تضمن تقرير أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة حول الأوضاع في الصحراء المغربية، حزمة من المكاسب الدبلوماسية والاقتصادية، فضلا عن تأكيده على التواجد الفعلي للعناصر المسلحة للبوليساريو في معبر الكركرات، ما يفنّد المساعي اليائسة لإخفائها من قبل الجبهة الانفصالية والجزائر.
قدّم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الكثير من المكاسب الدبلوماسية والاقتصادية والتنموية التي عرفتها الصحراء المغربية في السنة الحالية، كما تطرق إلى الأعمال العدائية التي قامت بها جبهة البوليساريو الانفصالية في معبر الكركرات ورصدتها بعثة المينورسو.
وأكد غوتيريش، في تقريره إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، أن العناصر المسلحة لـ”البوليساريو” كانت موجودة بالفعل في الكركرات في أكتوبر ونوفمبر 2020؛ وهو ما يدحض المحاولات اليائسة لـ”البوليساريو” والجزائر سعيا إلى إخفاء هذه الحقيقة.
وأبلغ غوتيريش المجلس بأنه منذ الثاني والعشرين من أكتوبر “مكنت عمليات استطلاع لـ’المينورسو’ بواسطة مروحية فوق الكركرات من ملاحظة وجود اثني عشر عنصرا مسلحا من البوليساريو بزي عسكري في المنطقة العازلة”.
هشام معتضد: التقرير يعد بوصلة هامة تجاه قضية الصحراء المغربية
وجاء ذلك ضمن تقرير غوتيريش السنوي حول الصحراء قدمه إلى مجلس الأمن الذي يغطي الفترة من الأول من سبتمبر 2020 إلى الحادي والثلاثين من أغسطس 2021.
ومن المنتظر أن يشهد ملف الصحراء المغربية مناقشات مستفيضة هذا الشهر داخل مجلس الأمن، منها تمديد أشغال بعثة المينورسو سنة واحدة إضافية (وتضم 235 مراقبا).
وأكد هشام معتضد الخبير في العلاقات الدولية أن التقرير السنوي الذي قدمه غوتيريش إلى مجلس الأمن بخصوص المكاسب الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية يندرج في إطار التوجه الدولي الذي يدعم عدالة القضية الوطنية والحقائق التاريخية والسياسية لملف الصحراء المغربية.
واعتبر في تصريح لـه أن “التقرير يعد بوصلة هامة في العمل الأممي تجاه قضية الصحراء المغربية وخارطة طريق المنتظم الدولي بخصوص هذا الملف”، موضحا أن الوعي السياسي المتزايد للفاعلين الأمميين والقادة السياسيين بعدالة القضية وحقائقها التاريخية وراء التراجع الكبير للأطروحة المفتعلة من طرف المرتزقة الإقليميين بقضايا المنطقة على حساب الاستقرار والأمن الدوليين.
وبخصوص أعمال السيادة التي مارسها المغرب على أرضه، سلط الأمين العام للأمم المتحدة الضوء على افتتاح ستّ وعشرين دولة من الدول الأفريقية والعربية لقنصلياتها العامة في كل من مدينتي العيون والداخلة، كما ذكر أن الولايات المتحدة كانت قد افتتحت في العشرين من ديسمبر 2020 قنصلية افتراضية في الصحراء المغربية، مما يدل على الاعتراف الدولي والدبلوماسي بمغربية الصحراء.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى الإعلان التاريخي للولايات المتحدة في العاشر من ديسمبر 2020، القاضي بالاعتراف بالسيادة الكاملة والتامة للمملكة المغربية على صحرائها، كما جددت تأكيد دعمها المقترح المغربي للحكم الذاتي الجاد وذي المصداقية والواقعي، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لهذا النزاع.
ولفت معتضد إلى أن “إشارة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى تواجد القنصليات والهياكل الدبلوماسية للعديد من الدول على مستوى الأقاليم الجنوبية للمملكة، تعد مكسبا سياسيا كبيرا وورقة قانونية كاملة الأركان ستساهم في بناء مسلسل التسوية الأممية لهذا النزاع المفتعل”.
وأضاف أن “تواجد الهياكل الدبلوماسية واعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه يمثلان ركائز أساسية ومكونات هامة في القانون الدولي وبذلك يدعمان سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية ووحدة الأراضي المغربية”.
وشدّد غوتيريش على استمرار التنمية الاقتصادية وتطورات في البنية التحتية للصحراء المغربية، فضلا عن استمرار المغرب في تنفيذ استثمارات بالأقاليم الجنوبية للمملكة، منها بناء طريق سيارة يربط تزنيت بالداخلة جنوبا، وبناء ميناء الداخلة الأطلسي بميزانية قدرها 12.4 مليار درهم (1.37 مليار دولار)، الذي سيمكن من ضخ دينامية في النشاط الاقتصادي بالأقاليم الجنوبية.
وعكس ما ادعته البوليساريو فقد أحاط غوتيريش مجلس الأمن علما بأنه تم إبلاغ “البوليساريو” من قبل بعثة “المينورسو” بأن وجودها في الكركرات يشكل “خرقا للاتفاق العسكري رقم 1” و”حثها على سحب أفرادها العسكريين ومركباتها من المنطقة العازلة”.
من المنتظر أن يشهد ملف الصحراء المغربية مناقشات مستفيضة هذا الشهر داخل مجلس الأمن، منها تمديد أشغال بعثة المينورسو سنة واحدة إضافية
ونفى الأمين العام للأمم المتحدة جميع مزاعم “البوليساريو” حول ما أسمته بحالة حرب على الميدان، مشيرا بوضوح إلى أن “هذه المجموعة المسلحة تقوم بأعمال عدائية منخفضة الحدة”، و”تتركز بشكل رئيسي في الشمال بالقرب من المحبس” والتي تراجعت بشكل كبير منذ يناير 2021.
وأشار غوتيريش في تقريره إلى أنه في منتصف نوفمبر 2020 أعلنت البوليساريو أنها لم تعد ملتزمة بوقف إطلاق النار الساري منذ عام 1991، موضحا أن القوات المسلحة الملكية ترد بشكل منهجي على استفزازات “البوليساريو” ومضايقاتها على الأرض.
وعلق الخبير في العلاقات الدولية أن نفي الأمين العام للأمم المتحدة جميع مزاعم البوليساريو حول ما أسمته بحالة حرب في الميدان يترجم نوعية الأطروحة التي تسوق لها الجبهة في المنطقة ومدى سعيها لجر المنطقة إلى نوع من اللااستقرار ولو من خلال بلاغات كاذبة ووشايات سياسية تهدد الأمن القومي في المنطقة.
كما أكد معتضد أنه “بالإضافة إلى تبني البوليساريو أطروحة مفتعلة ذات أطماع استرزاق سياسي على المستوى الدولي، فالجبهة أكدت على نهجها أسلوبا استراتيجيا خطيرا تريد من خلاله زعزعة الاستقرار في منطقة شمال أفريقيا ولو عن طريق انتحار كيانها سياسيا باللجوء إلى تكتيك العصابات العابرة للدول”.
وختم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره بأن “استئناف العملية السياسية أصبح أكثر إلحاحا، ويتعين على الأطراف الاتفاق على تعيين مبعوث للأمم المتحدة لإعادة إطلاق الحوار السياسي حول الصحراء”.
وتأكيدا على مباحثات جنيف التي جمعت كلا من الجزائر والمغرب وموريتانيا والبوليساريو، التي رعتها الأمم المتحدة قبل عامين تقريبا، أكد روش كابوري رئيس بوركينافسو أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة على دعمه للعملية السياسية الجارية بقيادة الأمين العام للأمم المتحدة، والتي تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ومستدام.