعي ماثل للعيان”.
وأضاف “حرياتنا وحقوقنا اليوم في خطر! يوجد ما يقارب 300 سجين سياسي ومعتقل رأي، وتم حل أحزاب سياسية وجمعيات وفصل نقابيين”، في إشارة إلى جمعية “راج” التي حلت مؤخرا بقرار قضائي، وسجن منسق الحركة الديمقراطية الاجتماعية فتحي غراس، بسبب مواقفه ومساهمته في احتجاجات الحراك ونشاط المعارضة.
وانتقد البيان “الإفراط في اللجوء إلى الحبس الاحتياطي الذي أصبح أشبه بالاعتقال الإداري، فضلا عن النصوص القانونية المجرمة للعمل السياسي تحت غطاء مكافحة الإرهاب، على غرار المادة 87 مكرر من قانون العقوبات”.
ولفتت إلى أن “كل وسائل الإعلام ممنوعة اليوم من أي انتقاد للنظام، وتحتكرها سلطة الأمر الواقع وأبواقها الدعائية، كما يُمنع التظاهر وتنظيم أنشطة سياسية عامة للمعارضة منعا باتا، ولا يسمح بأي احتجاج اجتماعي”.
وتعكف الحكومة على مراجعة قانون العقوبات بشكل يحاصر ما تصفه بـ”الأعمال المعادية للوحدة الوطنية والمخلة بالاستقرار الوطني، والماسة بمؤسسات الدولة”، كما تستعد لإطلاق نص يصنف التنظيمات الإرهابية والإرهابيين، وهو ما اعتبر من طرف هؤلاء، توظيفا للورقة الأمنية في التعاطي مع المعارضة السياسية.
وكانت السلطة قد أدرجت تنظيمي حركة استقلال القبائل (ماك) ورشاد، كتنظيمين إرهابيين، وأصدرت عدة مذكرات توقيف دولية في حق قيادات وناشطين في صفوفها يتخذون من عواصم غربية قاعدة لممارسة نشاطهم المعارض لها، كما هو الشأن بالنسبة إلى مؤسس وزعيم حركة ماك، فرحات مهني، الذي قد تكون فرنسا امتنعت عن تسليمه للسلطات الجزائرية.
وأكد الموقعون على البيان، بأن “قوى البديل الديمقراطي، من أحزاب ومنظمات وشخصيات مستقلة، مصممة على التصدي لهذا الانحراف الشمولي، وتدعو إلى تجنيد كل الجزائريات والجزائريين، كما تعهدت بالتجند من أجل الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، ووقف القمع بكافة أشكاله واحترام وتكريس جميع الحريات الديمقراطية والنقابية”.