الصحافة بين الاسترزاق والتطفل الجزء الثاني

بقلم : عبد اللطيف الباز

على ما يبدو لنا كممارسين مهنيين لمهنة المتاعب ، أنه اختلط الحابل بالنابل ، حيث أصبحت صحافة الميكروفونات المنتمية للأسف لبعض المواقع الالكترونية تنهج طرقا بعيدة كل البعد عن القوانين و الالتزامات المنصوص عليها عالميا ، ضاربة عرض الحائط كل القيم و المبادئ المتعارف عليها في مجال الإعلام و التواصل ، فكيف يعقل ممارسة مهنة المتاعب دون أن يكون هناك مساواة بين الصحف و المواقع الالكترونية ، حتى أصبحنا نلقب بالصحافة الصفراء ، صحافة 200 درهم و 500 درهم ، حسب أقوال بعض المسؤولين في بعض القطاعات ، و خصوصا الناخبون الكرام .

الإعلام ليس وسيلة للبيع و الشراء ، نطبق فيه قواعد الاقتصاد كلما فاق العرض الطلب بخس الثمن ، فبالله عليكم أيها الإعلاميون ، و يا مدراء النشر و أصحاب المواقع الإلكترونية أن تقوموا تعيدوا النظر في استراتيجيتكم ، فأن تقوموا بإعداد روبورتاجات و حوارات صحافية و مقالات و كل ما يتعلق بالإعلام بثمن لا يتجاوز 500 درهم ، فهنا نحتاج إلى المزيد من التوضيح ، فأصحاب المقاولات المستثمرة في هذا القطاع الذي أصبح مؤثرا في كل المنظومات ، من خلال ما يحمله الإعلام الرقمي ، ألا تعلمون أن المسؤولية الملقاة على عاتق إعلامنا الجديد هي مسؤولية تابته ، و لا بد للجميع أن يعلم بهذا الأمر و أن يعرف ما له و ما عليه ، لأنه لا يكفي أن ننساب وراء أهواء بعض فئات المجتمع ، و اغلبيته الساحقة تتكون من ذوي العقد النفسانية و ذلك لتحقيق أعلى نسب من المشاهدات و ذلك على حساب المتتبعين الشرفاء ، ناهيك عن بعض الصفحات التي أصبح أصحابها بين عشية و ضحاها حاملي ميكروفونات يحاولون بذلك التزاحم مع مقاولات مقننة و محترمة تشتغل تحت ضوء القوانين التي سطرها الدستور ، فأصبح كل من يدون سطرين في صفحات التواصل الاجتماعي “فايسبوك” إعلاميا ، حتى أننا أصبحنا أمام مهنة من لا مهنة له .

إذن هل هذا السلوك الذي عاكس أخلاقيات المهنية بالاسترزاق مقابل خدمة أجندات سواء كانت سياسية أو بعض أجهزة الدولة ، يعتبر خادما للمجتمع و المواطن المغربي ، و لمصالح الوطن ؟

للإجابة على هذا السؤال نستحضر كثرة المواقع و انتشارها على الصعيد الوطني ، و التي جعلت المسؤولين في حيرة من أمرهم ، من هو الإعلامي الحقيقي ؟ و من هو الموقع الذي يعمل بالفاتورات التي تليق بمقام المقاولات و تساعد في الحد من البطالة و خصوصا وسط حاملي الشهادات “الاجازة فما فوق” .

نحن ها هنا نشاهد أن هناك إعلام الميكروفونات و إعلام مصوري الاستوديوهات و إعلام العهر …. الذين أصبحوا هم أسياد هذه المهنة باستعمالهم المصطلحات : المونتاج و التصوير الرقمي .

إذن أصحاب الاستوديوهات هم من تحول لممارسة الصحافة بعدما كنا نمارس الصحافة بفاتورات مقننة تليق بمكامن الإعلاميين المهنيين ، كنا نقوم بتغطية إعلامية بفاتورة 4000 درهم ، و المرافقين الإعلاميين” مصورين مهنيين و من يقومون بالمونتاج من دارسي معاهد الصحافة” من 4000 درهم إلى 7000 درهم ، أصبح الذي يحمل الميكروفون هو المستفيد الأول و الأخير من كعكعة الصحافة ، أما صاحب المقاولة المسكين فيتجرع ويلات أداء ثمن واتير الكراء و حمولات الهاتف تم الانترنيت و الماء و الكهرباء و أداء ثمن الاشتراك في المواقع و هلم جرا ، و لا ننسى أن نذكر أصحاب الشأن بأن هناك مواقع إلكترونية تستفيد من عقود شراكات و إشهارات دون الأخرى ، و كذلك يتم استعمال العنصرية في توزيع المعلومات لأن هناك أخبار تعطى لمواقع دون أخرى ، الشيء الذي يطرح أكثر من علامة استفهام ، ما هو الفرق ما بين هاته المقالة و تلك ؟ هل أصبح الإعلام للأقوى فقط ؟ أم هي مهنة تدرس في المعاهد لخدمة الوطن ؟ .

باختصار شديد على المسؤولين عن القطاع التدخل الفوري لوقف هاته الفوضى التي تضرب ميدانا كان نبيلا في وقت من الأوقات ، فاصبح اليوم بقدرة الفوضى باعثا الى الكثير من الشفقة ، فالصحافي الذي لا يحترم مهنته و لا يحترم اذواق الناس و يبخس مهنة شريفة ، اسمحوا لي أن أسميه “لقايجي” ، فمهنتنا بحاجة إلى تكافؤ الفرص و الحد من الظاهرة التي أصبحت خطرا على المجتمع و البشرية جمعاء ، فكيف يمكن لمقاول صحافي أن يستمر في المهنة دون دعم من الدولة ، و في المقابل تفرض عليه شروطا و قوانين نحن ملزمين قانونا بالانضباط لها ؟ كما لاحظنا في الآونة الأخيرة أن هناك اعتقالات بعض الصحافيين بتهمة الابتزاز او النصب ، و جوابا على هذا السؤال نقول أن الدولة هي المسؤولة عن هاته الوضعية ، فكيف يمكن لصاحب موقع إلكتروني أن يعمل في ظل القانون و هو لا يستفيد من أي دخل يدعمه في أداء واجبه المهني ، و نحاكمه بعد ذلك بتهم جزء منها هو من مسؤولية المؤسسات ، او كتابة مقالات تحت الطلب ، و هو ما يفقد الاعلام موقعه و مصداقيته .

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: