برنامج حكومي بالتزامات كبرى لدعم ركائز الدولة الاجتماعية في المغرب

ماموني

أعلن رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش بمناسبة عرضه للبرنامج الحكومي أمام مجلسي البرلمان عن التزام حكومته بتنفيذ إجراءات اجتماعية كبرى خلال السنوات الخمس القادمة، فضلا عن تعهد الحكومة بإحداث مناصب شغل إضافية وتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة.

 تعهّد عزيز أخنوش رئيس الحكومة الجديدة في المغرب، بتنفيذ حكومته لحزمة من الالتزامات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى خلال الخمس سنوات المقبلة، أهمها تعزيز دعائم الدولة الاجتماعية وتثمين الرأسمال البشري المغربي.

وأعلن رئيس الحكومة الجديد بمناسبة عرضه للبرنامج الحكومي عن الالتزام بإحداث مليون منصب شغل على الأقل، ورفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من ثلاثين في المئة، عوض عشرين في المئة حاليا، إلى جانب تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة.

وتسعى الحكومة إلى “تحفيز الاقتصاد الوطني لفائدة التشغيل”، حيث أوضح أخنوش أن “الحكومة تحكمها ثلاثة مبادئ أساسية؛ هي جعل التشغيل المحور الأساسي لكل السياسات العمومية في الميدان الاقتصادي، وتعزيز السيادة الوطنية في المنتجات والخدمات الاستراتيجية، والتعريف بالمنتوج المغربي وطنيا ودوليا وحمايته من المنافسة اللامشروعة”.

وشدد أخنوش أمام مجلس النواب ومجلس المستشارين، وهما الغرفة الأولى والثانية للبرلمان، على تكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي، لافتا إلى أن “الحكومة ستنكب على تفعيل الجهوية المتقدمة واللامركزية الإدارية، وتقريب وتحديث الجهاز الإداري، وتقليص الفوارق المجالية، وتسريع وتيرة التحول الرقمي”.

وأفادت شريفة لومير، الباحثة في العلوم السياسية، أن “البرنامج الحكومي يقوم على العديد من الالتزامات الجد متقدمة والتي تعنى بقطاعات حساسة وذات أولوية خاصة وأن أحزاب الأغلبية رفعت سقف تطلعاتها من خلال برامجها الانتخابية”، مؤكدة أن “الائتلاف الحكومي بحاجة إلى تركيز جهوده لتنزيل هذه النقاط الاستراتيجية”.

وأضافت أن “الرهان الأكبر هو تفعيل الحماية الاجتماعية الذي يعتبر مشروع ملكيا”، قائلة “هذا المشروع أرى أنه من الصعب أن تتم فيه قفزة إيجابية خلال خمس سنوات بالنظر إلى الإشكال الكبير الذي قد يواجه الحكومة المتمثل في العراقيل التي قد تضيع معها جهودها في تنزيل الحماية الاجتماعية”.

ونص مشروع البرنامج الحكومي الذي قدمه أخنوش إلى البرلمان، على إحداث عدد من المداخيل لصالح الأسر والفئات الاجتماعية الهشة، وذلك تحت مسمى “الدخل الاجتماعي لتماسك وكرامة الأسرة المغربية”، فضلا عن إحداث تعويضات اجتماعية لكل الأسر المعوزة بمبلغ 300 درهم (33.10 دولارا) شهريا عن كل طفل في حدود ثلاثة أطفال، كما تقترح إحداث منحة قدرها 2000 درهم (220.65 دولارا) للأسر المعوزة عند ولادة الطفل الأول لها، و1000 درهم (110.32 دولار) عند ولادة الطفل الثاني.

وتقترح الحكومة إحداث “مدخول الكرامة” لفائدة المسنين، ويخصص للمواطنين ممن تبلغ أعمارهم خمسة وستين عاما فما فوق ويعيشون ظروفا هشة، ويتعلق الأمر بتحويل نقدي تدريجي، يمول من صندوق التماسك الاجتماعي، ليضمن لجميع كبار السن دخلا حده الأدنى 1000 درهم (110.32 دولارا) شهريا بحلول 2026.

شريفة لومير: التزامات الحكومة تُعنى بقطاعات حساسة وذات أولوية

وأشار رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، إلى أن “الحكومة الحالية لها خارطة طريق واضحة لتنفيذ البرنامج التنموي والمخطط الاجتماعي وفق رؤية واضحة المعالم وشاملة، تخرج البلاد من الوضع الاقتصادي والوبائي الصعب الذي عانت منه خلال الفترة الأخيرة بما يفرض عليها بلورة قرارات جذرية لدخول مرحلة التنمية ضمن جدول زمني محدد”.

ويعقد البرلمان اليوم الأربعاء جلستين عموميتين تخصصان للمناقشة والتصويت على البرنامج الحكومي.

وترى المعارضة أن البرنامج الحكومي مجرد عرض للعموميات دون أن يتضمن التزامات أحزاب التحالف الثلاثي وعدم احتكامه لإحصائيات يمكن اختبارها على أرض الواقع، خصوصا أن رئيس الحكومة لم يقدم أمرا جديدا بخصوص برنامج الحماية الاجتماعية.

وأكد لزرق أن “البرنامج الحكومي سيكون موضوع مناقشة أمام المجلسين، يعقبه تصويت في مجلس النواب، وهذا التصويت يكون بثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم”.

وعلى المستوى الاقتصادي قدم أخنوش، مجموعة من الالتزامات لتحسين مناخ الاستثمارات في المغرب؛ أهمها التزامه بإخراج ميثاق الاستثمار الوطني، فضلا عن ضمان تكافؤ الفرص أمام جميع الفاعلين الاقتصاديين، مؤكدا أن “خطط الاستثمارات المهمة في قطاعي الصحة والتعليم، تمثل خياراً استراتيجياً قوياً لتثمين الرأسمال البشري”.

ولفت أخنوش خلال عرضه للبرنامج الحكومي إلى أن الحكومة “ستفعل خطة لتطوير صناعة مولدة لمناصب شغل، وقادرة على تعزيز تنافسيتها عالميا”.

والتزم أخنوش بوضع قواعد واضحة ومستقرة، تضمن تكافؤ الفرص أمام جميع الفاعلين الاقتصاديين، وذلك بتجاوز الحواجز الإدارية والتنظيمية التي تعرقل النمو السليم للاقتصاد، بالإضافة إلى تكريس دور هيئات المراقبة والتقنين وتعزيز استقلاليتها من أجل تنافسية أكبر، خصوصا في القطاعات الاستراتيجية للدولة.

وبخصوص قطاع السياحة والصناعة التقليدية، التزم أخنوش بتنفيذ خطة إنعاش غايتها دعم الفاعلين وتثمين المنتوج المغربي والارتقاء بالتكوين وتحفيز قطاعات خدماتية أخرى، منها قطاع السكن قصد إنعاش الاقتصاد الوطني، وتوفير سكن لائق للمواطنات والمواطنين.

وأشارت لومير إلى أن “الوفاء بهذه الالتزامات يحتاج مجهودا نوعيا وإرادة كبرى وهذا ما سيجعل الحكومة معرضة للعديد من الانتقادات في حالة عدم الالتزام التام بهذه الاستراتيجيات خاصة وأن المغاربة يعقدون آمالا كبيرة عليها، وأنها جاءت بعد حكومتين عرفتا العديد من التراجع والأزمات التي رافقتها مما زاد من تكريس خيبة الأمل لدى المغاربة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: