أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عرقلة جبهة البوليساريو الانفصالية لعمل بعثة المينورسو (بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية)، في خطوة يرى مراقبون أنها تعزز تموقع المغرب في العملية السياسية المرتقبة بشأن ملف الصحراء.
اعترف الأمين العام أنطونيو غوتيريش بالقيود الصارمة وغير المقبولة التي فرضتها جبهة البوليساريو على بعثة المينورسو، منذ تراجعها أحادي الجانب عن وقف إطلاق النار، وعدم تمكين فرق المراقبة التابعة للمينورسو من الوصول إلى المنطقة شرق الجدار الدفاعي المغربي.
وقال غوتيريش في تقريره الموجه إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، “إن مجموعة تضم حوالي خمسين شخصا من بينهم نساء وطفل واحد على الأقل، أقامت حاجزا على الجزء المعبّد من الطريق تسبب في عرقلة حركة السير بين المغرب وموريتانيا”.
صبري الحو: لا بد من تحديد شكل القيود التي تعتمدها البوليساريو
وأكد صبري الحو خبير القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء، في تصريح لـه، أنه “لكي يضع تقرير غوتيريش مجلس الأمن في صورة حقيقة ما تقوم به البوليساريو، لا بد من توضيح شكل هذه القيود وطبيعتها وعلاقتها بخرق وقف إطلاق النار وما يوصي به من إجراء مجرد دعوة موجهة لها لرفع هذه القيود”.
وأشار الخبير في القانون والعلاقات الدولية ”، إلى أن “الإدانة التي قدمها الأمين العام الأممي هي رسالة تنبيه لجبهة البوليساريو والخروقات التي تقوم بها، لأن تكرار هذه الإدانة سيدفع حتما منظمة الأمم المتحدة نحو إصدار قرار في اتجاه تنزيل مشروع الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية المغربية”.
وأوضح لكريني أن “جدية المغرب الرامية نحو إيجاد حلول مرتبطة بالمقترحات التي سبق وأن قدمها قبل أن يستقر على مشروع الحكم الذاتي، عكس جبهة البوليساريو التي بقيت متصلبة في موقفها منذ بداية النزاع إلى حدود الساعة”.
وتضمن التقرير مراسلة العاهل المغربي الملك محمد السادس، الأمين العام للأمم المتحدة في الثاني عشر من نوفمبر، يحثّه فيها على مضاعفة الجهود لإيجاد تسوية فورية ونهائية للأعمال الاستفزازية التي تقوم بها جبهة البوليساريو.
وأكد الملك محمد السادس على أن “المملكة المغربية تحتفظ بحق التصرف في الوقت والأسلوب اللذين تراهما مناسبين من أجل الحفاظ على وضع المنطقة واستعادة حرية التنقل”.
وقالت بعثة المينورسو إنها لاحظت تواجد جرافات مغربية تقوم ببناء جدار رملي جديد عبر المنطقة العازلة، ويتعلق الأمر بعملية بناء طوق أمني حول الطريق الحدودي الحيوي والهام للاقتصاد المغربي وارتباطه بأفريقيا.
وتعد الإدانة حسب مهتمين بملف الصحراء، بمثابة تقوية لموقف المغرب في عملية تحرير الكركرات وإبقاء الوضع على ما هو عليه، وهو ما أكده العاهل المغربي في رسالة إلى غوتيريش بأن الإجراءات التي اتخذها المغرب في الكركرات “لا رجعة فيها”.
محمد لكريني: البوليساريو بقيت متصلّبة في موقفها منذ بداية النزاع
وبعد فشل البوليساريو سابقا في انتزاع اعتراف المنتظم الدولي بخرق المغرب لوقف إطلاق النار، أبرز غوتيريش في تقريره إلى مجلس الأمن بخصوص ملف الصحراء المغربية، أن “المغرب ظل متشبثا بوقف إطلاق النار”، مع الحفاظ على حقه في الرد على أي استفزاز من طرف ميليشيات البوليساريو.
وأكد لكريني أنه “يمكن اعتبار هذه الإدانة بمثابة تقوية للموقف المغربي لتحرير معبر الكركرات الدولي، علما أن المغرب سبق وأن تدخل في هذا المعبر الدولي في احترام تام للشرعية الدولية ودون إحداث خسائر مادية وبشرية إذ تدخل بمقتضى الفصل الحادي والخمسين من ميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح بالتدخل الفردي والجماعي للدفاع عن النفس”.
وأشار الأستاذ الجامعي ، إلى أن “الإدانة التي قدمها الأمين العام الأممي هي رسالة تنبيه لجبهة البوليساريو والخروقات التي تقوم بها، لأن تكرار هذه الإدانة سيدفع حتما منظمة الأمم المتحدة نحو إصدار قرار في اتجاه تنزيل مشروع الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية المغربية”.
وبالموازاة مع تقديم غوتيريش لتقريره الذي أدان أعمال البوليساريو في المنطقة العازلة ومعبر الكركرات، عملت الجبهة الانفصالية على تقديم ما اعتبرته شروطا تعود لما قبل قرارات مجلس الأمن الأخيرة للتقدم في العملية السياسية التي سيقودها ستفان دي ميستورا المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة الذي سيباشر مهامه في نوفمبر المقبل.
وطالب محمد سالم ولد السالك المتحدث باسم جبهة البوليساريو المبعوث الجديد دي ميستورا بالعودة إلى مخطط التسوية الذي طرحته الأمم المتحدة سنة 1991 وتبين لها أنه مستحيل التطبيق، وحثه على اقتراحه مجددا على الدول الأعضاء في مجلس الأمن والدول المؤيدة لمغربية الصحراء لمناقشة تقرير المصير.
وأكد مراقبون أن هذه الشروط بمثابة اعتراض ضمني على ما توصل إليه مجلس الأمن 2440 و2468 و2494 و2548، من قرارات لم تتحدث عن الاستفتاء نظرا لتجاوزه منذ سنوات طويلة لعدم واقعيته، لكنها في المقابل تثمين مقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب كإطار لحلّ سياسي، في إطار قرارات منظمة الأمم المتحدة ذات الصلة.
الجبهة الانفصالية عملت على تقديم ما اعتبرته شروطا تعود لما قبل قرارات مجلس الأمن الأخيرة للتقدم في العملية السياسية التي سيقودها ستفان دي ميستورا
ودعما لمركز المغرب في العملية السياسية المقبلة، لفت السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، إلى أن الملك محمد السادس أكد للأمين العام للأمم المتحدة، أن الرباط ستواصل دعم جهود الأمم المتحدة في إطار العملية السياسية، التي ينبغي أن تُشرك الأطراف الحقيقية.
ويعتقد صبري الحو ، أن “التحولات التي تعيشها المنطقة ستلقي بظلالها على الحل السياسي في نزاع الصحراء المغربية”، مشيرا إلى أن “مضمون تقرير الأمين العام الحالي يكشف أن الأمم المتحدة لن تمضي أكثر مما قدمته حتى الآن في هذا الملف”.