العدالة والتنمية يعيد تدوير زعامة بنكيران لاستعادة توازنه

Belbazi

أعاد حزب العدالة والتنمية انتخاب عبدالإله بنكيران أمينا عاما للحزب من جديد في خطوة تهدف بالأساس إلى إعادة الاعتبار له بعد الهزيمة المدوية التي مني بها في الانتخابات الأخيرة.

ويعكس تعويل الحزب على “زعامة بنكيران المستهلكة” حالة العجز التي وصل إليها؛ فهو لا يستطيع أن يختار زعيما جديدا يكون قادرا على إعادة التوازن والاعتبار للحزب، خاصة وأن بنكيران نفسه يحتاج إلى إعادة ترميم صورته التي اهتزت خلال فترة توليه رئاسة الحكومة والتي تم خلالها تمرير قرارات توصف محليا بـ”اللاشعبية”.

وينظر إلى بنكيران داخل الأوساط السياسية المغربية على أنه “ورقة محروقة”، لاسيما أنه سبق أن تمت إقالته من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس بعد أزمة سياسية استمرت أشهرا، لكنه يحظى بشعبية داخل الحزب خاصة في صفوف التيار المتشدد.

نجاح بنكيران في إعادة توحيد الحزب مرتبط بقرار “التيار المعتدل” الانسحاب من المشهد

وحصل بنكيران (67 عاما) على قرابة 82 في المئة من أصوات المؤتمرين (1221 صوتا من أصل 1252)، بحسب ما أعلنه الحزب ليل السبت على موقعه الرسمي، ليخلف غريمه رئيس الحكومة السابق سعدالدين العثماني على رأس الحزب الإسلامي.

وكان الأخير استقال من الأمانة العامة غداة انهيار الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية، حيث تراجع من المرتبة الأولى بـ125 مقعدا نيابيا إلى المرتبة الثامنة بـ13 مقعدا من أصل 395.

ويقلل مراقبون من قدرة بنكيران على إعادة توحيد الصف داخل الحزب، خاصة وأنه كان طرفا في الانقسامات التي ضربت الحزب بعد إقالته من رئاسة الحكومة في 2017. ويربط هؤلاء نجاحه بقرار “التيار المعتدل” الانسحاب بشكل تام من المشهد وتسليم كل الأمور إلى بنكيران.

لكن هشام الفقيه الباحث في القانون العام والعلوم السياسية يرى أن هذه العودة بعد خمس سنوات من الغياب عن المشهد السياسي فرضها الانحدار السياسي والمرحلة الصعبة سياسيا وتنظيميا التي يمر بها الحزب.

ويعتقد الفقيه في تصريح لـه أن “هذه العودة يمكن أن تكون عاملا أساسيا في إنقاذ الحزب ووقف خطر الانهيار الشامل وإعادة بناء الحزب تنظيميا وسياسيا، باعتبار أن جزءا كبيرا من مناضلي الحزب يرون أن بنكيران قادر على إعادة تجميع حزب العدالة والتنمية وهيئاته وتجاوز الأزمة الداخلية التي يعاني منها الحزب”.

وقالت مصادر من داخل حزب العدالة والتنمية  إن “الاختيار كان منصبا في البداية على عبدالعزيز العماري لتولي منصب الأمين العام للحزب بدل عبدالإله بنكيران، كونه قياديا غير صدامي يمكنه جمع أعضاء الحزب قيادة وقاعدة على كلمة واحدة والذهاب نحو المؤتمر العادي بشكل موحد، لكن الأغلبية كان لها رأي آخر”.

وكان مقترح تأجيل المؤتمر لمدة سنة واحدة قد حظي بدعم أعضاء الأمانة العامة والمجلس الوطني، لكن المؤتمرين رفضوا المقترح بـ901 صوت مقابل تأييد 374 صوتا.

ويرى مراقبون أن بنكيران لن يتخلى عن خطابه الشعبوي، خاصة وأن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية اختار عددا من القيادات القريبة منه وأثبتت فشلها في إدارة قطاعات حكومية وجهوية، مثل الحبيب الشوباني ونبيل الشيخي ومصطفى الخلفي ومحمد رضى بنخلدون كأعضاء في الأمانة العامة الجديدة.

Thumbnail

لكن مراقبين يقللون من أهمية الأمر ويشككون في قدرة بنكيران على التأثير في الشارع بسبب القرارات “اللاشعبية” التي تم تمريرها في عهده، حيث أن أي انتقاد للحكومة في ما يتعلق بأسعار المواد الاستهلاكية والوقود لن تكون له أية مصداقية.

ويعتقد هشام الفقيه أن بنكيران سيكون له تأثير محدود في المعارضة، باعتبار أن حزبه لا يملك كتلة نيابية في البرلمان من أجل قيادة معارضة حقيقية وأن اهتمام بنكيران سينصب على إعادة الاعتبار للحزب وإعادة تموقعه في المشهد السياسي.

وعبر بنكيران عن استعداده “لمساندة كل ما تقوم به الحكومة لصالح المواطنين ولن نعارضها، بل سنناصرها”، مبرزا أنه “بغض النظر عن كيفية تشكيل الحكومة، فإن الحزب قبل بنتائج الانتخابات ويجب أن يتجاوز الماضي”.

وأقر بنكيران بصعوبة الوضع الذي يعيشه حزبه؛ فقد قال في كلمة له الأحد بمدينة بوزنيقة، مخاطبا أعضاء المجلس الوطني، إن “الواقع تغير تماما، وإن وقوف عبدالإله اليوم ليس هو وقوفه البارحة، ومجيئه اليوم ليس كمجيئه البارحة”.

وفي محاولة لتخفيف التوتر أكد أن النتائج التي حصل عليها الحزب يتحملها جميع الأعضاء بمن فيهم هو شخصيا، وليس سعدالدين العثماني، الأمين العام السابق. وأضاف “أعلم أن بعض الأشخاص يتخيلون أننا سنعيد الماضي بسهولة، وأننا سننطلق من جديد. اسمعوا جيدا، أنا واحد منكم، أنا أخوكم عبدالإله بنكيران، لست بطلا من أبطال كرة القدم، ولست ميسي، ولكن سأبذل جهدي”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: