عيّنت الأمم المتحدة الأربعاء الدبلوماسي ستيفان دي ميستورا مبعوثا جديدا للصحراء المغربية، بعد عامين على شغور المنصب، حيث نال إجماع الأطراف المعنية بالملف.
ووصف المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك هذا التعيين بـ”مؤشر إيجابي”، مضيفا أن المسؤول الأممي الجديد سيتولى منصبه في الأول من نوفمبر المقبل، وسيكون مقر دي ميستورا الإيطالي – السويدي في بروكسل حيث يعيش، بحسب الأمم المتحدة.
وجاء هذا التعيين بعد أن تم رفض اثني عشر مرشحا منذ شغور المنصب في مايو 2019، بعدما تركه الألماني هورست كوهلر لدواع صحيّة، حيث أفاد دوجاريك أن سبب تأخر تعيين المبعوث لقرابة السنتين كان لصعوبة العثور على الشخص المناسب لتولي هذه المهمة.
وقال هشام معتضد الخبير في العلاقات الدولية إن “مبعوث الأمم المتحدة الجديد سيسعى لإحياء العملية السياسية انطلاقا من المعطيات الجديدة والمكتسبات الميدانية التي تضبط إيقاع المتغيرات التي تؤطر هذا الملف”.
وأضاف أن “نجاح مهمة المبعوث الأممي الجديد رهين بمدى استعداد الجزائر والبوليساريو بتحمل مسؤولياتها كاملة والجلوس على طاولة المفاوضات بشكل جدي ومباشر”.
وتعليقا على هذا التعيين أعلن وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في بيان أن الولايات المتحدة ترحب بحرارة بتعيين دي ميستورا، مؤكدا أن بلاده ستدعم جهوده من أجل استئناف عملية سياسية.
ووافق المغرب على اسم دي ميستورا بمجرد تعيينه، حيث أكد عمر هلال سفير المملكة المغربية في الأمم المتحدة أنه يمكن للمبعوث الأممي الجديد أن يعول على تعاون المغرب ودعمه الثابت في تنفيذ مهمته لتيسير التوصل إلى تسوية لهذا النزاع الإقليمي، وفقا لقرارات مجلس الأمن منذ عام 2007، ولاسيما القرارات 2440 و2468 و2494 و2548، التي كرست مسلسل الموائد المستديرة مع الأطراف الأربعة المشاركة فيه ووفق المعايير المحددة.
ويرى رضا الفلاح أستاذ القانون الدولي أن المبعوث الجديد لا بد أن يستثمر رصيد القرارات الأممية الأخيرة لمجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء المغربية منذ 2017 والتي تشدد على الواقعية والحلول التوفيقية والقابلة للتطبيق، وهو ما يفرض أن يتمركز النقاش على الحل السياسي والطرح الواقعي والإيجابي كبديل ومخرج يحقق السلم والأمن الإقليميين على المدى البعيد.
وأوضح السفير المغربي عمر هلال أن “الرباط أكدت رسميا، خلال جلستي المائدة المستديرة السابقتين في جنيف بحضور الوزراء الجزائريين عبدالقادر مساهل ثم رمطان العمامرة، أن حل الخلاف حول الصحراء المغربية لن يكون إلا بالحكم الذاتي ولا شيء غير الحكم الذاتي، وذلك ضمن إطار السيادة المغربية ووحدة أراضيها”.
ويرى معتضد أن مهمة دي ميستورا تحتم عليه الالتزام بالقواعد السياسية والقانونية الأممية لإنهاء النزاع بشكل إنساني، لافتا إلى أن “التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة الذي قدمه لمجلس الأمن قبل يومين، سيكون بمثابة مرجع أساسي لبناء مقاربة مهمة للمبعوث الجديد من خلال معطيات تترجم موقف المجتمع الدولي ومؤسسته الأممية تجاه هذا النزاع الإقليمي”.
وقال هلال إن “دي ميستورا يعد من الفاعلين المحوريين في جهود الأمم المتحدة للتسوية السلمية للنزاعات، وأن خبرته الدبلوماسية الدولية الطويلة واستقلاليته وحياده سوف تساعده كثيرا في الاضطلاع بطريقة هادئة وبناءة بمهمة تيسير العملية السياسية المتعلقة بهذا النزاع الإقليمي”.
وخلص الفلاح أنه “لا يمكن أن يتغاضى المبعوث الجديد عن التطورات المرتبطة بالاعترافات الدولية والمتتالية بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، دون إغفال حجم وأهمية المشاركة السياسية للمواطنين في جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة ووادي الذهب في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة بالمملكة المغربية مع ما يعنيه ذلك على مستوى الشرعية الديمقراطية ومسلسل التنمية الاقتصادية والبشرية بالصحراء المغربية”.