برلمانيون مغاربة أمّيون… ما الذي يفعلونه داخل القبة؟

أيت لكتاوي

«من لا يعرف الكتابة فليطلب المساعدة من النائب البرلماني الذي يجلس بجانبه»، هكذا خاطب عبد الواحد الراضي، رئيس الجلسة العمومية لمجلس النواب، بعض البرلمانيين الملتحقين حديثا، وهي الجلسة التي خصصت لانتخاب رئيس الغرفة الأولى في المؤسسة التشريعية المغربية.
مقطع الفيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، وعرف ردود أفعال مختلفة أعادت للواجهة نقاش المستوى التعليمي للنواب البرلمانيين المغاربة، وأمية العديد منهم ممن لا يتقنون القراءة ولا الكتابة.
في غياب أرقام حديثة، سبق لمجلس النواب المغربي أن أفصح عام 2017 عن كون 100 نائب برلماني لا يتوفرون على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة)، وأن 4.5 في المئة من مجموع البرلمانيين لم يتجاوزوا المستوى الابتدائي، فضلا عن كون 20 في المئة لهم مستوى ثانوي، في حين أن خمسة نواب في المؤسسة لم يلجوا المدارس بشكل مطلق.
تعليقا على الموضوع، قالت ابتسام عزاوي، وهي نائبة برلمانية سابقة، إن على المنتخبين والمنتخبات أن يكونوا في المستوى المطلوب من أجل الرفع من جودة العمل البرلماني.
واستحضرت عزاوي الأرقام الرسمية المنشورة قبل سنوات حول المستوى التعليمي الخاص بالنواب البرلمانيين، معتبرة أنه من المؤسف عدم توفر برلمانيين على شهادات علمية خلال الولاية السابقة وكذلك الحالية، داعية إلى أهمية توفر الحد الأدنى من المستوى التعليمي باعتبار المهام والمسؤوليات المسندة للنواب البرلمانيين بالغة الأهمية ممن يشتغلون على التشريع ومراقبة السياسات العمومية والدبلوماسية البرلمانية وغيرها الكثير.
وتساءلت السياسية المغربية الشابة عن الكيفية التي يمكن أن يقوم بها البرلماني بمهامه على أكمل وجه دون أن يكون له مستوى تعليمي محترم، وعلقت قائلة: «لذلك تكون المبادرة التشريعية ضعيفة جدا»، خالصة إلى القول «ما يحدث لا يليق بمغرب اليوم والغد، البلد ذي الطموحات المهمة الذي يرغب في أن يكون رقما صعبا وله دور ريادي في القارة الافريقية.
بالنسبة لأستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، رشيد لزرق، فإن هناك جدلا بين طرحَين، يذهب الأول في اتجاه ضرورة إلزامية أن يكون للمترشح مستوى تعليمي جامعي كشرط من شروط الترشح لمجلس النواب، فلا يمكن للمشرّعين أن يكونوا أميين وجهلاء فذلك يساهم في انحدار الأداء التشريعي.
وتابع لزرق أن الفريق الآخر يعتبر هذا الشرط غير دستوري لأن البرلمان ينبغي أن يكون مرآة تعكس المجتمع بكل فئاته المتعلمة وغير المتعلمة.
ويرى المحلل السياسي المغربي المختص في الشؤون البرلمانية أن الأمر لا يتعلق بإشكال قانوني، بل يكشف عن واقع حزبي، موضحا أن رؤساء الأحزاب لا يهمهم سوى المقعد كغاية وليس كوسيلة وهو جزء من أعطاب المنظومة الحزبية.
من جانب آخر كتب الحقوقي المغربي محمد الزهاري أن ما وقع في قبة البرلمان، في إشارة لطلب عبد الواحد الراضي خلال انتخاب مجلس النواب، «يؤكد لماذا كنا نطالب دائما بضرورة تحديد شرط المستوى الجامعي العالي». وأضاف، عبر تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك: «لا يعقل أن يتولى السلطة القضائية نساء ورجال القانون، والسلطة التنفيذية الكفاءات العلمية والأكاديمية، في حين تبقى السلطة التشريعية مفتوحة للأميين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة» وفق تعبيره.
وأوضح الزهاري أن «الاختصاصات التشريعية والرقابية للبرلمان تقتضي أن يحدد مستوى الإجازة (البكالوريوس) على الأقل، للترشيح لمهمة النائب أو المستشار البرلماني «حتى لا تتكرر المهزلة التي وقعت في مجلس النواب».
وعودة لتعليم البرلمانيين المغاربة، سبق لرئيس مجلس النواب السابق الحبيب المالكي، أن أكد أن حوالي 100 نائب برلماني لا يتوفرون على «الباكالوريا» (الثانوية العامة).
وكشف المسؤول الأول عن المؤسسة البرلمانية أن 5 نواب من أصل 395 لم يلِجوا المدارس، في وقت يتوفر فيه 74.68 في المئة من النواب، وهو ما يعادل 296 برلمانيا تقريبا، على مستوى تعليمي عال فيما 19.49 في المئة مستواهم ثانوي، و4.56 في المئة بمستوى تعليمي ابتدائي.
وسبق للحكومة المغربية أن رفضت مقترحات برلمانية بإقرار الثانوية العامة كشرط للترشح للانتخابات التشريعية، وهو المقترح نفسه الذي دعت له «فدرالية اليسار الديمقراطي»، مسجلة أن هذا الشرط كحد أدنى هدفه تجويد الأداء التشريعي للبرلمان المغربي، المطالب بالاستجابة لانتظارات الشعب، لكنه قوبل بالرفض الحكومي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: