غياب التحمس للترشح للأمانة العامة يُعمق أزمة حزب العدالة والتنمية المغربي

حنان الفاتحي

تكشف المواقف الصادرة عن قيادات في حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في المغرب، بشأن المؤتمر الاستثنائي الذي من المقرر عقده في موفى أكتوبر الجاري عن غياب أي فرصة للخروج من الأزمة التي غرق فيها الحزب بعد هزيمة الانتخابات العامة.

ونفت العديد من تلك القيادات عزمها الترشح للأمانة العامة للحزب الذي تلقى انتكاسة كبيرة في الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت في الثامن من سبتمبر الماضي في خطوة تعكس عدم التحمس للمؤتمر المقبل.

ومن بين تلك القيادات لحسن الداودي، الوزير السابق وعضو الأمانة المستقيلة، الذي رفض تداول الموضوع أصلا، معتبرا أن المؤتمر سيد نفسه.

وبدوره، قال عزيز رباح الوزير السابق وعضو الأمانة العامة المستقيلة إنه بعيد عن نقاش مسألة الأمانة العامة الجديدة وغير معني بها، حالا أو لاحقا دون ذكر المزيد من التفاصيل بشأن المؤتمر الاستثنائي وفقا لتقارير مغربية محلية.

ويرجح مراقبون أن ينجح رئيس الحكومة الأسبق عبدالإله بنكيران في الفوز بالأمانة العامة للحزب إذا ترشح في المؤتمر الاستثنائي الذي سيشارك فيه أكثر من 2500 مؤتمر من المعنيين بالمؤتمر؛ فيما لن يحضر برلمانيو الحزب الذين سبق أن حضروا المؤتمر السابق بالصفة.

وكانت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية قد أعلنت أن الدورة الاستثنائية للمؤتمر الوطني ستنعقد يوم الثلاثين من أكتوبر الجاري في محاولة لإخراج الحزب من الأزمة التي يعيشها وذلك بعد استقالة الأمانة الحالية بقيادة سعدالدين العثماني.

ومُني الحزب بهزيمة قاسية في الانتخابات الأخيرة حيث حل في المركز الثامن، مسجلا تراجعا كبيرا بحصوله على 13 مقعدا فقط في عثرة سلطت الضوء على المأزق الذي يعيشه تنظيم الإخوان المسلمين في المملكة المغربية وفي المنطقة برمتها.

رشيد لزرق: هناك دفع قوي لإعادة بنكيران إلى الأمانة العامة للعدالة والتنمية

وفاز في الانتخابات حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حصل على 102 مقعدا من أصل 395 بمجلس النواب (غرفة البرلمان الأولى) قبل أن يشكل رئيسه ائتلافا حكوميا في وقت لاحق.

وفجرت هزيمة العدالة والتنمية سجالات بين أعضاء الحزب إلى حد دفع بخيار عودة بنكيران إلى واجهة التنظيم أملا في الخروج من غرفة الإنعاش التي يوجد بها بعد الهزيمة السياسية واستقالة الأمانة العامة.

ويرى مراقبون أن هناك مساع يبذلها الجناح الموالي لبنكيران من أجل تثبيته في المؤتمر الاستثنائي في قيادة الحزب.

واعتبر الباحث السياسي المغربي رشيد لزرق أن “صدمة انتخابات سبتمبر أفرزت عن فصل في الصراع الدائر بين جناحين داخل العدالة والتنمية لم يكن متوقعا حتى لدى أكثر المتشائمين”.

وأوضح لزرق أن “هناك دفعا قويا لإعادة بنكيران إلى الأمانة العامة للحزب، وهذا نابع من عقدة الزعيم، وهنا يصبح الحديث عن الديمقراطية مقتصرا على مفهومها الإجرائي فقط حيث ينتج عنها ارتباط عاطفي بشخصيات قيادية تحت مبرر انتصار الزعيم الذي يحق له إصدار الأوامر والنواهي، حتى ولو جاءت ضد قيم وروح الديمقراطية، وعارضت الحريات والحقوق، لأن ثقافة الزعيم تتعارض مع فكرة المؤسسات”.

وتابع “هذا ما وقع للجناح البنكيراني داخل العدالة والتنمية، الذي يختزل الديمقراطية في التمديد لشخص بنكيران”.

وكان بنكيران من أبرز الداعين لرحيل الأمين العام السابق للحزب العثماني محملا إياه المسؤولية.

وقال بنكيران وقتها “بعد اطلاعي على الهزيمة المؤلمة التي مُني بها حزبنا في الانتخابات المتعلقة بمجلس النواب أرى أنه لا يليق بحزبنا في هذه الظروف الصعبة إلا أن يتحمل السيد الأمين العام مسؤوليته ويقدم استقالته من رئاسة الحزب”.

ومنذ صدور نتائج الانتخابات العامة تعالت الأصوات المنادية بالقيام بمراجعات من بينها الخروج من جبة الإسلام السياسي والفصل بين الدعوي والسياسي حتى يتجاوز الحزب المأزق الذي وجد نفسه فيه.

ورأى لزرق أن “الاستقطاب الدائر داخل العدالة والتنمية يرفض أصلا فكرة التمييز بين ماهو سياسي وماهو دعوي.. الصراع الدائر اليوم داخل الحزب لا يتعلق بدوران النخب، لأن هذا الأمر يفرض تجديد الأفكار والمشاريع والقيام بالمراجعات اللازمة والنقد الذاتي البناء وفصل المجال الدعوي عن الفضاء الحزبي”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: