نظمت جمعية أصدقاء المغرب بشراكة مع السفارة المغربية ببروكسيل دائرة مستديرة حول « التناوب الديموقراطي و ادارة الاسلام السياسي بالمغرب » وذلك كأول نشاط “وجاهي” تعقده السفارة المغربية ضمن ترتيبات خاصة تراعي الاجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا بشأن ضمان السلامة والصحة العامة، اللقاء الذي حضره العديد من الشخصيات الاوروبية و المغربية من سياسيين و ديبلوماسيين و رجال الأعمال.
قدم و أدار الورقة الخلفية للجلسة الصحفية حكيمة درحموش ، كما قدم المداخلات الرئيسية كل من الدكتور مصطفى سحيمي، و السيد بارون فرانسي ديلبيرو وقد شارك في اللقاء في القاعة، مدعوون من القطاعين العام والخاص وقادة سياسيين.
هذا و قد افتتح الجلسة سفير المملكة المغربية ببلجيكا السيد محمد عامر، بكلمة تطرق فيها إلى خلفية سلسلة لقاءات الطاولة المستديرة وأهميتها في مناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية الهامة وذات الأولوية لصانع القرار بالمغرب.
واعتبر السفير محمد عامر أن “المغرب من الدول القليلة على المستوى الإقليمي، التي نجحت في المسار الديمقراطي من خلال الحفاظ على دورية الانتخابات”، وأضاف أن “سر هذا النجاح يحسب لطبيعة النظام السياسي الذي في عمقه الملكية”.
واعتبر الدكتور مصطفى السحيمي، أن “وجود الملكية كمؤسسة مركزية من بين الضمانات الأساسية للتحول الديمقراطي السلمي”، ورأى أن “الإجابة التي قدمها المغرب للربيع العربي في 2011 والمتمثلة في التعديلات الدستورية مكنته من ترسيخ المسار الديمقراطي وتجديد نفسه”.
وأشار السحيمي إلى أن “من بين مخرجات التعديلات الدستورية تحقيق انتظامية الانتخابات واحترام نتائجها من خلال تراجع الإدارة في التأثير في النتيجة النهائية للانتخابات وتشكيل الحكومة، حيث يعين رئيسها من الحزب الفائز الأول”.
بدوره، اعتبر الدكتور السحيمي، أن “ميزة المغرب بخلاف دول الإقليم انه يحترم موعد إجراء الانتخابات حتى في ظل الظروف الصحية التي دفعت دول عريقة في الديمقراطية إلى تأجيلها”.
وأضاف:” إذا استحضرنا تأثير السياق الخارجي على تجربة الإسلاميين في بلدان الربيع العربي نسجل أن النظام السياسي المغربي بحكم استقلاليته لا يخضع لأي ضغوط بهذا الشأن”.
وأردف الدكتور السحيمي : “هناك تقليد يترسخ في المغرب وهو المتعلق بالالتزام الدستوري بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي يتصدر نتائج الانتخابات”.
و نوه بتشكيل الحكومة الجديدة المكونة من تحالف لثلاثة أحزاب، 28 وزيرا بينهم 7 نساء، بما يمثل ثلث الوزراء. مع رفع التمثيلية النسائية مع تعيين كتاب الدولة .
و يظل التساؤل عن الحزب السياسي في المغرب بالأساس تساؤلا عن طبيعة النظام السياسي، إذ لا يمكن منهجيا تحليل مواطن الخلل في الفعل الحزبي أو مظاهر التعثر في الممارسة الديمقراطية داخل البناء الحزبي دون استقراء الأساس الإستراتيجي المهيكل لهذا السلوك متمثلا في جوهر السلطة السياسية.
فالاختلاف حول مضمون السلطة السياسية وصيغ الوصول إلى ممارسة تكتسي بعدا ديمقراطيا، والتباين حول الاختيارات الإستراتيجية في مغرب الاستقلال ظلت عقبات متواترة في تحقيق التوافق السياسي بشأن المنطلقات والأهداف ومن خلالها الوسائل والآليات، مما تولد عنه توتر مستمر بين مكونات الطبقة السياسية تبعا لمراحل تطورها وترتيبا على طبيعة تفاعلاتها.
وشكلت طبيعة السلطة السياسية في هذا الخضم محددا محوريا في تطور الحياة السياسية في المغرب، إذ لا يقابل تصورات المعارضة الحزبية لآليات تحقيق الديمقراطية إلا تمثل الملكية لدورها المركزي في تحديد قواعد اللعبة السياسية وضبط المجال السياسي بشكل يجعل السلطة السياسية مغلقة في حقيقتها، لاتصالها بآليات لإضفاء الشرعية ترتكز على البنيات التقليدية للحكم في محدداتها التاريخية -التراثية والسياسية- الدينية التي ترتهن بها أشكال “التحديث السياسي” في إطار مفهوم الملكية الدستورية الذي لا يمكن استحضاره إلا داخل النسق السياسي المغربي ووفق الضوابط التي حددت معالمها المؤسسة الملكية في سياق تعاملها مع المسألة الديمقراطية.