هل ينجح المبعوث الأممي الجديد في إيجاد تسوية نهائية لملف الصحراء المغربية

حنان الفاتحي

أثار تعيين الأمين العام للأمم المتحدة لمبعوث خاص جديد لإقليم الصحراء المغربية تساؤلات حول مدى قدرة الدبلوماسي الإيطالي ستيفان دي ميستورا على كسر الجمود في النزاع على الصحراء المغربية، لاسيما بعد التوترات الدبلوماسية الأخيرة بين المغرب والجزائر.

ويتمتع دي ميستورا الذي عيّن في السادس من أكتوبر الجاري خلفا للألماني هورست كوهلر الذي استقال في الثاني والعشرين من مايو 2019 بخبرة تزيد عن 40 عاما في الدبلوماسية والشؤون السياسية، وشغل منصب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، وممثلا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان والعراق وجنوب لبنان، ومدير مركز الأمم المتحدة للإعلام في روما.

وسيعمل دي ميستورا مع جميع المحاورين المعنيين، بما في ذلك الأطراف والبلدان المجاورة وأصحاب المصلحة الآخرين، مسترشدا بقرار مجلس الأمن 2548 والقرارات الأخرى ذات الصلة. وصدر هذا القرار في أكتوبر 2020، ومدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في إقليم الصحراء المغربية (مينورسو) حتى أكتوبر الجاري، وحث جميع الأطراف على العمل لمساعدة البعثة الأممية على إيجاد حل سياسي واقعي للنزاع.

وسبق وأن عَيَّنَ غوتيريش في السابع والعشرين من أغسطس الماضي الدبلوماسي الروسي ألكسندر إيفانكو ممثلا خاصا له رئيسا لبعثة مينورسو.

نبيل الأندلوسي: مشكلة الصحراء غير متوقفة عند طبيعة الشخصية التي يعينها الأمين العام، بقدر ما مرتبط برغبة الأطراف في إيجاد حل

وتتمثل مهام المبعوث الخاص في تحريك المفاوضات بين طرفي النزاع حول إقليم الصحراء المغربية، بينما تتعلق مهام الممثل الخاص بتسيير وإدارة عمل البعثة.

وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب والبوليساريو إلى 2018، ولم يحدث تطور يُذكر منذ ذلك التاريخ.

ونهاية سبتمبر من ذلك العام دعا المبعوث الأممي آنذاك هورست كوهلر الأطراف المعنية بالنزاع إلى اجتماع في مدينة جنيف لبحث قضية الصحراء المغربية.

وعُقدت هذه الاجتماعات في ديسمبر 2018 والربع الأول من 2019 بمشاركة كل من المغرب والبوليساريو (طرفي النزاع) والجزائر وموريتانيا (دولتان مراقبتان)، لكنها لم تحدث اختراقا أو تقدم حلولا مرضية لجميع الأطراف.

والنزاع حول الصحراء المغربية ممتد منذ أن أنهى الاحتلال الإسباني وجوده بالمنطقة في عام 1975، وتحول إلى مواجهة مسلحة توقفت عام 1991 بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.

ويرى نبيل الأندلوسي الباحث المغربي في العلاقات الدولية ونائب سابق لرئيس لجنة الخارجية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، أن “تعيين دي ميستورا وموافقة أطراف النزاع عليه بعد رفض 12 مرشحا لتولي المنصب منذ 2019، هو في حد ذاته أمر إيجابي، خاصة أنه ذو تجربة دبلوماسية غنية”.

ويعتبر الأندلوسي أن “مشكلة الصحراء غير متوقفة عند طبيعة الشخصية التي يعينها الأمين العام للمساهمة في إيجاد الحل، بقدر ما مرتبط برغبة الأطراف في إيجاد حل، وأساسا المغرب والجزائر”.

وفي هذا الإطار يؤكد الباحث المغربي أن “البوليساريو باتت تعيش في عزلة تامة، خاصة بعد أحداث الكركرات التي أبانت ضعفها وتبعيتها المطلقة للطرف الجزائري”.

وقبل نحو عام عرقلت عناصر من جبهة البوليساريو الانفصالية العمل في معبر الكركرات بين المغرب وموريتانيا في إقليم الصحراء المغربية، قبل أن يتدخل الجيش المغربي ويعلن إقامة حزام أمني لتأمين عبور السلع والأفراد.

Thumbnail

واعتبر الأندلوسي أن “نجاح المبعوث الأممي الجديد رهين بامتلاك رؤية واضحة، خاصة بالنسبة إلى تموقع الطرف الجزائري في النزاع القائم، والتأكيد على أن المفاوضات المباشرة يجب أن تكون بين المغرب والجزائر، وهذا ما أشار إليه المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة بشكل غير مباشر”.

وأوضح أن المغرب عبّر عن رغبته في حل هذا النزاع الذي عَمَّرَ طويلا، وقدم مقترح الحكم الذاتي الذي حظي بتأييد دولي. في المقابل ترفض الجزائر الانخراط في مفاوضات مباشرة مع المغرب، وترى أنها يجب أن تكون بين الرباط وجبهة البوليساريو.

وفي هذا السياق يرجح عيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سيدي محمد بن عبدالله (حكومية) بمدينة فاس شمالي المغرب عدم حصول أي تطور مهم في مسار التسوية السلمية مع جبهة البوليساريو.

وحسب الصديقي فإن “أقصى ما يمكن أن يفعله المبعوث الأممي الجديد هو إدارة القضية والحيلولة دون تفاقم الأزمة، لأن مواقف أطراف النزاع وأيضا الوضع الإقليمي لا يسمحان بالتفاؤل”. ففي الرابع والعشرين من أغسطس الماضي أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بسبب ما أسمتها “خطواته العدائية المتتالية”، فيما أعربت الرباط عن أسفها جراء تلك الخطوة، ووصفت مبرراتها بـ”الزائفة”.

ورأى محللون حينها أن الجزائر تصرّ على رفض استيعاب المتغيرات الإقليمية وخاصة الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء وتصر على التعامل مع ملف الصحراء المغربية كما كانت تتعامل معه قبل عقود.

وبناء على ما سبق يقول الصديقي إن “دي ميستورا لن يقوم بدور كبير في هذه المرحلة، وسيجد صعوبة في إقناع أطراف النزاع بالجلوس إلى محادثات مباشرة مرة أخرى، وإذا عادت المحادثات المباشرة بين الأطراف فسيكون ذلك إنجازا كبيرا للمبعوث الجديد”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: