الملك محمد السادس يفتتح البرلمان بخارطة طريق لمواجهة تحديات المرحلة الجديدة

ماموني

جدد العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال افتتاحه الدورة التشريعية الجديدة، تأكيده على أهمية تطبيق النموذج التنموي ومشاريع الحماية الاجتماعية، في رسالة إلى حكومة عزيز أخنوش الجديدة تدعوها إلى تجنب الانشغال بالمكاسب السياسية والالتفات أولا وأخيرا لمشاغل المواطن المغربي.

قدم العاهل المغربي الملك محمد السادس الجمعة، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة، خارطة طريق لمواجهة تحديات المرحلة الجديدة.

ودعا الملك محمد السادس إلى مواصلة مسيرة التنمية، ومواجهة التحديات الخارجية مشيدا بـ”انتصار الخيار الديمقراطي المغربي، والتداول الطبيعي على تدبير الشأن العام. فالأهم ليس فوز هذا الحزب أو ذاك، لأن جميع الأحزاب سواسية لدينا”. حسب تقديره، في رسائل لحكومة عزيز أخنوش تدعوها إلى التماسك والعمل على الاستجابة لتطلعات المواطن.

وفَصَّل الملك محمد السادس في خطابه الموجّه للبرلمانيين الجدد، طبيعة المرحلة الجديدة التي يمر منها المغرب وتتمثل في العمل على التطبيق الفعلي للنموذج التنموي، وإطلاق مجموعة متكاملة من المشاريع والإصلاحات من الجيل الجديد.

ونظرا للأدوار التي تضطلع بها المؤسسة التشريعية من إخراج القوانين ومراقبة عمل الحكومة، أوضح العاهل المغربي أنه يتطلع إلى أن تشكل هذه الولاية التشريعية منطلقا لهذا المسار الإرادي والطموح، الذي يجسّد الذكاء الجماعي للمغاربة.

خديجة الزومي: الأمن الغذائي والطاقي محور الاستراتيجية الجديدة

وأشار إلى أن “النموذج التنموي ليس مخططا للتنمية، بمفهومه التقليدي الجامد، وإنما هو إطار عام، مفتوح للعمل، يضع ضوابط جديدة، ويفتح آفاقا واسعة أمام الجميع”.

وبذلك، ستكون الحكومة الجديدة مسؤولة عن وضع الأولويات والمشاريع، خلال ولايتها، وتعبئة الوسائل الضرورية لتمويلها، في إطار تنزيل هذا النموذج.

وكان الملك محمد السادس، قد عين الخميس حكومة جديدة برئاسة عزيز أخنوش رئيس حزب “التجمع الوطني للأحرار”، تضم 24 وزيرا، بينهم 7 نساء.

وفي تقدير المتابعين، يعتبر هذا الخطاب بمثابة خارطة طريق لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة.

ورأى هشام لفقيه، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية في حديثه لـ”العرب”، أن خطاب العاهل المغربي يتمحور حول ثلاثة أبعاد أساسية تشرح خارطة طريق للمرحلة المقبلة وأداة اشتغال الحكومة الجديدة.

وحسب لفيقه تشمل هذه الخارطة أولا: تعزيز مكانة المغرب والدفاع عن مصالحه العليا في ظرفية مشحونة بالعديد من التحديات والتهديدات والمخاطر.

وثانيا: تدبير الأزمة ومواصلة إنعاش الاقتصاد الوطني، أما ثالثا فتهتم بالتطبيق الفعلي للنموذج التنموي وإطلاق مشاريع وإصلاحات جديدة تنهض بالواقع المعيشي.

وأوضح لفقيه، أن تقليص عدد الحقائب الوزارية وتجميعها في أقطاب استراتجية يشكل مؤشرا واضحا لتفعيل وتنزيل النموذج التنموي وتحقيق المزيد من استقلالية القرار الاستراتيجي عبر ترسيخ الديمقراطية التشاركية والنموّ الاقتصادي. وعليه فصياغة البرنامج الحكومي يجب أن يتضمن الآليات الكفيلة لتنزيل النموذج التنموي.

حرص ملكي على حسن التسيير والتنمية

وفي 12 ديسمبر 2019، عيّن الملك محمد السادس 35 عضوا في ما يعرف بـ”اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي”.

ومطلع 2020، أطلق المغرب لقاءات “اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي”، معنية باقتراح خطة للتنمية، أعدت تقريرها بعد نحو عام ونصف العام من انطلاق عملها.

وقد شدد الملك محمد السادس في خطابه في البرلمان، على أن “الميثاق الوطني من أجل التنمية”، يشكل آلية هامة لتنزيل هذا النموذج، باعتباره التزاما وطنيا أمامنا، وأمام المغاربة، موضحا بأن النموذج التنموي يفتح آفاقا واسعة، أمام عمل الحكومة والبرلمان، بكل مكوناته.

وحتى يتم التعاطي مع كل المشاريع المهيكلة بكثير من الحرص والفعالية وفي مقدمتها تعميم مشروع الحماية الاجتماعية، دعا الخطاب الملكي حكومة أخنوش الجديدة، إلى “الحرص على المزيد من التناسق والتكامل والانسجام، بين السياسات العمومية، ومتابعة تنفيذها”.

ودعا إلى إجراء “إصلاح عميق للمندوبية السامية للتخطيط، لجعلها آلية للمساعدة على التنسيق الاستراتيجي لسياسات التنمية، ومواكبة تنفيذ النموذج التنموي، وذلك باعتماد معايير مضبوطة، ووسائل حديثة للتتبع والتقويم”.

وبخصوص مؤهلات الحكومة لتنزيل مخطط النموذج التنموي وتعزيز الأمن الاستراتيجي للبلاد، يعتقد الفقيه أنه “من خلال بروفيلات الوزراء المعينين يتضح أنهم يمتلكون مؤهلات لتنزيل المخطط التنموي الجديد ويتضح ذلك من خلال تعيين شكيب بنموسى رئيس لجنة النموذج التنموي، وزيرا للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة على اعتبار أن قطاع التعليم يمثل الأرضية الأساسية لتنزيل النموذج التنموي”.

وتطرق الخطاب الملكي إلى الجانب الاقتصادي كمحرك أساسي بما فيه نسبة النمو والتضخم، كما دعا إلى مواصلة إنعاش الاقتصاد وتشجيع الشركات الصغرى والوسطى والصناعة الوطنية.

وأكد الملك محمد السادس أن اقتصاد بلاده يشهد “انتعاشا ملموسا، رغم الآثار غير المسبوقة لهذه الأزمة، وتراجع الاقتصاد العالمي عموما”.

وتابع “بفضل التدابير التي أطلقناها، من المنتظر أن يحقق المغرب، نسبة نمو تفوق 5.5 في المئة سنة.2021 وهي نسبة لم تتحقق منذ سنوات”.

وإلى جانب مؤسسات الدولة والحكومة، شدد العاهل المغربي على أن الأغلبية والمعارضة البرلمانية مدعوتان للانخراط في تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي جاء ثمرة لنقاش ومشاورات عمومية واسعة توخت خلق آفاق تنموية جديدة بالمغرب.

ويلفت حمزة اندلوسي الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، إلى أن قوة الدولة تتجسد من خلال قوة مؤسساتها والتي تعني استراتيجيات قطاعية فعالية وتعكس الرؤية التنموية للدولة وتقديم الخدمات في الآجال القانونية دون تجاوزات ودون القفز على حماية الموظفين حجر الزاوية في العمل الإداري، مضيفا في تصريح لـه أنه “من أجل مغرب جديد نعم للإصلاح مع إعطاء المؤسسات أدوارها التي تليق بها”.

وأجمع العديد من النواب على ضرورة تقوية الجبهة الداخلية ومؤسسات الدولة لمواجهة كل ما يمكنه أن ينال من استقرار وأمن المغرب ووحدته، في مقدمتها مواصلة الدفاع عن قضية الصحراء المغربية.

وأوضحت النائب خديجة الزومي في تصريحات صحافية أن “الملك كلف الحكومة باستراتيجية جديدة تنبني على الأمن الغذائي والطاقي”، واستنتجت النائب عن حزب الاستقلال أن “الكل مطالب الآن بالتكتل لمواكبة هذه الاستراتيجية خدمة للوطن”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: