أصدرت المحكمة الأوروبية للعدل حكما بإلغاء البروتوكول 1 و4 المرتبط بالشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بخصوص الاتفاق الزراعي واتفاق الصيد البحري.
وقالت المحكمة الأوروبية إن الاتفاقات المطعون فيها ستبقى سارية لفترة زمنية معينة، معتبرة أن “الإلغاء الفوري ستكون له عواقب وخيمة على العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي، ويطرح تساؤلات حول الأمن القانوني للالتزامات الدولية التي وافق عليها”.
وأكد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية المغربي وجوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، في تصريح مشترك، “أننا سنتخذ الإجراءات اللازمة لضمان الإطار القانوني الذي يضمن استمرار واستقرار العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية”.
وأضاف الطرفان “إننا سنظل مستعدين بالكامل لمواصلة التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية في جو من الهدوء والالتزام، من أجل تعزيز الشراكة الأورو – مغربية للازدهار المشترك، والتي انطلقت في يونيو 2019، كما سنواصل العمل على تطوير الأبعاد المتعددة لهذه الشراكة الاستراتيجية، بنفس روح التعبئة والتماسك والتضامن”.
وقال صبري الحو، الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء، إن “إصدار محكمة العدل الأوروبية قرار إلغاء اتفاق الصيد البحري والاتفاق الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يعني أن هذا القضاء تجاوز كل الضوابط القضائية المتعلقة بالصفة والأهلية”.
وأوضح أن “البوليساريو لا تتمتع بالصفة في اللجوء إلى القضاء وفقا لقرار نفس المحكمة سنة 2016، فهي لا تستمد أوراق وجودها القانوني من إحدى الدول المعترف بها دوليا، وأيضا لا يعترف بها الاتحاد الأوروبي ولا الأمم المتحدة ولا منظمة دول عدم الانحياز وغيرها كدولة”.
وقال قرار المحكمة الأوروبية إن “مقدم طلب الطعن (جبهة البوليساريو) لا يتمتع بالشخصية القانونية بموجب القانون الداخلي لدول الاتحاد، ولا يخضع للقانون الدولي ولا يفي بالمعايير التي وضعتها محاكم الاتحاد بهدف الاعتراف بالقدرة على رفع دعاوى قانونية”.
واعتبر صبري الحو أن “القرار شأن أوروبي محض والمغرب ليس طرفا فيه، ولا متدخلا في الدعوى رغم الإمكانية القانونية له في النظام الداخلي للمحكمة، واختار عدم التدخل وحسنا فعل، فالحقوق المغربية ذات شرعية تاريخية”.
ودخل اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ قبل سنتين، بعدما تم توقيعه في العاصمة البلجيكية بروكسل، ويرتكز على بروتوكولات تفاهم متعاقبة، ويتيح للسفن الأوروبية الصيد بمنطقة الصيد البحري بالمملكة.
وأفاد صبري الحو بأن “القرار بمثابة اتخاذ لموقف سياسي واضح ومسبق متحيز وغير حيادي لصالح البوليساريو، واتخاذ نظير هذا الموقف يعني أن هنالك قصورا في الفهم والتنسيق بين أجهزة وآليات الاتحاد الأوروبي، مجلس أوروبا المفوضية والبرلمان”.
وشدد على أن “البرلمان الأوروبي بصفته الجهة التي تعكس إرادة الأمة الأوروبية صادق على الاتفاقيات، ويشرع القوانين، فكيف لجهة قضائية (المحكمة الأوروبية) تسهر على احترام هذه الإرادة أن تلغي اتفاقا صادق عليه البرلمان الأوروبي”.
وسبق لمحكمة العدل الأوروبية أن أصدرت سنة 2018 قرارا ترى فيه أن ضم إقليم الصحراء إلى اتفاقية الصيد البحري “يخالف بعض البنود في القانون الدولي”، وهو القرار الذي رفضه المغرب.
وأكدت الحكومة المغربية أن “القرار الصادر عن محكمة العدل الأوروبية لا يمس حق المغرب في توقيع اتفاقيات دولية تشمل أقاليمه الجنوبية”.
ولفت الحو إلى أن “استغلال الثروات الطبيعية في الصحراء المغربية محكوم بقواعد القانون الدولي وبالرأي الاستشاري لهانس كوريل في فبراير 2002، الذي يشترط فقط أن تنفق في تنمية الإقليم ولصالح السكان”.
وأوقف المغرب كافة الاتصالات مع الاتحاد في الخامس والعشرين من فبراير 2016، ردا على حكم أولي لمحكمة العدل الأوروبية يقضي بإلغاء اتفاقية تبادل المنتجات الزراعية والصيد البحري بين الجانبين، لتضمنها منتجات الصحراء المغربية، ثم قررت الرباط في الشهر التالي استئناف الاتصالات مع بروكسل، بعدما تلقت المملكة تطمينات بإعادة الأمور إلى نصابها.
وأكد جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، أن هذه الشراكة المتكافئة تقوم على علاقة ثنائية متينة، مبنية على الثقة والاحترام المتبادل، بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي، والتي تساهم في نفس الوقت في تعزيز هذه العلاقة الثنائية من جهة، ومع الدول الأعضاء من جهة أخرى.
وخلص صبري الحو إلى أنه “على أوروبا أن تعالج مشاكل أجهزتها، وأن تمارس الطعون بما في ذلك الاستئناف، أما المحكمة الأوروبية فهي جهة استئنافية لتصحيح هذا القرار المجحف وغير القانوني، لتضمن الاستقرار لعلاقاتها الاستراتيجية مع المغرب.