غيثة مزور وليلى بنعلي مغربيتان تقودان أكثر الحقائب حيوية في الحكومة الجديدة

ماموني

أصبح لدى العنصر النسوي حضور قوي في القطاعات الحيويّة والمصيرية في الحكومة الجديدة التي يقودها عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار. فالنساء حصلن فيها على ثلث الحقائب، وتتضمن الحكومة أيضا تواجدا كبيرا للكفاءات الشابة، ومن بين أولئك النسوة وجهان مهمّان في هذه المرحلة؛ وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي التي صرحت بأنها تعي تماما حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، وغيثة مزور ابنة مدينة القنيطرة قرب العاصمة الرباط، والتي استطاعت أن تلفت انتباه صانع القرار ليختارها ضمن الوجوه الجديدة في الحكومة، مكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، وهذا المنصب تمّ استحداثه لأول مرة ليكون على مقاسها بهدف انتقال حقيقي صوب عالم الكلمة فيه للتقنية والذكاء الاصطناعي.

الانتقال الطاقي في المغرب

بنعلي ستعمل على تسريع سياسة الدولة لتحقيق الاستقلال الطاقي بأبعاده المتعددة

يراهن المغرب على النجاح في تحقيق أمنه الطاقي، ولهذا فإن بنعلي تنتظرها ملفات كبرى في هذا المجال لتحقيق السيادة الطاقية وعدم الارتهان لمزاج وإملاءات العديد من الدول. والوزيرة مطلعة على هذا الملف بعناية وتعرف أن المغرب اختار الانتقال الطاقي من أجل تأمين الإمدادات في أحسن الظروف من حيث التكلفة والجودة، خصوصا وأن المغرب أعطى الأهمية القصوى لمشاريع التنقيب وفي نفس الوقت تعميق مجال الطاقات البديلة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

مهارات هذه السيدة في مستوى تطلعات المغرب ودون حساسية حزبية أو سياسية، وهي تعدّ كفاءة ممتازة حيث إنها كبيرة الخبراء الاقتصاديين ومديرة قسم الاستراتيجيات واقتصاديات الطاقة المستدامة لدى الشركة العربية للاستثمارات البترولية، وأيضا كبيرة الاقتصاديين في منتدى الطاقة الدولي والمستشارة الرئيسية للأمين العام للمنتدى. وتتمتع بخبرة كبيرة في السياسات والاستثمارات ودبلوماسية الطاقة.

المغرب الآن ينتقل حتى على مستوى الاصطفافات الثقافية واللغوية إلى الانفتاح على المدرسة الأنجلوساكسونية في مجالات عديدة، وهنا ستلعب الوزيرتان، دورهما في تعزيز هذا المنظور على المستوى التكنولوجي

بنعلي ستعمل على تسريع سياسة الدولة في تعزيز الطاقات المتجددة لتحقيق الاستقلال الطاقي بأبعاده الاقتصادية والمالية والتجارية، وهذا المنحى ليس اعتباطيا أو مجازفة غير محسوبة بل هي استراتيجية مهيكلة وبشهادة المختصين عالميا، وقد وضع مؤشر “المستقبل الأخضر” لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الشهير في نسخته 2021، المغرب في المرتبة الخامسة في التصنيف العالمي في فئة “الابتكار النظيف”. وبذلك تؤكد الدولة مكانتها الرائدة في سوق الطاقة الشمسية في أفريقيا.

الوزيرة المغربية ومن خلال خبرتها التي راكمتها في المجال الطاقي ترى، بالنسبة إلى العديد من الصناعات، أن تكاليف الطاقة تُعدّ عنصرا حاسما في القدرة التنافسية، وتؤمن بأن المغرب الذي لا يمتلك مخزونا نفطيا يتمتع بإمكان الوصول إلى موارد منخفضة التكلفة ومنخفضة الكربون على المدى الطويل، وسيكون المغرب ضمن هؤلاء اللاعبين الذين استثمروا في الطاقات المتجددة والرقمنة، لتقوية اقتصاده وأدائه المالي.

وستدعم هذا التوجه الوزيرة مزور التي تعتبر كفاءة شابة في مجال علوم الكمبيوتر واللوجستيات وستكون مسؤولة على التطبيقات الهندسية للذكاء الاصطناعي في ابتكار طرق لمعالجة المشكلات ذات التأثير المجتمعي القوي ودراسة الأمن السيبراني واحتياجات سوق العمل والعلاقات بين أصحاب المصلحة في التوظيف في المغرب وتنفيذ مشاريع الانتقال نحو الطاقات المتجددة وغير الملوثة.

مرحلة انتقالية

الاستثمار في الرقمنة سيؤهل المؤسسات والمواطنين لمواجهة التحديات

بنعلي ومزور اللتان أدّتا اليمين الدستورية بالقصر الملكي في مدينة فاس، بحضور العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الحكومة عزيز أخنوش، تشرعان في تحمل المسؤوليات الجسيمة لتحقيق طموحات المغرب ومواطنيه، بمنهجية مرنة في تدبير القطاعات الحيوية التي ستتدبّرنها طيلة ولايتهن معا.

والمغرب الآن ينتقل حتى على مستوى الاصطفافات الثقافية واللغوية إلى الانفتاح على المدرسة الأنجلوساكسونية في مجالات عديدة، وهنا ستلعب الوزيرتان دورهما في تعزيز هذا المنظور على المستوى التكنولوجي والذكاء الاصطناعي لتأهيل المغرب لأدوار استراتيجية كبرى على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي يقع ضمن أولويات الحكومة الجديدة.

تعي بنعلي جيدا كل الظروف المعقدة المحيطة بتدفقات الغاز وأسواق النفط وما تحمله من ضغوط على الدولة المغربية، وقد ارتأى مخططو الاستراتيجيات العامة بالمملكة التركيز على تعزيز تنمية الطاقات المتجدّدة، ليس فقط لتحقيق الاكتفاء الذاتي بل لتصدير الفائض من الطاقة لتصبح البلاد رائدة على مستوى العالم في مجال الخلايا الكهروضوئية.

بنعلي تدرك حجم المسؤوليات التي تقع على عاتقها لذلك عبّرت عن رغبتها بالعمل في إطار البرنامج الحكومي، داعية إلى التعبئة لإنجاح مهمتها

الوزيرة المغربية التي شغلت منصب كبير الاقتصاديين ورئيس الاستراتيجية والطاقة والتنمية المستدامة في المؤسسة العربية السعودية للاستثمارات البترولية “أبيكورب”، تعرف أنه من الضروري تضافر جهود جميع الفاعلين في المجال، خاصة في سياق الأوضاع الدقيقة الحالية، من أجل استكمال العمل في الورشات والمشروعات والاستراتيجيات القطاعية كافّة.

وتحمل مزور دكتوراه في الحوسبة والمنظمات والمجتمع والهندسة الكهربائية من جامعة كارنيجي ميلون بالولايات المتحدة، ودرجة الماجستير في أنظمة الاتصالات من مدرسة البوليتكنيك الفيدرالية في لوزان بسويسرا، خبرتها بلا شك سيتم استثمارها في تطوير مشاريع الاستثمار في كل ما له علاقة بالمجال الرقمي، أملا في الذهاب بعيدا في الاستفادة من الطاقات المتجددة التي تحققت بوادرها المشجعة في العام 2016، عندما تم افتتاح أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم في منطقة ورزازات، وتم تطوير مشروع نور لاستغلال مصدر الطاقة الشمسية المتوفرة بكمية كبيرة طيلة 320 يوما في السنة والاستفادة من الموارد الكهروضوئية لتوليد الكهرباء، وستكون بنعلي على تماس مع الشركات التي تريد الاستثمار في هذا المجال، بل أيضا المشروعات التي تتطور بالمغرب وكلما زاد توسعها كانت في حاجة إلى الكهرباء.

مسؤولية الوزيرة الجديدة تنصب على تطوير الموارد المالية والكفاءات البشرية المتخصصة في قطاع الطاقة الكهروضوئية التي تسمح بالبحث لتطوير تقنيات الاستهلاك الذاتي للطاقة، وأمام الخبيرة في القطاع الطاقي خمس سنوات لتحقيق بعض الأهداف الطموحة، بالمرور من حصة الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة المتمثلة بـ42 في المئة إلى 47 أثناء فترة ولايتها ثم 52 في المئة بحلول عام 2030، وذلك لتلبية احتياجات المغرب المتزايدة من الكهرباء، وتحقيق القدرة على تصدير هذه المادة الحيوية إلى أوروبا مما سيولد ثروة

لاقتصاده ككل، فالمغرب يتوفر على المناخ الملائم، مع التشمّس الهائل، كما يتمتع بموقع مثالي، وهو أحد العوامل التي أقنعت العديد من المستثمرين بإنشاء شركاتهم الكهروضوئية.

مهام إصلاحية

مزور معنية بإصلاح الإدارة وإدماجها في الحركة الرقمية التي فرضتها طموحات المغرب

إذا كانت مزور معنية بإصلاح الإدارة وتقييم أدائها وإدماجها في الحركة الرقمية التي فرضتها طموحات المغرب ومطالب التحديث والانفتاح على الشركاء الدوليين، فإن بنعلي ستتفرغ في جزء من مهمتها إلى إصلاح المكتب الوطني للكهرباء والماء، والانفتاح على المنافسة في مجال الطاقات المتجددة، وتبسيط الهيكل المؤسسي للإدارات المعنية بما يتماشى مع ما يقترحه نموذج التنمية الجديد من إصلاحات شاملة وعميقة لقطاع الطاقة وغيرها من القطاعات والإدارات.

ومن المؤكد أن يعطي مشروع قانون المالية لسنة 2022 الأولوية لتسريع الأوراش المرتبطة بإصلاح الإدارة، وذلك وفق ما جاء في تقرير تنفيذ الميزانية والتأطير الماكرو اقتصادي للفترة 2022-2024. ويشمل هذا المشروع أساسا تبسيط المساطر والرقمنة.

أما الوزيرة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي فإن خلفيتها العلمية والعملياتية جعلتها تؤمن بالاستثمار المكثّف في الأمن السيبراني خصوصا وأن بعض الدول تستثمر أقل، ولكن حتى الدول التي لا تزال تستثمر الكثير في

الأمن السيبراني لديها الكثير للقيام به مثل الإنترنت، هذا الاستثمار في ما هو رقمي سيؤهل مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لمواجهة تحديات كثيرة اقتصادية وتنموية وأمنية كذلك، وهي كزميلتها بنعلي تشجع القطاع الخاص على تحمل مخاطر الاستثمار في قطاعات لا يجب على الدولة تحمل مخاطر الاستثمار فيها.

مزور تعتبر كفاءة شابة في مجال علوم الكمبيوتر واللوجستيات وستكون مسؤولة عن التطبيقات الهندسية للذكاء الاصطناعي في ابتكار طرق معالجة المشكلات ذات التأثير المجتمعي القوي ودراسة الأمن السيبراني

وتستخدم مزور تقنيات علم البيانات لمعالجة المشكلات ذات التأثير المجتمعي القوي، كما استخدمت هذا النهج لدراسة الأمن السيبراني وإمكانية توظيف الشباب، إلى جانب اهتمامها بآثار العوامل الاجتماعية والتكنولوجية العالمية على الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم، ومن هذا المنطلق ترى أن تقنيات الأمن في الوقت الحاضر لا تزال محدودة، ولا يزال هناك الكثير من العمل لتطوير أدوات تقنية أفضل مثل استخدام الذكاء الاصطناعي باعتباره نهجا واعدا للغاية الآن، وحتى في النظام القانوني السياسي هناك الكثير مما يجب عمله ولكن تم إنجاز الكثير بالفعل، وتقول إنه “لا يزال بإمكاني فعل المزيد”.

ومن المتوقع مساهمة مزور في ابتكار آليات وإجراءات جديدة لمعالجة معاناة العديد من المواطنين مع مشكلات البيروقراطية وعدم الشفافية في المعاملات الإدارية المباشرة، مما يدعوهم إلى التذمر وعدم الثقة في الإدارة العمومية، والحلّ هو رقمنة الإدارات المغربية في ما يخص جميع الإجراءات الإدارية والأكاديمية من تعليم ثم مجال الصحة والمجالات الأخرى، مما يجعل الإدارة أكثر شفافية ومصداقية وتنظيما.

والهدف الرئيسي هو الوصول إلى تسريع الأداء من طرف المسيّرين للإدارات العمومية، ورضى المواطنين عن الإنجازات المقدمة لهم من طرف الدولة، وزيادة الإنتاجية وتبسيط الإجراءات وجعلها شفافة وأكثر مصداقية، إلى جانب تحسين مناخ الأعمال وتقوية ثقة الفاعلين، للرفع من جاذبية المغرب في ما يتعلق بالاستثمارات الوطنية والأجنبية في مجالات الطاقة أو الاستثمار في برامج وبحوث الذكاء الاصطناعي.

ولا يمكن تحقيق الشيء الكثير في مجال الرقمنة والانتقال الطاقي دون التعمّق في حيثيات الإصلاح الإداري لمواكبة المشاريع الكبرى التي تباشرها الدولة، فالكل مترابط، وسيكون على عاتق الوزيرتين مسؤوليات كبرى، لهذا عبرت بنعلي عن رغبتها في متابعة العمل في إطار البرنامج الحكومي، داعية إلى التعبئة الفعالة لإنجاح مهمتها ومواكبة المشاريع المهيكلة المتعلقة بإصلاح الإدارة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: